بقلم: يوسف فايدة *
الحبار أو “امرمد” كما يطلق عليها سكان المجتمعات الساحلية لسوس ماسة، من الرخويات التي اتخدت من سواحل المنطقة مرتعا لها وحاضنة آمنة لبيوضها، حيت إعتاد الصيادون التقليديون استهداف هدا النوع السمكي مند عقود، معتمدين في دلك على معدات بسيطة تتجلى في الخطاطيف. وهي تقنية مستدامة عبارة عن مجسم صغير من الرصاص أو البلاستيك، على شكل سمكة صغيرة مكسوة بالوان زاهية، ومجهزة بأسنان شوكية. وهي الطريقة التقليدية التي توارتتها أجيال من بحارة المنطقة إلى يومنا هدا.
من إمسوان الى اكلو مرورا بالعديد من قرى الصيد، تنتشر مجموعات من قوارب الصيد، التي تمتهن الصيد بالخيط فقط و تنتظر بترقب دائم قدوم أسراب الكلمار للمنطقة، التي تنعش جيوب بحارة الصيد التقليدي مع كل ظهور لها . إلا أن مجموعة من الإكراهات جعلت هدا النوع السمكي، يظهر باحتشام كبير عكس العقود الماضية. وهو المعطى الدي خلق نوعا من التدمر لدى مهنيي الخيط، هؤلاء الدين يتأسفون لحالة المصيدة، التي اصبح فيها نشاط الصيد متذبذبا، بفعل العديد من العوامل، أهمها العامل البشري المسؤول الأول عن هدا التراجع.
وكما هو متعارف عليه فإن الكلمار يعود الى مكان تفقيسه قصد وضع البيوض. إد يختار الأماكن التي تتواجد بها الطحالب، باعتبارها العارضة التي تحمل عناقيد البيوض، ومكان آمن بعيدا عن المفترسات . حيت تسهر أسراب الكلمار على حماية بيوضها في تجمعات كبيرة سنويا. الى أن تفقس البيوض لتبدأ دورة حياة جديدة للملايين من اليرقات . ومع توالي الأسابيع تتعرض أسماك الحبار الصغيرة بالمنطقة، الى استنزاف مقصود من طرف وحدات الصيد، خصوصا الصيد بالجر، والصيد بالشباك الدائرية من طرف قلة قليلة من قوارب الصيد التقليدي. و لطالما توقفت دورة الحياة عند هدا النوع ابان فترة الحضانة .حيت تتعرض الآلاف من البيوض الى التلف بفعل الشباك القاعية المتبتة من طرف قوارب الصيد في المناطق الساحلية لسوس ماسة.
فترة الحضانة التي غالبا ما تكون في المناطق الطحلبية، وهي نفس المناطق التي يتم فيها تتبيت الشباك القاعية من طرف قوارب الصيد. وهو ما يحفز الكلمار على وضع البيوض في الشباك باعتبارها عارضة آمنة ، الا أن مع مرحلة تفتيش الشباك تصعد الآلاف من البيوض ملتصقة بالشباك، فيقوم الطاقم بنفض الشباك لتحريرها من عناقيد البيوض. وهنا تقف دورة الحياة لهده البيوض التي قد تكون مصدرا للانتاج في القادم من السنوات.
شح مصايد الكلمار بالمنطقة، فرض على قوارب الصيد تغييرا جدريا في رحلات الصيد، التي أصبحت تمتد الى اربع ايام أو أكثر، بعدما كانت تعتمد على رحلات قصيرة (سرح و روح) ،ناهيك عن المصاريف التي أصبحت تعادل الانتاج في كثير من الاحيان، كل هده المعطيات تندر بتوقف عجلة أنشطة الصيد في المنطقة يوما مت، وهو ما يدعو إلى التفكير في حلول جدرية ، تقطع مع السلوكيات السلبية ، تمهد الطريق لصيد مستدام ، تحترف فيه البيئة البحرية .
* كتبها للبحرنيوز: يوسف فايدة رئيس الجمعية المغربية لتنمية الصيد البحري التقليدي