يخلد الشعب المغرب اليوم الثلاثاء الذكرى الـ43 للمسيرة الخضراء، وهو حدث جيلي ونوعي جسد أروع صور التلاحم بين العرش العلوي المنيف والشعب المغربي الأبي من أجل استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية الوطنية.
إنها الذكرى 43 للمسيرة الخضراء المظفرة التي أبدعتها عبقرية الملك الموحد جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه، وانطلقت فيها جماهير المتطوعين من كل فئات وشرائح المجتمع المغربي، ومن سائر ربوع الوطن في مثل هذا اليوم من سنة 1975 بنظام وانتظام في اتجاه واحد صوب الأقاليم الصحراوية لتحريرها من براثن الاحتلال الإسباني.
وتسلح المغاربة بقوة الإيمان وبأسلوب حضاري سلمي فريد من نوعه، أظهر للعالم أجمع صمود المغاربة وإرادتهم الراسخة في استرجاع حقهم المسلوب وعزمهم وإصرارهم على إنهاء الوجود الأجنبي والاستيطان الاستعماري، بتماسكهم والتحامهم قمة وقاعدة، حيث حققت المسيرة الخضراء المظفرة أهدافها وحطمت الحدود المصطنعة بين أبناء الوطن الواحد، سلاحها كتاب الله، والدفاع عن حمى الوطن وحياضه، والتمسك بالفضيلة وبقيم السلم والسلام في استرداد الحق المسلوب والذود عنه.
وبداية من عودة الأقاليم الجنوبية إلى حظيرة الوطن في عام 1975، عرف قطاع الصيد البحري نموا متصاعدا تمثل في تزايد وحدات الصيد البحري، سواء الصيد التقليدي أو الساحلي والصناعي وكذا الصيد بنظام التجميد، وارتفاع عدد البحارة العاملين في وحدات الصيد. كما تم تعزيز التجهيزات التحتية المرتبطة بقطاع الصيد البحري سيما على المستوى المينائي بمنشآت جديدة بهدف إعطاء دفعة قوية للنشاط الاقتصادي بالمنطقة، واستثمار المؤهلات التي تزخر بها سواحل المنطقة.
وتوجد بالأقاليم الصحراوية اليوم أربعة معاهد لتكنولوجيا الصيد البحري بكل من مدن العيون، الداخلة، طانطان وبوجدور، يتخرج منها سنويا عدد كبير من البحارة والضباط بمختلف تخصصاتهم، يشتغلون بمراكب الصيد بمختلف أنواعها، إضافة إلى مهن أخرى بالقطاع العام أو الخاص كوزارة الصيد البحري، وزارة التجهيز، المكتب الشريف للفوسفاط، ومعاهد الأبحاث والدراسات البحرية، ومكتب استغلال الموانئ.
كما أصبح البحر فضاء لاستقطاب الاستثمار الخاص ، خصوصا في مجال التصنيع السمكي وقطاع التجميد، حيث أصبحت المدن الجنوبية للمملكة تتوفر على العديد من وحدات التصنيع، سيما بالداخلة والعيون، وهو إهتمام رافقته مجهودات كبيرة على مستوى إرساء وتقوية البنيات التحتية لقطاع الصيد وذلك ببناء موانئ على طول الساحل والإهتمام بقرى ونقط الصيد، وكذا وضع دينامية نمو متصاعدة في الاستثمار العمومي والخاص للصيد، فضلا عن الإهتمام بإستدامة المصايد كما هو الشأن لمصيدة الأخطبوط وكذا مصيدة الأسماك السطحية الصغير، وهما كلاهما يعدان اليوم من أنجح المخططات على مستوى المصايد وطنيا، فضلا عن الإهتمام المتزايد بكبار القشريات التي تخضع لحماية خاصة.
وتعد الأقاليم الجنوبية للمملكة، الممتدة على طول السواحل الأطلسية الجنوبية، إحدى الروافع الأساسية للتنمية الاقتصادية بالجنوب المغربي إنسجاما مع النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية للمملكة، بالنظر للإمكانيات الهائلة التي توفرها السواحل بالمنطقة، من حيث غناها بالثروات السمكية المتنوعة وذات الجودة العالية، مستفيدة في ذلك من التنوع البيولوجي، ومن العوامل الهيدرو مناخية التي تميز المنطقة.