بوشعيب شادي*
إن الوضع الذي يعيشه المهنيون من تجار السمك بالجملة بميناء الداخلة، و في غيرها من موانئ المملكة وضع يسيء إلى القطاع برمته، حيث لم يعد بقدرتهم تحمله. وذلك نتيجة الخلل الذي تعيشه منظومة الصيد البحري، إذ تفيد الأخبار القادمة من طرف المهنيين وممثلي تجار السمك بالجملة بميناء الداخلة، ان هناك شلل تام داخل سوق الجملة حيث امتنع التجار عن شراء المنتوج المعروض ، مما فرض على أرباب المراكب إعادة المنتوج إلى الشاحنات في إنتظار الحلول المرتقبة .
يأتي ذلك نتيجة مجموعة من الإشكالات التي لازال القطاع يعاني منها، وعلى الخصوص مجموعة من القوانين والتي لاتستقيم مع المنظومة بأكملها، حيث نجد أن القوانين الداخلية لأسواق الجملة كلها أوامر واملآت، يجب على التجار الإلتزام بها، مع العلم أن الواقع يكذب ذلك، وعلى سبيل المثال :لا الحصر ففي جنوب الداخلة هناك مجموعة من قرى الصيد ، يتعلق الأمر بقرى نتيريفت ، البيردة، العين البيضاء، لاسرغا ، والمهيريز.
كل هذه القرى رغم استنزافها لأموال كثيرة من أموال الشعب لها دور واحد. ألا وهو العمل في فترة صيد الأخطبوط. غير ذلك فهي في شلل تام وتنحصر أنشطتها في باقي السنة، على تقديم وثائق المنتوجات السمكية دون عرضها بالمزاد العلني. وهذا ما يخدم مصالح اللوبي الذي يستفيد من الوضع الكارثي، نتيجة سياسات مرتجلة من طرف أصحاب النفوذ والقرار. فلو تم ربط المسؤولية بالمحاسبة لكان للقطاع وجه مشرق، وحيث أن العبث هو سيد الموقف فإننا ننتظر الأسوأ.
وللتذكير فقد تم الإتفاق على تشغيل وتفعيل قرى الصيد من خلال محضر موقع بين الفدرالية المغربية لتجار السمك بالجملة ووزارة الصيد البحري، وذلك يوم الثلاثاء12ماي 2015 بمقر وزارة الصيد البحري، تحت بند تفعيل قرى الصيادين خارج مواسم الأخطبوط ، وبالضبط مسألة التصريح بالمصطادات وعملية التفريغ والبيع الأولي. وبدورنا نطرح السؤال، أين نحن من كل هذه الحقوق رغم المحاضر الموقعة واللقاءات السابقة ؟ أين مديرية المراقبة ؟ أين المسؤولين المباشرين وغيرهم من الإدارات الأخرى، التي أوكلت لها مسؤوليات المراقبة الصارمة والتتبع الحقيقي لمصدر المنتوج ، وتطبيق العقوبات ضد كل مخالف مهما كان شأنه حتى لا يعيث في الارض فسادا.
ورغم أن التجار قد تحملوا مالا يطاق، ابتداء من قانون لم يكونوا شركاء فيه إطلاقا، بقدر تعاملهم بواقعية ومرونة مع المسؤولين المباشرين ، لكن تبين أن العكس هو الحاصل، حيث التهريب والمهربين هم أبطال المرحلة. ولا ندري متى ستفلح الوزارة الوصية في القضاء على الفساد المستشري، في دواليب القطاع، ودواليب بعض الأجهزة المسيرة والمسؤولة على الشأن الرقابي، حيث الرشوة والمحسوبية هي العملة الرابحة عندهم، وبذلك أصبح القطاع المهني في كف عفريت، سيرمي به إلى مجاهل لاحد لها.
فتجار السمك بالجملة هم اليوم واعون أكثر من غيرهم بواقع المهنة، ومستعدون لبدل الغالي والنفيس من أجل وضع القطاع على سكته الصحيحة، إلا أنهم يواجهون عراقيل ومتاريس من جهات مختلفة تريد فرض الأمر الواقع، الذي يخدم مصالحها ومصالح اتباعها ، وشعارها في ذلك ليذهب الوطن إلى الجحيم. وكما لايخفى على المسؤولين المباشرين، أنهم بتركهم الوضع على ماهو عليه، فإنهم سيواجهون نارا ستأتي على الأخضر واليابس.
وحتى نضع المتتبع الكريم في سياق الوعي المهني ، فقد ظلت الفدرالية المغربية لتجار السمك بالجملة إلى جانب تنظيمات مهنية ، تطالب من خلال مراسلات متعددة ولقاءات مع كبار المسؤولين و وسائل الإعلام، بإعادة النظر في آليات المنظومة بأكملها، و إشراك كافة الفاعلين بالقطاع لإخراج قانون واضح، هدفه تقوية آليات العمل الرقابي، حماية للمصالح المشتركة، وعلى رأسها حقوق البحارة وحقوق الدولة، طالما أن الهدف هو مصلحة الجميع.
فمطالب المهنيين واضحة ولا تحتاج إلى أي تأويل، فقط يجب إلزام والتزام الجميع بها، لأن المهنيين المتواجدين بالداخلة مستعدون وملتزمون بالتواجد في جميع قرى الصيد البحري بأموالهم وشاحناتهم واليد العاملة التي ترافقهم ، ومطلبهم الأساسي، ان تحترم الوزارة الوصية على القطاع والمكتب الوطني للصيد، تعهداتها والتزاماتها، عوض الالتفاف والتهرب من المسؤولية بدواع واهية.
*بوشعيب شادي رئيس الفديرالية المغربية لتجار السمك بالجملة