من المسلمات التي لا شك فيها أن المهني بقطاع الصيد البحري ، والمواطن من ساكنة ساحل إقليم الجديدة، وكل من يهمه الأمر، يعلم، أن قطاع الطحالب البحرية قبل أربع سنوات كان رديئا للغاية إلى درجة الانحطاط، إذ لا منتوج ولا جودة ولا مردودية، اللهم إلا زحف طحالب أخرى غير مرغوب فيها، إنتاجا واستثمارا.
وإنه ليعلم كذلك أن الوضع آنداك كان نتاج عشوائية في الصيد قاتلة، وطحنا لراحة النمو والتكاثر مهلكة. وإنه ليعلم أيضا المعاناة التي كان يقاسيها كل صباح مساء، إعدادا ليوم الصيد، من نقل للمعدات وتجهيز للقارب ، وتفريغ للمنتوج بنقط تفريغ عشوائية .
وإنه ليعلم ما لم يعلمه غيره، كم كان ينهب ويسرق مجهوده عبر عملية وزن غير دقيقة. وأنه كان بالكاد يغطي مصاريف تكاليف عملية صيد يومه، ويبقى له القليل اليسير. وأنه كان يقتل آلاف الأطنان طيلة ثلاثة أشهر، دون أن يبالي، ولايفكر، فيم ينتج ؟ وكم ينتج ؟وكيف ينتج ؟ وما عواقب هذا الاستنزاف المميت ؟
هذه العواقب التي جاءت فيما بعد بدق ناقوس الخطر ، إيذانا باندثار المنتوج ، وبافتقار الساحل لهذه المادة الحيوية . فحدث كما يعلم ، مع تعيين جديد لمسؤول جديد نادى باستدامة الثروة والتنمية بشرية . وهكذا كما يعلم المهني ، أن تخطيطا بدراسة دقيقة لذلك الوضع المزري ، اعتمدت كل الحلول بمنهجية شمولية لإنقاذ الحال مما هو عليه.
هذه الدراسة التي راهنت ، وفق مخطط أليوتيس وأهدافه، على استراتيجية استدامة الثروة الطبيعية، إذ هي الحلقة الأساس في استدامة التنمية البشرية ، بوعي ومسؤولية الإدارة الوصية ، من مركزية وجهوية ، في استعداد وجاهزية تامتين ونكران للذات ، جنبا إلى جنب مع الهيئات المهنية المزاولة والمسؤولة .
فحدث ما يعلمه المهني حق العلم، وقد يجهله المتلقي الكريم، ذلك الانقلاب عن تلك الوضعية المشؤومة ، فجاء الحل إنقاذا من حال التردي والعدم ،إلى حال الجودة والوفرة، ومن الهزالة والضعف إلى مردودية واعدة بأفق أجود، باعتماد مسطرة تتبع صارمة على مستوى مصدر المنتوج ووجهته، وبإحصاء دقيق للمستخرج المصطاد ، والتصريح به، وحصن كل تلك العملية : نقط تفريغ أربع، عبر ميناء الجديدة والجرف الأصفر وسيدي عابد والحديدة ، فحوصر بذلك كل صيد عشوائي وقلت وتيرته .
وإنه ليعلم اليوم ، أن الأوراق الثبوتية لتعريفته المهنية أصبحت ملزمة ، ليستفيد من استخلاص الرسوم ، ومن تصاريح المبيعات لدى صندوق الضمان الاجتماعي ، ليعوض عن أيام العمل والمرض والتعويض العائلي . كما لا يعتبر أي قارب مستوف لشروط الإبحار، إلا إذا خضع لتأمين الطاقم المبحر على متنه.
هذا وذاك وذلك وتلك وهاتيك وغيرها من الإيجابيات، بصمت هذه المرحلة التي ذكرتنا بسالف عهد الطحالب ،أيام عزها ووفرتها وجودتها . ما يجعل المتتبع لهذه التطورات بإيجابياتها، والشاهد على ذلك الحال بسلبياته ، لا يسعه إلا أن يسجل بفخر وامتنان ،عزيمة كل من أراد إصلاحا ما لقطاع ما، وأن التغيير نحو الأفضل ليس مستحيلا ، وأن الذاكرة والتاريخ لن ينسيا فعل ذلك الفاعل.
رأي كتبه للبحرنيوز :بوشعيب صمصمي رئيس تعاونية النور للصيد البحري بإقليم الجديدة