“معامل السمك بآسفي ليست مزابل ….ومنتوجاتها البحرية سفيرة للمغرب ب 100 بلد”
يعيش الوضع الصناعي المرتبط بوحدات تصبير السمك بمدينة أسفي حالة من الترقب والقلق، في إنتظار إشارة السلطات لإستئناف وحدات التصبير لأنشطتها، وإستعادة عمالها وعاملاتها. لاسيما وأن التوقف الحاصل اليوم له إنعكاسات كبيرة على علاقة المصدرين المسفيوين، بزبنائهم المتواجدين ب 100 دولة حول العالم. فيما تعرف الساحة المحلية نوعا من الغليان بين أرباب الوحدات الصناعية وبعض الفاعلين على المستوى المحلي، حول تدبير فترة الحجر الصحي في علاقته بالجانب الصناعي. في هذا الحوار تستضيف البحرنيوز حسن السعدوني الكاتب العام لجمعية المقاولين وأرباب المصانع بآسفي الذي سنطرح عليه خمسة أسئلة في الموضوع.
حاوره سعيد المنصوري
مرحبا بكم حسن السعدوني، فقد إستبشر الجميع بتصنيف أسفي ضمن منطقة التخفيف رقم 1 ، بخصوص مخطط البلاد في سياق رفع الحجر الصحي.. لكن سرعان ما رجعت المدينة لنقطة الانطلاقة، بعد إكتشاف تفشي الفيروس في بؤرة صناعية ، هل الفاعلون الصناعيون لم يستوعبو الدرس في علاقتهم بتدبير هذه المرحلة؟
شكرا البحرنيوز على هذه المساحة الصحفية، وتحية لكل متتبعي هذه الجريدة المتخصصة في الشأن البحري ، أريد فقط أن أبدأ كلامي مذكرا بأن الفيروس هو فيروس عالمي وارد على المغرب ، وتداعياته بلغت مختلف البقاع . وهنا أغلق هذا القوس بالتأكيد على أن الفاعلين الإقتصاديين بآسفي ، هم عارفون بالوباء ، وواعون بأهمية التدابير الإحترازية، التي قامت بها لجنة اليقظة بمدينة أسفي، والتي كان المصنعون سباقون إليها بتوجيهات من الإتحاد العام لمقاولات المغرب. وللتدكير أيضا فجميع الوحدات هي وحدات مصدرة. وهذه الوحدات لها معايير وتدابير ، خصوصا على مستوى المراقبة الذاتية. فكل وحدة تتوفر على أطر بدرجة عالية من الكفاءة. يهتمون فقط بجانب المراقبة وتتبع جودة المواد ، التي ترد على المعمل، ومراقبة أيضاوضعية العمال والعاملات. فقد ظلت هذه الوحدات تستعمل الكمامات وكذا بدلات العمل التي يشترط فيها النظافة حتى قبل تسطيرها من طرف الجهات المختصة.
إتهم كثيرون أرباب الوحدات الصناعية بالتعامل مع إنتشار الوباء بنوع من الإستخفاف، وعدم التعاطي بنوع من اليقظة، على مستوى تهيئة الظروف المساعدة على محاربة الوباء . تعليقكم ؟
بالعكس تماما، فأرباب الوحدات كانوا مبادرين بالإنخراط في مواجه الفيروس ، منذ إعلانه بالبلاد ، كما عملوا على تأمين إستمرارية الإنتاج في ظل المخاوف المرتبطة بمستقبل الفيروس، وما يتطلبه من تخزين إحتياط إسترتيجي، يغني بنك الغذاء بالبلاد، لاسيما وان الأوبئة عادة ما تتبعها مجاعات. فاستقرار البلاد يرتبط بتعزيز هذا المخزون. لدى فعمال هذه الوحدات ظلوا يحضون باهتمام خاص من حيث الصحة وظروف العمل. إلى جانب ذلك طبقت صناعات التصبير بصرامة، قواعد الوقاية المنصوص عليها من طرف الجهات المختصة من تعزيز الوعي المهني، وقياس درجة الحرارة، والتباعد الإجتماعي، وارتداء الأقنعة والقبعات …). كما تمت زيارة جميع وحدات الإنتاج عدة مرات، منذ بداية حالة الطوارئ الصحية ، من قبل لجنة مراقبة تم خلقها لمتابعة تطبيق الإجراءات الوقائية داخل الوحدات الصناعية. لكن أريد أن أشدد هنا بأننا كلنا مسؤولون . فالمقاولة مسؤولة بتوفير فضاء سليم وظروف تراعي شروط الصحة والسلامة ، لكن بالمقابل فالعامل أيضا مسؤول، لأنه عندما يغادر المقاولة يتصل بأشخاص يجهل وضعهم الصحي ويخالطهم .. وكمثل بسيط فعند عودة مريض من فثرة نقاهة او إستشفاء، يقوم هؤلاء العمال بعيادته فرادى وجماعات. وهذه عادة من عادات البلاد المرتبطة بزيارة المريض، ولا يمكن إقناع المواطن بالتخلي عنها بسهولة، رغم المخاطر المحيطة بهذه الزيارة في الظرفية الحالية في ظل تفشي الوباء.
يظهر للعيان أن تفشي الوباء بأسفي حضي بتداول كبير من طرف الإعلام المحلي والوطني .. لماذا هذه الهالة الإعلامية، التي تناولت الوحدات الصناعية بكثير من الانتقاد ؟
سؤال قد يكون بلا تعليق وخصوصا ان البعض سامحه الله ذهب إلى أبعد من ذلك، ونعث معامل أسفي ب “المزابل”، وهو ما يدفعنا للتوضيح بعد أن تغافل هؤلاء عن كون هذه المصانع والوحدات الإنتاجية تصدر منتوجاتها البحرية ، لمائة دولة وتشغل يد عاملة هامة. فصناعة التصبير بآسفي توفر قرابة 8000 وظيفة مباشرة و 30.000 وظيفة غير مباشرة. من أصل 26000 منصب مباشر و100000 منصب غير مباشر على المستوى الوطني. فقربة ثلث الوظائف المرتبطة بصناعة التصبير، هي متمركزة بآسفي، التي تتوفر اليوم على 20 وحدة نشيطة من أصل 45 وحدة على المستوى الوطني. وتصدر هذه الصناعة أكثر من 90٪ من إنتاجها إلى أكثر من 100 دولة حول العالم ، بما فيها القارة الأمريكية والأوربية والإفريقية وحتى الأسيوية، وما يعنيه ذلك من جلب للعملة الصعبة، التي تحتاجها البلاد. فقيمة صادارت وحدات التصبير بآسفي تصل ل 175 مليار سنتيم، يتم تسلمها بالعملة الصعبة. كما أن 60 في المائة من الوحدات هي تتوفر على شهادة الجودة والسلامة، ما يجعلها رائدة على المستوى الوطني. لكن بالمقابل يقوم البعض بالقذف المباشر لهذه الوحدات، ونعثها بالمزابل ف“معامل السمك بآسفي ليست مزابل ….ومنتوجاتها البحرية سفيرة للمغرب ب 100 بلد”. وحتى أجيب بشكل دقيق على سؤالكم، فتهويل كوفيد 19 بآسفي ، كان منتظرا في ظل ما حققته المدينة، في حربها على الفيروس التاجي. حيث إستطاع الإقليم بفضل الدور الكبير للجنة اليقظة والسلطات الإقليمية وكذا الوعي المواطن، أن يصمد في وجه أي إختراق محتمل لتسرب كوفيد 19 لمدة طويلة، ما جعل الأنظار تتجه أكثر للإقليم بمجرد ظهور إصابات. لكن صراحة، فالبعض قد حمّل الواقعة أكثر مما تتحمل. وبالمقارنة مع بؤر وبائية صناعية تم إعلانها بعدد من مدن المغرب، يبدو أن الأمر إتخذ سياقات أخرى، لامجال للخوض فيها. فنحن اليوم مطالبون بالتعايش مع الوباء. لأننا لا نسطيع العيش من دون مقاولة. لكن بالمقابل واقع الحال يفرض حماية المكون الإجتماعي، وتعزيز شروط السلامة بشكل يمنح سبل السيطرة على الوباء ومواجهته بشكل إستباقي، عبر الإعتماد على ما تتيحه التكنولوجيا من إمكانيات هائلة.
المتتبع للشأن البحري يعي جيدا أهمية الإستمارات على مستوى الصناعات السمكية بالمنطقة، رغم تراجعها في العقدين الآخيرين . فهل سيكون لهذه التداعيات تأثير إضافي في خنق هذه الوحدات الإنتاجية؟
التوقف ستنجم عنه طبعا عواقب وخيمة من حيث التصدير. فالزبائن يطلبون بإستمرار السلع المتوفرة بالمدينة، خصوصا الأسواق الإفريقية والأوربية. وتأخير تنفيذ الطلب، قد يفقد المصدرين ثقة زبنائهم ، كما سيضيع على البلاد عملة صعبة وزبناء مميزين ، وذلك في ظل ضغط الوقت في هذه الظرفية المطبوعة بتداعيات كوفيد 19. فالمنتوج المغربي يواجه منافسة قوية من طرف الصين وكذا بعض الدول المصدرة. رغم ما يتميز به منتوجنا من جودة عالية. غير أن الزبون يبحث على السلعة أولا، ولا يفكر في الجودة، بقدر ما يفكر في إرضاء طلبيات زبنائه. فالمطلوب اليوم هو التكيف مع الفيروس، والتعامل بنوع من المرونة، خصوصا في إنعاش النشاط الصناعي، وضمان إستمراريته بالشكل المطلوب، وتحفيزه بالتكنولوجيا الحديثة على مستوى التصدي للوباء .
آسفي شريان إقتصادي مهم بجهة مراكش آسفي .. كيف تتعامل السلطات مع تدبير الأزمة الحالية، التي ستكون لها إمتدادات كبيرة على إقتصاد المنطقة وتدبير سوق الشغل ؟
صراحة فسلطات آسفي ترفع لها القبعة على المجهودات الجبارة ، التي تم بدلها طيلة أيام الحجر الصحي. فطيلة الفترات الماضية كانت لجن التفتيش تحل بشكل متواصل بالوحدات الصناعية. خصوصا وأن الأمر يتعلق بمجموعة من المتدخلين في سلسلة الإنتاج وصولا للتصنيع والتصبير، بما يتطلبه ذلك من شروط صارمة على مستوى البعد الصحي والجودة. حيث تتم معالجة الأسماك الطرية، التي يجب أن تعمل في حدود زمنية وفي بيئة صحية معقمة تمامًا. ونحن فخورون بالتجاوب الكبير الذي تفاعل به الفاعلون المهنيون على مستوى وحدت التصبير، مع توصيات وتوجيها لجن المراقبة. فالفاعلون يسيرون في إتجاه إصدار دليل يرتبط بطريقة مواجهة الفيروس والتكيف معه، بشكل يضمن الوقاية وإستمراية الأداء .