هاجم سرب من حيثان قيل أنها من فصيلة “الأوركا” أمس الاتنين 20 يناير 2025، بعض قوارب الصيد التقليدي بالسواحل البحرية قبالة الجبهة ، ما خلق نوبات من الهلع والخوف في صفوف الاطقم البحرية، مخافة إنقلاب قواربهم جراء مضايقات الحيتان بعرض السواحل البحرية، وذلك في غياب الأسباب الحقيقية وراء هذه الهجمات المستجدة لهذا النوع من الحيثان، الذي لم تسبق له سلوكيات مماثلة بسواحل المنطقة حتى أن هناك بحارة علقوا على هذا الحضور ب”الزائر غير المرغوب فيه”.
وقال مصدر محسوب على البحارة الذين عاشوا أمس الاثنين حالة من الخوف مرفوقة بالإستغراب من هجمات هذه الحيتان بالمنطقة ، في تصريح للبحرنيوز ، أن سرب من حيثان الأوركا يتكون من خمسة أفراد يقودهم حوث كبير، فيما الاربعة الآخرين هم صغار الحجم، قد باغتهم عندما كانوا في رحلة لصيد الاخطبوط. وهو ما يغلب فرضية تفيد بأن الأمر يتعلق بأم وصغارها و ما يعرف بالساحة البحرية” فراخها “.
وإجتهد البحارة المحليون في تفسيراتهم المتضاربة للواقعة، بكون أن الأمر يتعلق بحوت راشد كان يرعى الصغار في مشهد غريب، فيما اكد بعض من البحارة أن هده الحيثان كانت تقوم باللعب، من خلال الإحتكاك بالقارب وهزه برأسها، دون أن يشكل ذلك درجة الخطر اليقين، حتى وإن ظلت تتحرش بالقارب وتنتعش بتحركه فتسابقه. في حين الحوث الكبير ظل يراقب عن كثب تحركات هؤلاء الصغار ، دون أن يقترب من قوارب الصيد التقليدي ، غير أن عمليات الإحتكاك بالقارب وهزه خلقت نوعا من الرعب والخوف . حتى أن أحد البحارة علق ساخرا بالقول “مزاح الأوركا خطير وقد ينتهي بكارثة “.
وأشارت المصادر المهنية التي عاشت الوضعية، أن هده الحيثان قادت الهجوم بداية من الجهة الشرقية لسواحل الجبهة في حدود سواحل كلايريس قرب سواحل الحسيمة من صباح يوم أمس الإثنين، باتجاه غرب الجبهة، وصولا الى أمتار مساء ذات اليوم، حيث تعرضت بعض القوارب بدورها لعمليات الهجوم. وأكدت المصادر المهنية في تصريحات متطابقة لجريدة البحرنيوز،ان خطورة الوضع تكمن في زحف هذه الحيثان نحو سواحل المنطقة، حيث يؤكد البحارة أنها أسماك عابرة بالنظر لكون الأحداث المسجلة يوم أمس، تعتبر سابقة بالمنطقة، فيما عبر آخرون عن مخاوف من أن يكون هذا النزوح هو من أجل إستطان سواحل المنطقة، وبالتالي إرتفاع مؤشرات القلق بخصوص مستقبل النشاط المهني بالسواحل المحلية.
وكانت كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، زكية الدريوش، قد اكدت أن كتابة الدولة تشتغل بشكل مسترسل من أجل تقليل التفاعلات السلبية بين الحيتان القاتلة وقوارب الصيد ، وذلك عبر الإعتماد على تكنولوجيات حديثة، لمساعدة الصيادين المغاربة على تفادي هجمات الحيتان القاتلة على غرار حوت “الأوركا”. وأواوضحت كاتبة الدولة في تفاعل سابق مع سؤال كتابي كان قد تقدم به رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، ادريس السنتيسي، أوضحت أن “لتتبع هذا النوع من الحوادث وحماية الصيادين من هجمات محتملة لحيتان الأوركا يتم استخدام التكنولوجيا الحديثة مثل الهواتف الذكية، التي تم اقتنائها في إطار برنامج الصيد الحارس لتتبع هذا النوع من الحوادث”.
وسجلت المسؤولة الحكومية أن المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري يكثف من الجهود البحثية والمتابعة العلمية لدراسة تفاعل الثدييات البحرية بما فيها الأوركا مع أنشطة الصيد ، بما يضمن فهم وتحديد دوافع تصرفات الحيتان المعنية ، والخطوات التي يمكن اتخاذها لتقليل التفاعلات السلبية بين الحيتان القاتلة وقوارب الصيد، خصوصا وأن سلوك الثدييات البحرية يثير الكثير من الإهتمام والتكهنات بين العلماء والمراقبين.
ويسهر المعهد وفق زكية الدريوش، على جمع المعلومات من خلال عمليات التتبع وتبادل المعلومات مع الصيادين لفهم سلوك الحيتان القاتلة بشكل أفضل، بما في ذلك تحليل أسباب هجماتها على القوارب وأنماط تحركاتها. حيث مكنت هذه المعلومات من متابعة تجمعات الحيتان القاتلة وإعداد خرائط للمخاطر يجري حالياً العمل لاعتمادها من قبل السلطات المغربية المختصة وفق المسؤولة الحكومية.
كما تم توسيع حملات الإستكشاف التي تجرى في المياه الإسبانية لتشمل المناطق المغربية شمال العرائش، في إطار شراكة علمية وتقنية رسمية بين المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري والمعهد الإسباني للمحيطات، بهدف تحديد توزيع الحيتان القاتلة جنوب مضيق جبل طارق. حيث إستطردت كاتبة الدولة في ذات السياق ، أنه وفي إطار التعاون الدولي، يتم تنسيق الجهود البحثية مع مجموعة من المنظمات الدولية المختصة التي انخرطت فيها المملكة المغربية لتبادل المعلومات والخبرات في هذا المجال.
وعقدت مجموعة العمل رفيعة المستوى تشير المسؤولة الحكومية ، اجتماعاتها من 6 إلى 8 فبراير 2024 في مدريد تحت رعاية اللجنة الدولية لصيد الحيتان، وضمت باحثين من أبرز المتخصصين في الحيتان القاتلة بالإضافة إلى ممثلين عن السلطات المختصة من البلدان الثلاثة المعنية إسبانيا والبرتغال والمغرب. مبرزة أن المجموعة توصلت إلى “إجماع علمي بناءً على المعطيات المتاحة ونتائج الأبحاث التي أجريت حول هذا الموضوع، على كون هذه التفاعلات ليست عدائية أو عنيفة كما يمكن أن يتصور”.
وتتمحور أهم الفرضيات المتوفرة حول الموضوع، حول الفضول أو الإحساس بالتهديد لمنطقة تمركز هذه الحيتان أو لأعضاء مجموعاتها فضلا عن التوتر الناتج عن الأنشطة البشرية مما قد يدفع الحيتان القاتلة لمهاجمة قوارب الصيد رغم أن هذه الهجمات تبقى محدودة نسبيًا. إذ وبهذا الخصوص يستمر العلماء في دراسة هذه الظاهرة لفهم الدوافع وراء هذه السلوكيات بشكل أفضل. كما يتم العمل على تقييم تأثير هذه الأنشطة البشرية مثل الصيد والتلوث وذلك من أجل إعداد المشورة العلمية لتطوير سياسات تقلل من هذا التأثير الذي يمكن أن يكون دافعاً لهذه الهجمات.
ودق مجموعة من المتدخلين نقاس القلق حول عدائية حيتان الأوركا ، التي أفزعت بحارة الصيد ، وخلق نوع من التوجس لدى المهنيين، فيما نفت إحدى الدراسات الجديدة، القصدية عن الهجمات التي تنفذها حيتان الأوركا ، حيث سلط تقرير صادر عن اللجنة الدولية لصيد الحيتان، الضوء على السبب الذي يعتبره التقرير الأكثر ترجيحًا وراء اصطدام هذه الحيتان القاتلة بالقوارب بشكل خطير، بمعدل ينذر بالخطر، إذ كشف التقرير أن الحيتان القاتلة مجرد مراهقين يعبثون. وقال الخبير ألكسندر زيربيني: “بما أن الثدييات البحرية الشابة لديها الوقت الكافي، فقد حولت عملية بروز قطع الدفة إلى رياضة مائية، وأضاف “نعتقد أن الحيتان القاتلة تستفيد من هذا الأمر، فهي تستمتع بما يحدث”، وتابع: “إنهم يلعبون، من الواضح أنهم لا يفهمون أن هذه المسرحية يمكن أن تلحق الضرر بالقوارب”.