دعا العربي المهيدي صباح اليوم بالرباط إلى تعزيز حضور غرف الصيد البحري وجامعتها ضمن مجموع المؤسسات الدستورية إنْ على المستوى الوطني أو الجهوي أو المحلي بإعتباره أصبح ضرورة مُلِحَّة.
وشدد رئيس الجامعة في كلمة له ضمن إفتتاح الملتقى التأسيسي للغرف المهنية المنظم من طرف مجلس المستشارين، على “إنصاف غرف الصيد البحري على مستوى تمثيليتها في مجلس المستشارين، وذلك بالرفع من عدد ممثليها إلى أربعة أعضاء بممثل واحد عن كل غرفة، كما أن إعادة عضوية الغرف كأعضاء كاملي العضوية في مجالس العمالات والأقاليم أضحت حسب رئيس الجامعة، أمرا حتميا لتعزيز علاقات التعاون والتضامن مع الجماعات المحلية حتى يتسنَّى للغرف لعب دور أساسي، في تدعيم اللامركزية وعدم التمركز كوسيلتين لخلق القرار المناسب في المكان المناسب، لنكون على مَقْرُبَة من واقع ومشاغل المواطن المغربي والسماح لقطاع الصيد للعب دوره الاقتصادي والاجتماعي على المستوى المحلي.”
إلى ذلك أكد رئيس الجامعة أن غرف الصيد البحري وجامعتها في وضعيتها الحالية، ليس في ملكها مع الأسف الشديد القدرة والوسائل المادية والمعنوية الكافية للقيام بالأدوار المنوطة بها بفعالية ومسؤولية. إذ ابرز “أن الموارد المالية المرصودة لهذه المؤسسات لا تتيح لها القيام بفعالية ومسؤولية بالأدوار المنوطة بها ، حيث أن الميزانية المرصودة لها (6% من العشر الإضافي للباتنتا ) لا تستجيب للحاجيات الضرورية لها، إِنْ على مستوى التسيير أو التجهيز أو الاستثمار بسبب الاتساع الكبير للمجال الترابي الذي تغطيه، ولكونها لا تتوفر على أية ممتلكات أو تجهيزات، لكنها بالمقابل مطالبة بتمويل مشاريع مختلفة كالتعاقد مع مكاتب الدراسات وتنظيم الندوات والأيام الدراسية والقيام بدور دبلوماسي مواز للدفاع عن المصالح العليا للبلاد.”
وفي موضوع متصل دعا رئيس جامعة غرف الصيد البحري إلى “وضع جملة من التدابير المؤسساتية والاقتصادية والتشريعية والتنظيمية لتشجيع الاستثمار الخاص في قطاع الصيد البحري، وجعله دَعَامَةً إستراتيجية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية تماشيا وتنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، المُتَضَمَّنَةِ في الخطاب السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة، الرامية إلى جعل دعم وتشجيع القطاع الخاص ليأخذ المكانة التي يستحقها في مجال الاستثمار كهدف استراتيجي في السياسات العمومية.”
وأوضح أن الأمر يتعلق بالتفكير في إيجاد حلول بديلة، تهدف إلى تبسيط النظام الجبائي لأجل تحقيق الأهداف المتعلقة بالعدالة الجبائية، وتشجيع الاستثمار ودعم الشركات وتحسين تنافسيتها حتى يتمكن قطاع الصيد من احتلال المكانة التي يستحقها كمجال استثماري استراتيجي بالنسبة للمملكة، إذ اشار رئيس الجامعة أن الرسوم والاقتطاعات المطبقة في قطاع الصيد البحري تتم على البيع الخام دون احتساب تكاليف الإنتاج.
ولفت العربي المهيدي إلى أهمية “إنشاء صندوق تمويل خاص بقطاع الصيد البحري، على غرار ما يقوم به مصرف “القرض الفلاحي ” لصالح قطاع الفلاحة”، مؤكدا أنه “سيكون بمثابة تعبير حقيقي عن التضامن بين الدولة ومهنيي قطاع الصيد البحري، وصَمَّامُ أمان للمهنيين لتشجيع الاستثمار وتأهيل المقاولات والشركات المغربية لتحقيق الاندماج الإيجابي في مسلسل العولمة وتحرير المبادلات التجارية العالمية.”
وتوقف رئيس الجامعة عند المنظومة التشريعية، مؤكدا في ذات السياق أنها أحد عناصر الأوراش الإصلاحية الكبرى لقطاع الصيد البحري وتربية الأحياء المائية التي يجب الإنكباب عليها، وذلك بالنظر “لتَشَتُّت المنظومة القانونية للقطاع وتقادم كثير من مقتضياتها، بغض النظر عن أي تشكيك في أهمية الإجراءات التدبيرية والإصلاحات التشريعية التي واكبت إستراتيجية ” أليوتيس “، بهدف المحافظة على الثروة السمكية ومحاربة الصيد المحظور والنهوض بتربية الأحياء المائية”.
وعليه فقد بات فتح ورش إخراج مدونة عصرية جامعة عادلة ومنصفة للصيد البحري يؤكد رئيس الجامعة، “أمرا ضروريا وحتميا للتفاعل الإيجابي مع تدفقات المطالب والتطلعات المهنية وغير المهنية الواردة في هذا الشأن، بهدف حفظ معادلة توازن المصالح البيولوجية للموارد السمكية والمصالح الاقتصادية للمستثمرين الخواص، وكذا المصالح القانونية والاجتماعية للبحارة العاملين بقطاع الصيد البحري.”
وشدد رئيس الجامعة على أن أية إستراتيجية في قطاع الصيد “لن تَتَأَتَّى لها سُبُل النجاح إلا عبر جعل الارتقاء بالعنصر البشري ضمن أولوياتها الرئيسية، تماشيا مع التعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله في خطابه بمناسبة عيد العرش المجيد بتاريخ 29 يوليوز 2020، بتوفير الحماية الاجتماعية لكل المغاربة، وذلك من خلال إيجاد إطار للحماية الاجتماعية للبحارة الصيادين يتلاءم مع خصوصيات المهنة، مما يستوجب التعاطي معه بمَعْزِلٍ عن باقي القطاعات، نظرا لخصوصيته من حيث موسمية العمل وطبيعة العلاقة بين المُجهِّز والبحار وتحكم الطبيعة في سَيْر العمل، إضافة إلى الخطورة والجهد الذي يطبع هذا القطاع، حيث تُصَنَّفُ مهنة البحار من أخطر المهن في العالم حسب المنظمة البحرية الدولية.”
وأشار العربي المهيدي أنه و “بفضل الإستراتيجية الوطنية لتنمية قطاع الصيد البحري ” أليوتيس “، عرف قطاع الصيد البحري في العقد الأخير نموا شاملا وبوثيرة عالية تتجلى في الاستثمارات الهامة البحرية والبرية التي تم إنجازها، وكذا على مستوى إنعاش التجارة الخارجية وبُروز صناعات بحرية متعددة ومتطورة، وقد كانت لكل هذه المنجزات انعكاسات إيجابية على وثيرة النمو الاقتصادي والاجتماعي للمملكة، حيث أصبح القطاع يساهم بشكل ملحوظ في الناتج الداخلي الخام، وله دور فعال في تحسين أداء الميزان التجاري للبلاد، كما يلعب دورا اجتماعيا كبيرا على مستوى التشغيل وإعالة الأسر المغربية، ويعتبر من القطاعات المُعَوَّلِ عليها كثيرا في ضمان الأمن الغذائي للبلاد.”