أطلقت مديرية التكوين البحري رجال البحر والإنقاذ مؤخرا، مشاروات مع الفاعلين المهنين في الصيد الساحلي من أجل إعداد مشروع إطار يهم توسيع دائرة التعاقد بين المجهزين والأطقم البحرية ، على غرار ما هو مفعول به في الصيد في أعالي البحار.
وإحتضنت غرفة الصيد البحري الأطلسية الوسطى يوم الأربعاء 23 أكتوبر 2024، لقاء مغلقا ترأسه رئيس غرفة الصيد البحري الأطلسية الوسطى، بحضور مدير التكوين البحري ورجال البحر والإنقاذ إدريس التازي رفقة فريق عمل مركزي ، إلى جانب ممثلي الصيد الساحلي بالغرفة، حيث طبع اللقاء نقاش هادئ تم فيه الإستماع للمهنيين بخصوص تصوراتهم المستقبلية لهذا الورش الإسترتيجي الهام ، خصوصا وأن هناك رغبة أكيدة سواء على المستوى القريب أو البعيد، لإعتماد التعاقد في مختلف أنشطة القطاع ، إنسجاما مع الورش الملكي الهام المرتبط بتعميم التغطية الإجتماعية من جهة ، وكذا لتحسين صورة المملكة أمام المنتظم الدولي، في سياق النداءات التي ترفض العمل بدون تعاقد.
ولم يتسرب الكثير من أشغال اللقاء الذي كان محفوفا بكثير من السرية ، لاسيما وأن المرحلة هي إعدادية لا أقل ولا أكثر، ولم تصل بعد لمرحلة النضج والبعد التقريري، وبالتالي فالإستماع للمهنيين هو الإطار الذي أحاط بتفاصيل اللقاء ، حيث أن التدخلات لخصت المخاوف التي تؤخر هذا النوع من التعاقد، لاسيما وأن القطاع يتسم بكثير من الخصوصيات ، ومتخم بالتراكمات التي تسيطر عليها الأعراف التعاقدية، دون إغفال النظام المعتمد في تقاسم العائدات الفائضة عن المصاريق، لأن المركب ينطلق إلى المصايد بإستثمارات مالية مهمة، حيث يتم التقاسم وفق نظام يؤطر هذا التقاسم بين الطاقم والمجهز من جهة، وكذا بين أفراد الطاقم الواحد وفق نظام المحاصة التي تختلف بإختلاف المهام .
وقالت بعض الأطراف المهنية حضرت اللقاء، أن الموضوع حضي من حيث المبدأ بنوع من الموافقة المشوبة بالحذر والتوجس على مستوى الفكرة، مع تسجيل إختلافات مهنية من حيث التوجه والمضمون، فيما تمت خلال اللقاء الدعوة على المستوى القريب إلى صياغة عقد عمل يوثق التعاقد بين المجهز والبحار حسب مهامه في المركب، دون الخوض في تفاصيل الأجرة وطبيعتها ، مع الإعتماد على عقود محددة في المدة، تعتمد على مواسم الصيد، فيما تم التأكيد ان الغاية من التعاقد هي حماية ذوي الحقوق من الأطقم البحرية وكذا المجهزين، خصوصا وأن المؤشرات تؤكد تصاعد الخلافات بين الطرفين ، لاسما في الفترات العصيبة التي تمر منها المصايد ، إذ أن الكثير من المجهزين يعمدون إلى إقراض بحارتهم ديونان على شكل تسبيقات ، وهي التي تراكمت بشكل كبير في الأونة الآخيرة في بعض الموانئ.
وتحولت هذه الديون إلى موضع صراع بين الطرفين، حتى أن مصلحة رجال البحر بالمندوبية أصبحت تستقبل بشكل متواصل، شكايات من هذا النوع، حيث يرغب البحارة في تغيير المركب ، فيما يتمسك المجهز بطاقمه ، ويرفض تسليم الدفتر البحري مطالبا بما في حوزة البحار من ديون لصالحه. هذا في وقت تؤكد المصادر أن مجموعة من الجهزين يعمدون إلى تحميل الأطقم البحرية مصاريف وإقتطاعات لا يد لهم فيها تقتطع من العرام ، كما هو الشأن لبعض الضرائب .. وهي كلها معطيات تفرض تنظيم التعاقد وتحديد الحقوق والواجبات. فيما تمت الإشارة أن تنظيم هذا التعاقد سيتيح للبحارة الولوج لكثير من الخدمات كما هو الشأن للخدمات البنكية وإقتناء السكن ..
ويعتبر قطاع الصيد من طرف مختلف التكثلات الإقليمية والعالمية، كواحد من أصعب القطاعات على الإطلاق، حيث تتراكم الإكراهات في أبعادها الإجتماعية والإقتصادية، وتتجدد المشاكل في إرتباطها بالصعوبات الإنتاجية والتسويقية، ما يجعل مختلف النقابات البحرية تكاد تكون موحدة في مطلب إخراج مدونة بحرية عصرية إلى حيز الوجود لصيانة الحقوق وتعزيز المكتسبات .
وتكمن خلفية الإجماع على إخراج مدونة الصيد للوجود ، في سنوات الإنتظار الطويلة والترقب، لإصدار أول نص قانوني ومهني جامع وشامل، من شأنه أن يعيد تنظيم القطاع بصورة تستجيب من جهة لتطلعات الشغيلة البحرية، وتتماشى من جهة ثانية مع التحديات الكبرى التي بات يفرضها الاشتغال في قطاع يصنف من القطاعات الإنتاجية المهمة، حتى في إصعب وأحلك الأوقات كما وقع في عز أزمة كوفيد 19، وهي قناعات أكدها تقرير للبنك الدولي الذي سجل ضمن خلاصاته بعد تشخيص هشاشة قطاع الصيد في المغرب وتأثير كوفيد 19، ان القطاع أظهر مدى مرونته في مواجهة أزمة كوفيد 19، حيث قاومت العمالة والدخل في القطاع صدمة الإغلاق بشكل أفضل من القطاعات الإقتصادية الأخرى. لكن بالمقابل سجل التقرير أن المشتغلين في القطاع يعانون الهشاشة ، ويحتاجون لمزيد من الإهتمام .
وبالعودة إلى مطلب إعتماد مدونة واضحة المعالم في قطاع الصيد البحري، فإن هذا المطلب هو يبرز في ظل ما تعانيه المنظومة القانونية المتعلقة بالصيد البحري، من تقادم يصعب مامورية التأقلم معها، كما أن النصوص القانونية الحديثة تبقى مشتتة، ما يصعب من مأمورية ضبطها بين جميع المتداخلين. حيث يرجع فقهاء القانون والمختصين في الدراسات القانونية، التشتت الذي تعرفه النصوص القانونية في الصيد البحري، إلى كثرة الدوريات والتعديلات على النصوص المتقادمة، حيث هناك نصوص مدونة منذ سنة 1916 و 1919 و 1922، وكذا سبعينيات القرن الماضي ، فيما مدونة الصيد البحري، التي تم الإعلان عنها وتم تعديلها في وقت سابق ، ظلت حبيسة رفوف البرلمان في سنة 2001 حتى وإن المهتمين يؤكدون أن الكثير من مضامينها قد صدرت في الكثير من النصوص المتفرقة..
نموذج فرنسي.
يجب أن يكون عقد العمل البحري (أو عقد العمل البحري) مكتوباً ويذكر فيه مبلغ الرواتب والملحقات. عندما تعتمد المكافأة على عائدات المبيعات أو رقم الأعمال، يذكر العقد توزيع إجمالي العائدات والحصة التي تذهب إلى البحارة. يتم إبلاغ البحار، مرة واحدة على الأقل كل فصل دراسي، بالعناصر المحاسبية التي تبرر أجره. تحدد الاتفاقية الجماعية الوطنية للصيد البحري الاحترافي لعام 2015 طرق حساب الأجر على أساس الحصة، وتحدد فترات العمل المستخدمة لحساب الحد الأدنى المضمون للأجور.
https://www.obs-droits-marins.fr/fiches-pratiques/droit-du-travail-maritime.html?idFiche=7