كثرت القراءات لواقع قطاع الصيد البحري بالمغرب على مستوى الصيد والتجارة، فالحاضر هو لغة تغييب الحقائق وسيادة أسلوب نشر الغسيل على حبال الآخرين، وإبداء لغة عدم الإكثرات مبقين الوطن في الجحيم وغير متسائلين أين نحن من المسؤولية .
ففي اللحظة التي نلقي بها لوما على التاجر في سوء تصريف المنتوج، وعدم تدبير البيع وفق المعايير الملزومة والضوابط اللازمة، كان من المفيد أن نتساءل هل الموانئ بدون أبواب؟ هل المسؤولين غير قادرين على تطبيق صفتهم الضبطية وتتبع مسار وسلسلة المنتوج، بدءا من الصيد إلى البيع ؟ إنها بنية Structure ينبغي أن نؤكد مسارها ونؤمن بكل خصوصية.
فقطاع الصيد البحري بالمغرب توارث وتناسل الأعراف، وصعب عليه التعامل مع القوانين والخطط وطالما تقبل التعليمات، غير أنه في كل فوضى تنتعش طفيليات أي لوبيات .
فرغم الجهود التي لا نبخس مضمونها، فإن اللوبي أصبح أكبر، وكل مرة يجهر بألاعيبه وحيله، وغالبا ما يعمل على تشبيك نفسه forme de réseau. فأصبح من الصعب عليه التعامل مع القانون، والاستثمار وفق الضوابط المرسومة. فمثلا لو ما كان الصيد الجائر أو الغير المسموح به لما كان التهريب والتبييض. وليس هذا حجة لبعض التجار لممارسة الأشكال الغير المسموح بها في التجارة ، بدريعة أن التاجر يشتري كل ما تراه عينه. فهذا نوع من الاحتيال والنصب، وتبرير واهي لا محل له في قانون التجارة .
على التاجر أن يكون أكثر نزاهة وتعاملا مع المنتوج، وأكثر سؤالا لمصادره. فهو عنصر ثقة بين الصيد والاستهلاك. وبالتالي لا نؤمن بمبدإ دعه يشتري كل ما يجده كما لا نؤمن بمبدإ دعه يصطاد كل ما يجده .
إنها مفارقة غريبة حين تجد قطاعا يفرخ أمثال هؤلاء، لا يضعون في حسبانهم القانون والوطن وباقي الشركاء. ناهيك أن الكسب الغير المشروع أصبح صفة ملازمة لشريحة مهنية في قطاع الصيد البحري، آمنت بالتهريب بعدها كرست مبدأ التبييض، على أساس أن الربح هو الشريعة التي تقصي القانون وتجهز على أرزاق الناس .
فإلى متى سنبقى نؤمن بثقافة إقصاء الآخر، وتغييب الحس المواطناتي، ملقين دائما باللائمة على الوزارة؟ فقبل أن ننتقد الوزارة والقانون علينا أن نؤمن بأن الإصلاح والتغيير عملية مشتركة تتم في إطار تشاركي.
*كتبها للبحرنيوز عبد اللطيف السعدوني رئيس الكنفدرالية الوطنية لتجار منتوجات الصيد البحري بالأسواق والموانئ الوطنية