خبير في الإقتصاد البحري يؤكد على أهمية ترسيم الحدود البحرية للمغرب

0
Jorgesys Html test

أكد محمد الناجي الخبير في اقتصاد الصيد البحري على أهمية النصوص التشريعية والتنظيمية حول المجال البحري التي صادقت عليها الحكومة ضمن أشغال مجلسها الذي انعقد يوم الخميس 06 يوليوز 2017، والذي سيتم بموجبها تثبيت الولاية القانونية للمملكة على مجالاتها البحرية.

وأوضح محمد الناجي أستاذ اقتصاد الصيد البحري في معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، أن الحكومة المغربية قد تأخرت في تحيين هذه النصوص التشريعية والتنظيمية المرتبطة بتحيين وتتميم الإحداثيات الجغرافية المتعلقة بخطوط الأساس وخطوط انسداد الخلجان على الشواطئ المغربية، على أساس المعطيات العلمية الجديدة، بما يمكن المغرب من تحديد مجالاته البحرية بشكل أكثر دقة وملائمة مع مقتضيات القانون الدولي للبحار، في أفق تقديم الملف النهائي لتمديد الجرف القاري. وهو ما جعل المغرب مجبرا على إصدار القانون 37-17 قبل متم هذه السنة، بعد أن كان البلد قد أمهل عشر سنوات لإخضاع قوانينه، للملاءمة مع نص إتفاقية الأمم المتحدة حول البحار التي صادق عليها سنة 2007. وهي المهلة التي إنتهت شهر ماي المنصرم.

وقد عرف المغرب تأخرا كبيرا، بعد أن وصل للسنة الأخيرة التي من المفروض أن يقوم فيها بملاءمة تشريعاته مع مقتضيات الإتفاقية، رغم أن البلاد تتوفر على تشريعات وطنية ملائمة مع القانون الدولي للبحار مند مدة، خصوصا اعتماد المنطقة الإقتصادية الخالصة المحددة في 200 ميل التي تعد من مقتضيات الاتفاقية، بعد أن كان المغرب قد أعلن سنة 1981 عن تبنيه مفهوم المنطقة الإقتصادية على جل السواحل المغربية باستثناء المناطق الجنوبية.

وأوضح محمد الناجي الذي تحدث للبحرنيوز في إتصال هاتفي، أن هناك ثلاثة مفاهيم مهمة يجب التمييز بينها عند إثارة نص إتفاقية الأمم المتحدة حول البحار، حيث يبرز مفهوم المياه الإقليمية، التي يتم تحديدها في 12 ميلا بحريا، وهو مفهوم معروف ولا يحتاج إلى نقاش بإعتباره إمتداد للمجال القاري. وما ينطبق على هذا المجال البحري هو نفسه ما ينطبق على المجال القاري ويعتبر إختراقه من طرف سفينة أجنبية بمثابة إقتحام لمياه الدولة الساحلية، مما يجعل الدخول إلى هذه المياه مشروط بموافقة البلد الساحلي، الذي يتعامل معها كقطعة غريبة يتم إعتراضها من طرف خفر السواحل في حالة عدم حصولها على الإذن المسبق للدخول.

وتعتبر المنطقة الممتدة ما فوق 12 ميل و إلى حدود 200 ميل منطقة إقتصادية خالصة كمفهوم ثاني ضمن القانون الدولي للبحار يسجل المصدر، وهي منطقة تسير بوضع خاص، لكون الدول المحاذية للساحل تملك حق الاستغلال، فيما تملك الدول الأخرى حق المرور في ذات المنطقة الذي يبقى مكفولا، وكدا البحث العلمي للمؤسسات الأجنبية، لكنه لا يتيح استغلال ثروات المنطقة، التي تبقى حكرا على الدول الساحلية لوحدها.

وتحضى المنطقة الإقتصادية الممتدة على 200 ميل (أو ما يمثل 360 كلم بالساحل تقريبا) يقول الناجي بأهمية خاصة، لكون هذا الامتداد يتوفر غالبا على ما يفوق 90 في المائة من الثروة البحرية، سيما السمكية.  بالإضافة إلى الموارد المتواجدة بقعر البحار، وما دون القعر.  كأن يستغل البلد الساحلي القعر في وضع أنابيب للغاز او أسلاك الألياف، أو غيرها.  ثم هناك ما دون القعر، كالبترول والغاز، وغيرها من الموارد…هذا فضلا عن المورد الثالث المتمثل في المعادن المتوفرة فقط في هذه المنطقة، والتي تكون بدورها حكرا على الدولة الساحلية، كمورد يحظى بنقاش كبير على مستوى العالم. وهي معطيات تجعل التحدي الإقتصادي حاضرا في توجهات المغرب نحو ترسيم وتحديد إمتداده البحري، خصوصا المنطقة الإقتصادية للإستفادة من الإمكانيات التي توفرها.

وبالإضافة إلى المفاهيم المذكورة آنفا، يبرز مفهوم الجرف القاري كمفهوم ثالث تضمنه القانون الدولي للبحار يضيف الخبير في الإقتصاد البحري. وهو مفهوم جيوفزيائي كإمتداد طبيعي للقارة.  فتحت البحر هناك رسوبيات وصخور تمتد من القارة وتعتبر جزأ منها.  وتكون مسافة الجرف القاري عموما قصيرة في حدود 50 أو 100 كلم، لكن في بعض الأحيان تتجاوز مسافته 200 ميل.  وهو ما يطرح إشكالية في تحديد صاحب السيادة على هذا الجرف، أهي دولة الساحل أم يدخل في إطار المياه الدولية؟  خصوصا أن إتفاقية البحار عمدت إلى تحديد المفهوم القانوني للجرف القاري، وليس المفهوم الجيوفزيائي.

وبالرجوع إلى المفهوم القانوني فعند تجاوز 200 ميل تمنح الفرصة للدولة الساحلية بتقديم طلب معزز بدراسات علمية وتقنية وغيرها للجنة الجرف القاري للأمم المتحدة، وفقا للمادة 76 لإتفاقية الأمم المتحدة حول البحار. تلتمس من خلاله الدول الساحلية يوضح المصدر، تمديد المساحة المتعلقة بالجرف القاري، لما فوق 200 ميل، لتستفيد منه بكل الإمتيازات التي تضمنها الإستفادة من هذا الجرف .

وللتقدم بهذا الطلب، أحدثت الحكومة المغربية يقول محمد الناجي سنة 2013 لجنة تسمى لجنة الجرف القاري، والتي أوكلت بها مهمة إعداد طلب تمديد الجرف القاري لما فوق 200 ميل، حيث كانت أمامها مسؤولية إعداد الطلب قبل نهاية سنة 2017. وتجدر الإشارة أن دول موريتانيا وإسبانيا والبرتغال قد قامت سابقا بطلباتها في الموضوع، كدول من المفروض أن يتقاسم معها المغرب جرفه القاري كمنطقة للتماس، فيما ظل المغرب متأخرا عن الركب. حتى أنه كان من المفروض تقديم المغرب لطلبه قبل متم شهر ماي المنصرم.

ويصطدم المغرب عند رغبته في التمديد بدول كإسبانيا والبرتغال، خصوصا على مستوى جزر الكناري التابعة لإسبانيا وجزر الخالدات التابعة للبرتغال، ما يطرح صعوبة التعاطي مع هذا الملف. فالعادة المعمول بها في مثل هذه الحالات يسجل الناجي، تبقى هي تحديد الوسط إنطلاقا من احتساب المسافة، فأقرب جزيرة للمغرب هناكبورتافانتورا، التي تبعد عنا ب 100 كلم.  ما يصعب مأمورية تمديد المغرب لجرفه القاري لما فوق 200 ميل. والقانون الدولي يقترح خيار اقتسام 100 كلم مناصفة بين المغرب والجزيرة.  وهو معطى لا يخدم مصالح المغرب، ما يبرز أهمية التعديل ووضع قانون خاص، لأن اللجوء إلى حل الوسط يبقى عاجزا وغير عادلا يشير الناجي. فالجزر لا تملك جرفا قاريا، لكونها مجرد بنيات بركانية.

وإذا تم اعتماد مبدا المناصفة فإسبانيا ستدخل في الملك القاري للمغرب حسب الأستاذ بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة.  ما دفع بمشروع القانون 37-17 إلى الانفتاح على بدائل أخرى لترسيم الحدود، تكون أكثر عدلا، وتجنبه فقدان جزء معتبر من جرفه القاري، بناء على تفعيل غير منصف للقانون الدولي للبحار. فالمغرب عدل القانون لترسيم 200 ميل في المناطق الجنوبية، وكدا لترسيم المقاربة الجديدة لتحديد الرسوم في المناطق التي يكون فيها تماس، خصوصا في امتداده القاري. وذلك ضمانالاستفادته من الإمكانيات التي يوفرها الامتداد، مع حماية حدوده، بعد أن باشرت جزر الكناري التنقيب في بعض المناطق الخاضعة لإشكالية التقسيم.

وأردف الناجي أن إسبانيا لا تريد ترسيم الحدود البحرية بينها مع المغرب في الأقاليم الجنوبية، وهي أكثر وعيا بكون جارها الجنوبي إذا ما تمت الإستجابة لمشروعه الرامي إلى ترسيم حدوده البحرية من طرف لجنة الأمم المتحدة، فهواعتراف صريح بسيادة المغرب على المياه المحادية للأقاليم الجنوبية، كما يعكسه القانون الذي صادقت عليه الحكومة والذي سيعزز سيادة المغرب على مياهه وأراضيه. فالملتمس الذي يقدمه المغرب هو يقدمه بالأساس للمناطق الجنوبية ،  بالإضافة إلى كون السفن التي تريد المرور بالمياه الجنوبية والتي كان المغرب يغض طرفه عنها تفاديا للإحتكاك، ستصبح مجبرة على الإعتراف، وبشكل صريح  بكونها تمر من مياه تقع تحت السيادة المغربية.

وصادق مجلس الحومة يوم الخميس الماضي على قانونين ومرسوم تتعلق بتعديل النصوص التشريعية والتنظيمية الوطنية المتعلقة بالمجالات البحرية، من خلال ادراج مقتضيات، تهدف الى إدراج المجالات البحرية قبالة سواحل الصحراء المغربية بشكل صريح في المنظومة القانونية الوطنية، وذلك لتثبيت الولاية القانونية للمملكة عليها، وسد الباب أمام كل الادعاءات المشككة في أنها لا تدخل في نطاق السيادة المغربية. كما تهدف أيضا إلى تحيين وتتميم الإحداثيات الجغرافية المتعلقة بخطوط الأساس وخطوط انسداد الخلجان على الشواطئ المغربية، على أساس المعطيات العلمية الجديدة، بما يمكن المغرب من تحديد مجالاته البحرية بشكل أكثر دقة وملائمة مع مقتضيات القانون الدولي للبحار، في أفق تقديم الملف النهائي لتمديد الجرف القاري. وكدا ترسيم المنطقة الاقتصادية الخالصة في عرض سواحل الأقاليم الجنوبية للمملكة، وإدراجها صراحة ضمن المنظومة القانونية الوطنية. وتم حذف الإحالة إلى الخط الأوسط كمنهج وحيد لترسيم الحدود البحرية، والتنصيص على مبدأ الإنصاف الذي يعتبر أكثر تجاوبا مع مصالح المملكة وأكثر مسايرة للممارسة والقانونين الدوليين.

وسيسمح القانونين الجديدين والمرسوم بتوسيع الإمكانيات لرسم الحدود، كما من شأنها أن تشكل أساسا شاملا لأي تفاوض حول أي اتفاق، حسب مصطفى الخلفي الناطق الرسمي باسم الحكومة الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الذي كان قد أشار في تصريح سابق أن هذه النصوصستمكن من تحديد مجالات المغرب البحرية بشكل أكثر دقة في أفق تقديم الملف النهائي لتمديد ملف الجرف القاري”.

 

Jorgesys Html test Jorgesys Html test

أضف تعليقا

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا