يترقب كل فاعل مهني في قطاع الصيد البحري، ومن مختلف المواقع ماسيؤول له القطاع، وكيف ستدار دفته، ومن هو الفاعل الحقيقي للمرحلة القادمة، خصوصا بعد أن حمل التقرير الآخير للمجلس الأعلى للحسابات مجموعة من الملاحظات، بخصوص وجود اختلالات على مستوى التسيير الميزانياتي واللوجستيكي. وفي هذا السياق تطرح الكثير من الأسئلة حول ما ينبغي أن يكون عليه النموذج الثاني من برنامج اليوتيس.
فالمتتبع للشأن البحري سيكون قد خرج لامحالة بمجموعة من الخلاصات ، التي ولدت لديه قناعات بخصوص المستقبل القريب ، يبقى أولها أن أغلب الشخصيات الفاعلة على المستوى المهني في القطاع صارت مستهلكة، وغير قابلة للاستعمال مرة أخرى، وبالاعتماد عليها سيكون القطاع في نوع من اللخبطة . كما أن إخراج القطاع من فوضى السياسوية، ومن عالم الإنتخابات، ووضعه ضمن استراتيجية البناء المستقبلي، بغض النظر عن من يدير دفة التسيير، يفرض تدبير المرحلة الثانية بحكمة وثبات كمطلب يكتسي طابع الإلحاح ؛ يإعتباره يجد إمتداده في ضرورة إشراك جميع الفاعلين لإختصار المسار في إتجاه تحقيق نقلة نوعية في صالح الجميع.
إن غياب مرجعية مهنية قادرة على إعطاء المعنى الحقيقي للقطاع برمته، وطغيان التشردم وتضارب المصالح، بإعتبارهما المتحكمان في زمام الأمور، قوى البعد التصادمي فكان من الطبيعي أن تعم الفوضى القطاع في مراحل متقطعة من العشارية الماضية . لدى كان من الأوجب الحذر من إختزال جوهر برنامج اليوتيس فيما هو اقتصادي ومالي فقط, إذ يبقى تصورا اختزاليا وضيقا، لمفهوم تنمية القطاع. وبالتالي فلن يجيب عن حقيقة الإشكالات الإقتصادية والإجتماعية ، التي يعاني منها الفاعل الحقيقي المتمثل في البحار.
ففي غياب العدالة الإجتماعية داخل منظومة الصيد ، لن يستطيع برنامج اليوتيس في تصوره القادم ، بلورة النموذج التنموي لفائدة السلسلة بأكملها، بقدر تضحيته بجزء منها لفائدة أقلية محدودة، قد يكون البعض منها لا تاريخ له بالقطاع ما يطرح سؤال الهوية القطاعية. كما أنه وفي ظل هشاشة القطاع على مستوى البحارة ومن في حكمهم؛ ومدى تغييبهم بشكل يكاد يكون “مقصودا”، عن المشاركة والمساهمة في بلورة الأفق الإجتماعي والاقتصادي؛ ستفرغ برنامج اليوتيس في نسخته الثانية من مصداقيته عند هذه الشريحة المهنية الأكبر في القطاع أقصد البحارة. لاسيما في ظل حضور الثلاثي القاتل المتمثل في:الفقر والجهل والإقصاء، لدى الأغلبية المستضعفة في القطاع خصوصا البحارة . وهو ما سيعطل البرنامج الجديد لأليوتيس في تحقيق الإقلاع الحقيقي المعول عليه في النسخة التانية، بإعتبارها تعد إمتدادا للمرحلة السابقة.
ومن هنا نجد أنه من البديهي الدعوة إلى ضرورة إستحضار البعد الإستراتيجي، المبني على المقاربة الإجتماعية، والمصالحة بين مختلف المكونات القطاعية، وفق مقاربة تشاركية واسعة، من طرف شرفاء المهنة والمهنيين. ما يفرض على سلطة القرار في القطاع أن تلتقط الإشارة ، وتضع نصب أعينها أن حسن إختيار الكفآت في جميع مجالات القطاع، يبقى السبيل الوحيد لتحقيق نقلة نوعية في صالح الجميع. وفي مستوى المسؤولية الملقات على عاتق من تم اختيارهم، لقيادة المرحلة الثانية من برنامج اليوتيس.
إن المشروعية والمصداقية والخبرة الميدانية، لتعتبر بحق من أهم الأسس لإنجاح أي برنامج. ولعل التجارب الداخلية والخارجية، قد أثبتت، صحة وسلامة نظرية التفاعل الاجتماعي في شتى مناحي الحياة. ما يجعل من برنامج اليوتيس الثاني في أمس الحاجة إلى جرأة إضافية، عبر الإستماع للأصوات الأخرى، التي بإمكانها تقديم الحلول والبدائل. وذلك لمواجهة التحديات المطروحة داخل القطاع. لأن المسألة لاتتعلق بعملية تنفيس احتقان معين، بقدر مساهمتها في حلحلة الإشكالات الاجتماعية المطروحة داخل المنظومة بأكملها. لدى وجب لهذه الإستماع لهذه الأصوات، لأنها حاملة لرؤية ومواقف، يغلب عليها الطابع المواطناتي؛وليس الذاتي الصرف.
وبناء على كل ما سبق ذكره فإن استراتيجية اليوتيس في تصورها الثاني ، تبقى في أمس الحاجة إلى عقد اجتماعي جديد، شعاره المستقبلي الاهتمام بالطبقة الاجتماعية الهشة، والتي تشكل غالبية منظومته” الاقتصادية والإجتماعية.
بوشعيب شادي: رئيس الفدرالية المغربية لتجار السمك بالجملة
ادا كانت النسخة الأولى من اليوتيس قد ركزت على تنزيل ترسانة من القوانين و تسمين شريحة على حساب أخرى
فيجب أن تعيد النسخة التالية الاعتبار للعنصر البشري، و هو الحلقة الأهم أولا تأهيله عمليا و علميا لكي يتعامل مع القوانين المنزلة في النسخة الأولى تنزيل قوانين جديدة منصفة أو تعديل القوانين القديمة المجحفة مع اخد بعين الإعتبار الجانب الاجتماعي و الإقتصادي للعنصر البشري
و يبقى الأهم و هو الأطر المشتغلة و المشرفة أي مندوبيات الصيد البحري و مكاتب الصيد البحري التي يعاني موظفوها من الإرهاق بسبب نقص الأطر المؤهلة