إعتمدت الدورة السادسة والأربعون للهيئة العامة لمصايد أسماك البحر الأبيض المتوسط التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، والتي اختتمت يوم 10 نونبر 2023 في سبليت بكرواتيا وبالإجماع ، 34 قرارًا بما في ذلك 24 توصية ملزمة، وهو أعلى رقم حتى الآن منذ تأسيس الهيئة. وهو ما يجعل من دورة كرواتيا واحدة من أكثر الدورات إنتاجية في تاريخ المنظمة.
وحسب بلاغ للهيئة توصلت البحرنيوز بنسخة منه ، فقد ركزت المقترحات على ثلاثة محاور رئيسية تهم تحسين إدارة مصايد الأسماك، ومعالجة القضايا المناخية والبيئية في قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، وتعزيز الامتثال. حيث يتم سنويا اقتراح التوصيات والقرارات واعتمادها عندما يتفق أعضاء الهيئة العامة لمصائد أسماك البحر الأبيض المتوسط على خطة عمل للسنوات القادمة، إذ أن جميع هذه القرارات موجهة نحو تنمية مستدامة لقطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية الحيوي في المنطقة على المدى الطويل.
وأكد الأمين التنفيذي للهيئة العامة لمصائد أسماك البحر الأبيض المتوسط، ميغيل برنال، الذي احتفل بعامه الأول في منصبه في الدورة السادسة والأربعين، أن المصادقة على عدد قياسي من القرارات الملزمة هو أمر يفخر به كل الأعضاء. وعلق قائلا: “إن وضع خطط للحفاظ على الموارد البحرية المشتركة واستغلالها المستدام يعتمد على الثقة والتعاون بين جميع الأطراق المعنية. أنا سعيد للغاية بالموقف الطموح الذي أبداه أعضاؤنا في الدورة هذا العام، حيث اجتمعوا لتحقيق الأهداف والغايات المشتركة. كما أشيد بحجر الأساس الذي وضعته البلدان في هيئاتنا الاستشارية الفنية: فمعارفها وخبراتها هي التي تمنح أعضاءنا الرأي الذي يحتاجون إليه لاتخاذ قرارات أكثر وأفضل بشأن مستقبلنا المشترك.
وعلى مدى العقد الماضي، اعتمدت الهيئة العامة لمصائد أسماك البحر الأبيض المتوسط خططا متعددة السنوات، لإدارة أهم المخزونات السمكية بناء على أساس علمي بلغ عددها 10. وتهدف هذه الخطط إلى تنفيذ التدابير الرامية إلى تحقيق الاستغلال المستدام للموارد السمكية ومكافحة الصيد المفرط، وضمان إنتاجية عالية وطويلة الأجل.
وقالت فاليري ليني، رئيسة وحدة إدارة مصايد الأسماك في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود بالاتحاد الأوروبي، إن “البيانات الميدانية تظهر أن الخطط تُحدث أثرا حقيقياً نحو تحقيق أهداف الاستدامة” وإنه من المشجع للغاية أن نرى النتائج الإيجابية لجهودنا المشتركة.”
وتم اعتماد عدد من المقترحات وفق ذات البلاغ ، بناءً على مشورة علمية قوية وشاملة من الهيئات الفرعية التابعة للهيئة العامة لمصائد البحر الأبيض المتوسط، في سبليت لزيادة تحسين مدى وفعالية الخطط الجاري تنفيذها.
زيادة الدعم للتدابير البيئية
تعتمد مصايد الأسماك المنتجة على محيط متوازن، لذلك وإلى جانب التدابير التي تستهدف بشكل مباشر المخزونات السمكية ذات الأهمية التجارية، تم اقتراح ومناقشة سلسلة من التوصيات الرامية إلى تقليل آثار مصايد الأسماك على البيئة البحرية. وقد تم الاتفاق على خطة عمل إقليمية لحماية الأنواع المهددة، بما في ذلك الطيور البحرية والحيتانيات والسلاحف البحرية؛ كما تلقت الأنواع المهددة بالانقراض مثل سمك العنقليس وسمك الحفش في البحر الأسود مستوى أكبر من الحماية.
وكانت البيئات البحرية الحساسة أيضًا على طاولة المناقشات، حيث وافق الأعضاء على خارطة طريق، لإنشاء منطقة محظورة لمصايد الأسماك لحماية جبال كابليرز المرجانية الهشة في بحر البوران. وبينما يسعى العالم جاهداً لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بموجب اتفاق باريس، أطلقت الهيئة العامة لمصائد أسماك البحر الأبيض المتوسط مبادرة طويلة الأجل، لإزالة الكربون من أسطول الصيد بالمنطقة.
وعلى غرار ما تم إقراره على مستوى أسطول الصيد، قدم المشاركون في الجلسة سلسلة من المقترحات، لإزالة الكربون من قطاع تربية الأحياء المائية، بما في ذلك تعزيز مصادر الطاقة المستدامة، وتقنيات احتجاز الكربون وأساليب الإنتاج منخفضة التأثير، فضلا عن إطلاق خطة للتكيف لجعل القطاع أكثر قدرة على مجابهة التغير المناخي.
قدرات إنفاذ أقوى
وكان المجال الأخير الذي تم تسليط الضوء عليه في الدورة السادسة والأربعين هو الامتثال، أي ضمان التنفيذ الفعّال لقرارات الهيئة العامة لمصائد أسماك البحر الأبيض المتوسط، وإيفاء البلدان الأعضاء بالالتزامات التي تعهدت بها فيما يتعلق بتنمية وتنظيم عمليات مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية. وتم تحديد محطات مهمة في العديد من المجالات واعتماد أدوات جديدة لترسيخ ثقافة الامتثال. كما تم إطلاق خطتين دائمتين للتفتيش والمراقبة في المياه الدولية، وخطتين للتوثيق بمصايد أسماك الترس ذات الأهمية التجارية في البحر الأسود والمرجان الأحمر في البحر الأبيض المتوسط، مما سيسهم في زيادة المساءلة والمساهمة في مكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم.
وعلاوة على ذلك، تم إنشاء آلية جديدة لتعزيز ثقافة الامتثال في المنطقة، من خلال اعتماد قرار رئيسي، من شأنه أن يسمح للجنة الامتثال بتحديد حالات عدم الامتثال ومصادرها بشكل أفضل، والأهم من ذلك، إجراءات المتابعة المناسبة للوقاية والتخفيف منها. كما تم تسجيل التزام سياسي قوي فيما يتعلق بإنشاء نظام إقليمي لرصد السفن ومراقبتها، من قبل الهيئة العامة لمصائد أسماك البحر الأبيض المتوسط في دورتها السنوية القادمة.
وقد حصلت ألبانيا والمغرب وتركيا والاتحاد الأوروبي على جوائز الامتثال للهيئة العامة لمصائد أسماك البحر الأبيض المتوسط، وذلك لملاءمتها جميع توصيات وقرارات الهيئة العامة لمصائد أسماك البحر الأبيض المتوسط بالكامل، إلى تشريعات وطنية والقيام بالتصريح السنوي عن كل البيانات المستوجبة.
وتعتبر الهيئة العامة لمصايد أسماك البحر الأبيض المتوسط منظمة إقليمية مختصة في إدارة مصايد الأسماك، ولها سلطة تقديم توصيات ملزمة لتنمية مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود. وتعد الدورة السنوية تاريخًا محوريًا عمل هده المنظمة، والذي شهد هذا العام مشاركة فعالة لممثلين عن الدول الأعضاء في الهيئة العامة لمصائد أسماك البحر الأبيض المتوسط ، بالإضافة إلى خبراء وملاحظين من 12 منظمة شريكة، بما في ذلك Global Fishing Watch وMEDAC وOceana وOceanCare والصندوق العالمي للطبيعة.