أظهرت دراسة علمية حديثة، أنجزها فريق مشترك من باحثين مغاربة وأوروبيين، عن وجود مستويات مثيرة للقلق من “الميكروبلاستيك والمعادن الثقيلة” في أسماك الماكرو (Trachurus trachurus) والسانت بيير (Saint Pierre أو ما يعرف Zeus faber)، التي تشكل مكونًا رئيسيًا في النظام الغذائي للمغاربة. ورغم أن النتائج لا تشير إلى مخاطر وشيكة على البالغين، إلا أن “الأطفال يظلون الأكثر عرضة” للتأثيرات الصحية المحتملة.

وتشير الدراسة التي أورد تفاصيلها موقع “leseco.ma”، والمقرر نشرها في فاتح شتنبر 2025 بمجلة “Science of the Total Environment”، إلى أن هذه النتائج تقدم لأول مرة صورة دقيقة عن “التلوث البحري بالساحل الأطلسي الشمالي والأوسط للمغرب”، وانعكاساته المحتملة على صحة الإنسان. حيث تم جمع عينات الأسماك موضوع الدراسة في مارس 2018، خلال رحلة بحثية للباخرة العلمية “الشريف الإدريسي” التابعة للمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري (INRH)، على طول الشريط الساحلي الممتد من العرائش شمالًا إلى طانطان جنوبًا، وهي منطقة بحرية غنية بالثروة السمكية لكنها تعاني ضغطًا متزايدًا من الأنشطة الصناعية والعمرانية.
وفي هذه العينات المكونة من “122 سمكة”، بينها 96 ماكرو و26 سانت بيير، تم رصد ابتلاع الميكروبلاستيك في %46 من الحالات، خاصة على شكل ألياف بلاستيكية. كما تم تحديد ثلاثة أنواع من البوليمرات: **البولي أميد، البوليستيرين والأكريليك**. وفي ما يتعلق بالمعادن الثقيلة، أظهرت التحاليل وجود الزئبق والكادميوم والزنك في نحو %97 من العينات، حيث جاء الكادميوم في المرتبة الأولى بمتوسط 3,24 ميكروغرام/كغ من الوزن الجاف، يليه الزئبق (2,75) ثم الزنك (2,73)
ورغم أن هذه المستويات تبقى دون الحدود التنظيمية المسموح بها، إلا أن الدراسة حذرت من أن “الاستهلاك المفرط للأسماك قد يمثل خطرًا صحيًا على الأطفال”، لاسيما إذا تجاوز تناول الماكرو ثلاث مرات أسبوعيًا أو السانت بيير خمس مرات، حيث يصبح مؤشر الخطر فوق العتبة الحرجة التي تنذر بتأثيرات سامة محتملة.
ويرى الباحثون أن هذا التلوث يعكس تداخل عوامل عدة، منها نمط عيش الأسماك وغذاؤها، بالإضافة إلى تأثير “التيارات البحرية” التي تسهم في انتشار الملوثات. كما شددوا على أن العلاقة بين وجود الميكروبلاستيك والمعادن الثقيلة ليست حتمية، إذ يمكن لسمكة أن تحمل نسبة مرتفعة من البلاستيك دون أن تحتوي بالضرورة على معادن سامة، والعكس صحيح.