شكل استعمال آلة الجر (poverblok )بدلا من الاعتماد على المجهود البدني للبحار واستبدال الشباك القطنية الشاقة المضنية للبحارة في تهيئتها بصبغها وتجفيفها ،بشباك النيلون ، التحول الوحيد إلى حد الآن الذي لمسه البحار بعد أن كانت (دورة المياه ) أي المرحاض التطور الجديد الذي عمل برنامج العصرنة لسنة 1996 على تطويره ومده بالماء وتجهيزه “بالحنفية ” أي الصنبور، كشعار لتلك المرحلة، حتى أن الأمر وصف بأنه الإنجاز الكبير في حينه، وهو الذي صرفت عليه الملايير من طرف وزارة الصيد آنذاك كرمز للعصرنة يتم عبره التمييز بين المركب المعصرن المستفيد من الدعم عن غريمه الغير المعصرن.
ومع الوقت أصبح هذا الإنجاز إلزاميا في اجتياز الخبرة السنوية التي تخضع لها مراكب الصيد ، أما البحار فقد ظل يعاني في نفس الظروف القاسية الممزوجة بالمعانات على ظهر المراكب. كما بقيت نفس الحفرة في مقدمة المركب ومؤخرته صامدة على حالها . وما يحز في النفس أن هذه الخبرة كانت تبحث في كل شيء انطلاقا من ورقة القضاء على الفأر في موانئ يخاف فيها القط من الفأر، مرورا بالشهادة الطبية للبحارة، وشهادة النظافة وزد على ذالك !!!! ، وصولا إلى تلك الحفر (العنبر)التي لم يكترث لها أحد من تلك اللجان التي تضاعفت كالفطر.
وكما عانى الآباء عانى أبناؤهم في ظروف تشبه إلى حد بعيد حياة العبيد في تنقيلهم بين أمريكا وأفريقيا التي لا تراعي مبادئ الكرامة وحقوق الإنسان، مع أن ساعات العمل كانت في الخمسينات والستينات قليلة، أما الآن أصبح المركب مقر سكنى90 في المائة من بحارة الجنوب لبعد المصايد، وهنا نطلب من الجمعيات المهتمة بحقوق الإنسان أن تبحث في الموضوع .
كم “طبلنا” و”زمرنا” لبرنامج إبحار3 -2009 ودعمه الذي وصل إلى %30 في أحسن أحواله، ولكن للأسف ما زاد عن الصنبور في1996 هو العنابر المهيأة بالعازلة للحرارة، والتحول من (vrac) إلى الصناديق الپلاستيكية، وآلة الرصد والمراقبة والتتبع عن بعد، وبَقي البحري في الحفرة (البروة أو البوب) ، في وقت كان طموحنا ورغبتنا كبيرة في تطوير وسيلة العمل التي هي الباخرة، لترقى إلى سلامة وحماية البحار وضمان عيش كريم، يضمن كرامته وإنسانيته ، ويمكنه من الاشتغال حتى في أسوء الظروف الجوية.
و بعد أن كان مطلبنا هو التحديث الحقيقي، إذ بِنَا ننتقل إلى معركة الاستمرار والبقاء والمحافظة على المكتسبات التاريخية ، بعد نزول جمعية المصبرين (Unicop) بكل ثقلها لفرض إملاءاتها ومخططاتها على الإدارة، مدعية أن مهنيي الصيد متخلفين ودوي نقط ضعف واكراهات كثيرة، مستغلة في ذلك قوتها التنظيمية والمالية في ابتزاز الإدارة للوصول إلى استغلال الثروة السمكية، ومسخرة في ذلك عدد من وسائل الإعلام التي كانت تظهر المهنيين على أنهم يقومون بتمويل المعامل بطرق غير منظمة.
وقد ظلت جمعية المصبرين تتهم مهنيي الحنطة بتعطيل مصالح المستثمرين في الأعياد الدينية ، مما يجعل استثمارهم على كف عفريت لكثرة التوقفات التي تحصر تموينهم للمعامل في %25 من قدرتهم الإنتاجية فقط ، مما يجعل هذه الوحدات تحت رحمة الظروف الجوية، بالإضافة إلى كون جودة المنتوج ضعيفة جدا، رغم أن رقم معاملتهم تضاعف عشرات المرات ، ومعاملهم توسعت وكبرت بفضل الصيد الساحلي ،اللهم لا حسد.
ومع كثرة ضغوطهم استجابت الإدارة لمطالبهم بمنحهم حق استئجار سفن الجر السطحي من بعد تجنيسها باعتبارها البديل الأنسب، قبل أن تتحول إلى رعب يقض مضجعهم بسبب كثرة أعطالهاّ، وكلفة صيانتها، و كبر حجمها، وطول مدة جرها الذي تعصر فيه أسماك السردين، حتى يسحق ويفقد رونقه، مما يجعله غير قابل لتمويل معامل التصبير والتجميد، إلا في حالة الشح والندرة، أو في تلبية بعض الأسواق الثانوية . كما أحدثت الوزارة في وقت لاحق برنامج (lapions )لتمكينهم من الوصل إلى % 85 من طاقتهم الإنتاجية. وهو المشروع الذي استفاد منه بعض مهني الصيد تطبيقا لإستراتجية “فرق تسد” وهذا موضوع سنخوض في تفاصيله في مستقبل الأيام .
يجب على المصبرين أن يتحلوا بالشجاعة ويعلنوا فشل التجربتين ومحدوديتهما في سد خصاصهم من المادة الأولية، وتلبية متطلبات السوق. كما يبقى الجميع مطالب بالابتعاد عن الغوغاء والإقصاء والضغينة، وخلق مناخ يتيسر فيه وضع تصور ل”مركب نموذج”، تكون فيه كرامة وسلامة العنصر البشري أول الأولويات ، مع ملاءمته لمختلف الظروف الطبيعية والجوية ، وسلاسته في تعبئة المنتوج من أجلا الرفع من جودته و تثمينه.
فلن نأتي باختراع جديد، وإنما كل ما علينا هو الانفتاح على تجارب الآخرين، ولن يتأتى هذا إلا بدعم حقيقي ومشجع مع الابتعاد عن الفلكلور والارتجال، في أفق النهوض بقطاع الصيد البحري في هذا البلد السعيد، وتثبيته كقاطرة اقتصادية أساسية ومهمة من أجل تنمية مستدامة تعود بالنفع على الوطن والمواطن وعلى الجهات وجميع ربوع المملكة.
كتبها للبحرنيوز: عبد الخالق الجيخ
أحييكم علي هدا الموضوع
المشكل الاساسي هو ان ادارة الصيد البحري دائما كانت ولاتزال تحت رحمة ضغوطات اللوبي المتحكم في القطاع. كما ان مراكز القرار بالوزارت لاتعرف حقيقة المعرفة حجم المعانات بالنسبة للبحار باعتباره طرف اساسي بالقطاع وذلك يعود لكون الادارة المسؤولة على سلامة القطاع والحفاض على الثروة السمكية بالمحيط مسؤوليها غالبا يكونون غير بحارة وليسوا مهنيين. وذلك يعود لاقصاء البحارة من المشاركة في تاطير القطاع وتسييره حق تسيير لان اهل مكة ادرى بشعابها. فالبحار اليوم ليس جاهلا بل متعلما واعيا بشؤون البحر والتجهيز وكيفية استغلال المصائد. لكن ضغط اللوبي وتفرقة البحار تصب في اقصائه وابعاده. فالبحار هو الذي ياتي بالافكار والسبل الى المجهز. فلماذا لاتستغل الوزارة هذه النقطة لتتقدم خطوة الى الامام؟