تخفي صورة الطفل “إيلان” التي ألمت قلوب كل من شاهد جثته الصغيرة الملقاة على سواحل جزيرة تركية، قصة مأساوية لأب تجرّع مرارة فقدان كل أفراد أسرته الصغيرة في عرض البحر المتوسط، في محاولة منهم للبحث عن الأمان والاستقرار في ألمانيا.
“4 آلاف أورو و3 أرواح”، تلك كانت التكلفة الإجمالية لرحلة الموت التي انطلق بها الأب “عبدالله شنو” مع زوجته وطفليه من “بودروم” التركية إلى جزيرة كوس اليونانية، وحسب صحيفة “هافنغتون بوست عربي”، فإن عبد الله، البالغ من العمر 36 سنة، قرّر الهروب عبر البحر إلى اليونان رفقة ابنيه إيلان، عمره سنتان، وغالب ذو الأربع سنوات، وزوجته ريحانة، ذات الـ 30 سنة، بعدما اتفق مع المهرب على جميع تفاصيل الرحلة.
“يا ليتني استطعت نقل أنفاسي لهما كي أبث الروح في جسديهما مرة أخرى” بهذه الكلمات عبّر الوالد لـ “هافينغتون بوست عربي” عما واجهه بعد أن انقلب قارب الصيد الذي لم يتجاوز طوله 5 أمتار ومشاهدته طفليه يغرقان أمام عينيه، وأضاف “أمضينا ساعة كاملة متمسكين بالقارب فقد كان أطفالي لا يزالان على قيد الحياة، ولكن توفي الأول جراء الموج العالي فاضطررت إلى تركه لأنقذ ابني الثاني، الذي غرق أيضاً، والتفت بعدها لأجد أن والدتهما هي الأخرى قد غرقت”.
لم تكن الدوافع التي أجبرت عبد الله وعائلته إلى خوض هذه المغامرة، سوى الحرب والقتل وخسارة الكثير من أفراد عائلته في الحرب التي خاضها تنظيم “داعش” على مدينة “كوباني” (عين العرب)، الذي راح ضحيتها كل أفراد أسرته الصغيرة، فيما لم تنقذ روحه سوى عناصر من خفر السواحل التركي بعد ثلاث ساعات من انقلاب القارب الذي كان يقل نحو 12 شخصاً.
ونقلت صحيفة ناشونال بوست الكندية عن “تيما كردي” شقيقة عبد الله وتسكن مدينة فانكوفر في كندا “تلقيت اتصالا من عبد الله وكان كل ما قاله هو: ماتت زوجتي وطفلاي”، وأشارت تيما إلى أن “عبد الله وزوجته وطفليه قدموا طلبات لجوء في يونيو على نفقة خاصة للسلطات الكندية التي رفضت بسبب مشاكل في الطلبات الواردة من تركيا”، وختمت بقولها “كنت أدفع إيجار مسكنهم في تركيا لكن طريقة معاملة السوريين مريعة الأمر الذي أجبرهم على ركوب هذا الزورق”.
البداية والنهاية في “كوباني”
هرب رب أسرة “شنو” من ويلات الحروب والقتال التي تمزق مدينة كوباني الكردية، واتجه إلى دمشق للعمل في مهنة الحلاقة، غير أن تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية بدمشق جعلته يتجه نحو اسطنبول، حيث عمل فيها بمجال الخياطة ومن ثم بمجال الأثاث، وبعد ثمانية أشهر انتقل من اسطنبول إلى بودروم التي يعيش أخوته فيها.
قرر الأب عبد الله أن يعود بجنازات ولديه وأمهما إلى كوباني ليدفنهم هناك، حيث أشار “عبدو” عم الطفلين للصحيفة، إلى أنه “بعد الانتهاء من الإجراءات الروتينية في “مستشفى بودروم، سننطلق بهم إلى مسقط رأسهم وندفنهم هناك”.
