على خلفية الفقدان المبهم لمركب الصيد نيدومغار ، إلتقت البحرنيوز صباح بوفزوز رئيسة جمعية الأمل لأرامل وأيتام البحارة ، التي عبرت في حديثها للبحرنيوز ، عن آسفها العميق حول هذا الحادث المبهم ، مبرزة ان الواقعة أعادت للواجهة النقاش حول مسطرة التمويت، ووضعية نساء البحارة وهن ينتظرن عودة المفقودين ، حيث شددت صباح بوفزوز في هذا اللقاء على ضرورة إعادة النظر في هذه المسطرة التي وصفتها بالمجحفة داعية إلى الإلتفاف حول الأسر المكلومة، التي تعيش ظروف نفسية رهيبة في هذه المرحلة الصعبة .
حاورها: سعيد المنصوري
كيف تلقيتم داخل الجمعية الحادث المبهم الذي طال مركب “نيدو مغار”؟
بمرارة وأسف شديدين ، نحن لم نستفق بعد من هول هذه الصدمة ، لكن بغض النظر عن الواقعة بين الغرق أو الإختفاء، فإن النازلة قد رفعت عدد الأرامل إلى 645 أرملة مسجلة لدى الجمعية بعد ان كان العدد في حدود635 قبل الحادث ، وهذا الرقم ماض في الإرتفاع ، لدى نطالب البحارة بإرتداء سترة النجاة وبالمحافظة على سلامتهم. فنحن لا يمكن أن نقف في طريق القدر إن “لكل أجل كتاب” . ولكن وجب على البحارة حماية أرواحهم قدر الإمكان ، أو على الأقل الإبقاء على جثثهم طافية فوق المياه، لضمان العتور عليها وإنتشالها وإعادتها في حالة الحوادث القاتلة.
كأرملة .. هل يمكن ان تقرّبي القراء من الوضعية التي عادة ما تصاحب مثل هذه النوازل في الأوساط الأسرية؟
على الجميع أن يعرف حجم المعاناة التي تواجه الأرملة عند فقدان زوجها في البحر، أولها أن الإنسان “كيبقى محروق” بسبب تجدد الإنتظار والأمل، في أن يعود البحارة المفقود حيا أو ترمي أمواج البحر بجثته. فهي مجموعة من الإحتمالات تتسارع في أدهان الأرملة ومعها أسر المفقودين، ما يجعل من النفسية تتخبط في درجة عالية من الإهتزاز. دون إغفال جانب الماديات، حيث تصبح الأسرة محرومة من مدخولها الرسمي، ومع كل يوم جديد، يصبح عالة على الأسرة أكثر من الذي سبقه، فالأسرة التي تفقد معيلها الوحيد، عادة ما تصبح في مأساة إجتماعية مند أول يوم من الفقدان .
إن كان هذا حال يوم واحد .. فماذا عن سنة ويوم التي تفرضها مسطرة التمويت ؟
“عام ونهار” ( عبارة خرجت عبر زفير شديد) من أجل مباشرة مسطرة التمويت هو موضوع يثار بإستمرار، وقد تكلمت فيه أكثر من مرة، وهو يعرقل مجموعة من الإجراءات والملفات، فالأسرة بهذا الإنتظار بما يحمله من تعسف حقيقي، تصبح عرضة للتشرد. الحمد لله أن المحسنين في قطاع الصيد واعون بهذه المسطرة الخطيرة. حيث يتضامنون مع الأسر المكلومة لاسيما في الحوادث التي تعرف غرقا جماعيا، لدعمهم في هذه المرحلة الصعبة. ولكن هذا الدعم ينتهي بسرعة، فتجد الأسرة نفسها وحيدة تجابه معاناة الفقدان والفاقة وقلة الحيلة. بل أكثر من ذلك فحين يكون الحادث فرديا بمعنى غرق أو موت بحار واحد في حادث بحري، تجد الأسرة نفسها في مواجهة مع الواقع المرير مند البداية. لدى فالمطلب هو إعادة النظر في هذا القانون، وتغيير المساطر، عبر إستحضار الوضعية الإجتماعية للأسر المكلومة، لأننا سننقد مجموعة من العائلات من التشتت والمشاكل الإجتماعية. فمطلب مراجعة مسطرة التمويت ورش هام للغاية ويكتسي طابع الإستعجال لإنصاف أرمال البحارة وأيتامهم.
هل هذه المدة كافية في إستعادة الأسرة لتوازنها في علاقتها بالمفقود ؟
عفوا ومن أجل التوضيح فقط، فعندما نسمع “عام ونهار”، فليس نهاية المعاناة، وإنما هي بدايتها، لأن بعد مرور هذه المدة، تشرع الأسرة في مباشرة إجراءات مسطرة التمويت، والتي تستغرق 18 شهرا على الأقل ، إذ هناك نساء لم يستكملن هذه المسطرة إلا بعد مرور 14 سنة كاملة، تم قضاؤها بين دهاليز مسطرة التمويت، دون أن تحصل الأسرة على شهادة الوفاة. فبهذه الحالة تحرم الأسرة من الإستفادة من تقاعد معيلها المفقود، وكذا من التعويضات الإجتماعية لأبنائها ناهيك عن “واجبات العزو” التي يصرفها الصندوق، كما أن هناك نساء هن في مقتبل العمر، يجدن انفسهن محرومات من حقهن الإجتماعي في بداية حياة جيدة . لدى فسنة ويوم، هي حاجز كبير ، بما يحمله من معيقات نفسية وتحديات إجتماعية وإنسانية، تعرقل حياة الأرملة وأبنائها .
نريد أن نقترب أكثر من هذه المسطرة ، هل هناك من توضيح ؟
هذه المسطرة تنظمها مدونة الأسرة ويباشرها المحامون، حيث تقوم الأرملة بإستخراج محضر لنّازلة من المحكمة ، كما تدلي بالوثائق التي تثبت علاقتها بالفقيد، إذ يقوم الدفاع بمتابعة مسطرة التمويت، التي تتتفرع لمجموعة من الجلسات، حيث يبلّغ الشخص المعني في العنوان الخاص به، كما يكون إعلان في الجرائد الرسمية بخصوص المفقود. وهي إجراءات تستهلك الكثير من الوقت. نحن كجمعية نعمل بشكل إستباقي على تحضير ملف الطلب الذي يقدم للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي، حيث نتقدم به تم نستعيده في إنتظار شهادة الوفاة، وهذه العملية تضمن حقوق الأرملة وأبنائها، إذ تمكنهم من إستخلاص العزو وكذا التعويضات العائلية.
جمعيتكم أطلقت منذ بداية الشهر الفضيل مبادرة إنسانية تستهدف أرامل وأيتام البحارة .. أين وصلت هذه المبادرة ؟
بالنسبة للقافلة التي أطلقتها الجمعية بمناسبة الشهر الفضيل، فهي تمر في أجواء جيدة والحمد لله، بالنظر لإنخراط الفاعلين، حيث إستطعنا إدخال الفرحة إلى حدود اللحظة على 540 أسرة بعدد من مناطق الجهة في إنتظار باقي الأسر،.وما نتمناه صراحة هو إستمرار هذه العناية، إذ نطمح في أن تكون هناك إقتطاعات من طرف المراكب لصالح الجمعية، وبهذه الطريقة فالجمعية ستكون لها القدرة على مواكبة هذه الحالات. خصوصا وان عدد الأرامل في تزايد مستمر، لأننا نحن أمام 645 حالة، وغدا قد يتضاعف هذا العدد ، لاسيما وأن الجمعية أصبحت ذات إمتداد وطني، ويوميا نتلقى طلبات إنخراط من أرامل جدد، بغض النظر عن حالات الغرق التي تتزايد للأسف بشكل رهيب . في الآخير لا يسعنا إلا أن نتمنى للجميع السلامة والعودة الآمنة وهذا يفرض الإلتزام الكامل بتدابير السلامة خصوصا إرتداء صدرية النجاة ، لأنه يحز في أنفسنا كثيرا ونحن نسمع عن حادث مميت هنا أو هناك.