شكلت التحديات التي تواجه مراكب الصيد الساحلي صنف السردين على مستوى مصايد سيدي إفني، محور إجتماع موسع إحتضنه أمس الأربعاء 13 نونبر الجاري ، مقر مندوبية الصيد البحري بالمدينة بحضور مسؤولين إداريين وخبراء علميين وفاعلين مهنيين.
وترأس اللقاء مندوب الصيد البحري بغداد بودي، بحضور المدير الجهوي للمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، إلى جانب ممثل الصيد الساحلي بسيدي إفني في غرفة الصيد البحري الأطلسية الوسطى أحمد إد عبد المالك ، وعدد من المهنيين ، حيث ركز اللقاء على إشكالية الحجم التجاري لأسماك الأنشوبا ، التي تحولت إلى كابوس يقضّ راحة المهنيين ونشاطهم القطاعي، ما جعل أغلبية المراكب تختار توقيف نشاطها مخافة الوقوع في شباك المراقبة بسبب الحجم التجاري المتسم بالتغير وعدم الإستقرار تؤكد تصريحات متطابقة للربابنة .
وقال أحمد إد عبد المالك أن الإشكاليات المتولدة عن سمك الأنشوبا تحتاج اليوم لتظافر الجهود ، خصوصا وأن المهنيين يواجهون هذه السنة موسما إستثنائيا بكل المقاييس بإعتراف الجهاز العلمي في قطاع الصيد البحري، من حيث إنتشار هذا النوع السمكي كما وكيفا. وهو إنتشار تجدد معه النقاش بخصوص الظواهر التي تواجه الحجم التجاري، الذي أصبح يشكل كابوسا مخيفا للفاعلين المهنيين، من ربابنة ومجهزين وتجار، فالأنشوبا التي يتم إستهدافها بالمصايد تظهر بحجم تجاري متوازن، لكن ما أن تصل إلى الميناء حتى يتراجع هذا الحجم وتصبح محط قلق ومحاسبة.
وسجل المصدر المهني أن في وقت سابق كانت هناك أعراف، تتيح نوعا من التساهل مع الأحجام التي لا تتجاوز 70 وحدة في الكيلوغرام ، وهو تساهل يأتي من التفهم الإداري لواقع المصيدة وتطوراتها، لكن اليوم هناك تدخلات حاسمة حتى ولو زاد عدد الأسماك بسمكة واحدة فقط عن العدد المعتمد في الكيلوغرام ، إذ يتم إنجاز المحاضر وتسمين العقوبات في مساطر الصلح، وهو ووضع تحول معه المشهد المهني ، إلى مشهد راكضن وغارق في التوجس . لذلك شكل اللقاء مناسبة لتجديد المطالب المهنية الداعية إلى تسريع الحسم في تغيير طريقة إحتساب الحجم التجاري، وإعتماد المقياس بدل عدد الوحدات ، كما تمت المطالبة بإعادة النظر في المناطق الممنوعة ، وكذا المصطادات الإضافية، من قبيل الكوربين ومجموعة من المنتوجات البحرية ، كما تمت المطالبة بإعادة النظر في فترات الراحة البيولوجية.
وعبر العضو بغرفة الصيد البحري الأطلسية الوسطى، عن إرتياحه للطريقة التي تفاعلت بها الإدارة المحلية وكذا المعهد الوطني للبحث في الصيد مع شكاوي الفاعلين ومقترحاتهم المهنية من خلال اللقاء، حيث قدم مسؤولا كلا الإدارتين ،وعودا بإنجاز تقارير مفصلة بمختلف الخلاصات التي حملتها أشغال اللقاء، ورفعها للإدارة المركزية . فيما لفت ممثل المعهد الوطني للبحث في الصيد أن سفينة الأبحاث الحسن المراكشي، هي تنفذ رحلات علمية بين الصويرة وبوجدور من أجل تقيين المخزون والوقوف على مختلف المستجدات التي تعرفها المصايد ، وهي الرحلة العليمة التي ستقدم خلاصات بشأن مستقبل تدبير مصايد الأسماك السطحية الصغيرة بهذه المنطقة الإسترتيجية .
وقدمت الوزارة في وقت سابق مجموعة من المقترحات بخصوص الحجم التجاري للأسماك السطحية الصغيرة، حيث تقترح الوزارة بالنسبة لسمك السردين، مقياس في حدود 14 سنتمترا بين الرباط والسعيدية، و 14.5 سنتمرا بين الرباط وإمسوان و 15 سنتمتر بين تاغناج وكاب بوجدور، ثم 15.5 سنتمترا بجنوب كاب بوجدور. إلى ذلك وعلى مستوى باقي الأصناف المعنية، تقترح الوزارة 13.5 سنتمترا بالنسبة للأنشوبة، و19 سنتمترا بالنسبة للأسقمري، و20 سنتمترا لصنف السردينيلا ثم 14 سنتمترا بالنسبة لأسماك الشرن. فيما يعارض المهنيون القياسات المعلنة ، حيث أكدوا أنها قياسات تم تضخيمها ، مطالبين بإعتماد مرحلة إنتقالية تكون بمثابة دراسة ميدانية ، للوقوف على متغيرات الأصناف تماشيا مع الجنس (ذكر أو أنتى) وحقيقة البلوغ مع تغير الفصول، وإعتماد قياسات متوسطة تراعي مصالح مختلف المتدخلين. خصوصا وأن هناك أصوات تؤكد بأن حجم الأسماك قد تاثر في ظل التغيرات المناخية التي تعرفها السواحل البحرية.
وتتجلى بعض التجارب الأوربية في نهج ثلاث مسالك تعتبر مكملة لبعضها البعض، يبقى أولها مبدأ L50 (بمعنى الطول المحدد للحجم التجاري، والذي يجب أن يحقق 50 في المائة من الوحدات الناضجة في الصندوق، مع إعتماد قياس للطول يختلف بين الذكور والإناث، حيث تم تحديد 10.1 سم للإناث و10.4 سم للذكور. وفي حالة لم يتم تحقيق هذا المعطى فإن مصالح المراقبة، تلجأ للمسلك الثاني، المتمثل في التدقيق في مدى بلوغ الأسماك العمر القانوني، من خلال إخضاعه لعمليات دقيقة داخل المختبر، تستهدف مراقبة مدى بروز الأعضاء التناسلية لكلا الجنسين على إعتبار أن البلوغ هو إشارة لتحقيق الحجم التجاري القانوني. وفي حالة ما كانت هناك شكوك، فإن مصالح المراقبة تلجأ في الأخير ل “الشكامة”، لتحديد العمر الحقيقي للسمك من حيث الصغر أو البلوغ.
ويجمع المتدخلون، على أن التخلي عن الأسماك بعد صيدها ونفوقها بإعادتها إلى البحر، تعد جريمة حقيقية في حق المصايد والبيئة البحرية ، إذ يشدد المهنيون على ضرورة الخروج من النسق التقليدي في التعاطي مع هذه الوضعية، وعدم التساهل مع إعادة الأسماك إلى البحر، وهو الورش الذي من المنتظر ان يشكل أحد المحاور الأساسية التي يجب حسمها وتنظيمها في المرحلة القادمة .