بعد أن ظل قطاع الصيد والعاملين فيه يحضون بأهمية كبيرة مع بروز الجائحة ، حيث أنبرى البحارة بمختلف شرائحهم للإنخراط الإيجابي في مواجهة الأزمة الصحية، وتوفير المنتوجات البحرية لتأمين الأمن الغذائي للمواطن المغربي، وكذا الإستفادة من متطلبات السوق العالمية رغم التراجع الذي عرفته الأثمنة ، يجد البحار نفسه اليوم بعيدا عن النقاش ضمن الشرائح التي تحضى بالأولوية على مستوى عملية التلقيح، ضد الفيروس التاجي، التي تم إطلاقها أمس لتستهدف 80 في المائة من الشعب المغربي، بعد أن كان جلالة الملك قد تلقى الجرعة الأولى من اللقاح المضاد لكوفيد 19 معلنا إنطلاق الحملة .
فلا أحد يمكنه اليوم التنكر للتضحيات الكبيرة التي قدمها البحارة بمختلف شرائحهم ، في تحريك الحركة الإقتصادية، وتوفير الأسماك بشكل متزايد في عز الأزمة، حتى أن أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات ، صرح كذا مرة بأن فترة الحجر الصحي، “أثبتت الأهمية المركزية لقطاع الصيد البحري، وأظهرت قدرة القطاع على مواجهة أكبر الأزمات، وكذا توفره على قدرة عالية على امتصاص الصدمات”. وهو مكتسب لا يمكن الحديث عنه دون رفع القبعة لرجال البحر، على التضحيات الكبيرة التي قدموها، من أجل عدم توقف عجلة القطاع، الذي إستمر في الدوران، ومعه تم حرمان البحار من الإستفادة من التعويضات، التي تم سنها للقطاعات المتضررة من الجائحة .
وحتى نعود للوراء، فالكل يتذكر النقاش القوي الذي أثير حول قرار إستمرارية نشاط الصيد أمام الظروف الصعبة التي تحكم بيئة الإشتغال على ظهر المراكب، إذ تنتفي هناك أبسط الشروط والضمانات، التي تمنع إصابة البحارة بالفيروس التاجي ، خصوصا على ظهر مراكب الصيد الساحلي، حيث النوم المشترك والأكل المشترك في مساحات ضيقة، وكذا ظروف الإشتغال التي تفرض على الكل، التشبت بمهمته على ظهر المركب، سواء عند رمي او رفع الشباك او إفراغ المصطادات بعد العودة للموانئ. ما يصعب من مأمورية الإستغناء على عدد كبير من أفراد الطاقم ، حتى وإن تم حينها تقليص العدد لقرابة النصف، والعمل بمبدأ التناوب، وإعتماد التعقيم المستمر للقطع البحرية، وتزويد المراكب ببعض المعدات الضرورية من طرف المجهزين، لكن هذه المجهودات لايمكن أن توقف توجس المكونات البحرية من تلافي خطر الإصابة . غير أنه وبالرغم من هذه التحديات الصحية والنفسية، فالبحار المغربي عبر عن وطنيته الصادقة ، وقدم نفسه رجلا للمهمات الصعبة ، وضحى بأمانه الصحي ، لخدمة الوطن من زاوية إختصاصه وأهتمامه .
فهذه التضحيات الكبيرة للمكون المهني، والتي لم ينبري بسببها لإعلان البطولة أو طلب إمتيازات حيالها، لوعيه المسبق بأنه جندي من جنود هذا الوطن ، كان سيسعده كثيرا لو تم إقرار هذه الجهود، من خلال ذكر هذه الشريحة ضمن العاملين في الصفوف الأمامية لمحاربة الجائحة، في أبعادها الإقتصادية، ما يفرض إحاطة هذه الشريحة المهنية بشرف الإنتساب لباقي المكونات، التي ستستفيد بشكل مسبق من التلقيح ضد كورونا، وهو مطلب يبقى منوطا بوزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، من أجل إعادة الإعتبار لهذا المكون المهني ، الذي أثبت بصدق أنه من الركائز التي يمكن الإعتماد عليها في عز الأزمات .
وأختم بإستعادة مقتطف من رسالة الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية ضمن الإحتفال بيوم البحارة لسنة 2020 ، حيث أكد “إن عمل البحارة فريد من نوعه وأساسي . وكغيرهم من العمال الأساسيين ، يقف البحارة في الخطوط الأمامية لهذا الكفاح العالمي. ويستحقون ، أن تتخذ الحكومات في مختلف أنحاء العالم إجراءات، وهم يستحقون منا الشكر والتقدير . لكنهم يحتاجون أيضا إنسانية سريعة وحاسمة، لا أثناء الجائحة فحسب ، بل في جميع الأوقات” .
شكرا لك أخي ولهذه الصفحة المحترمة التي تساند البحار في كل صغيرة وكبيرة
مانتمناه كبحارة هو إلتفاتة ملكية لهذه الفئة الهشة المهظومة الحقوق ، لدينا ماهو أكثر من التلقيح والإعتراف بأننا من أصحاب الصفوف الأمامية . نستحق أجر كريم وعيش كريم وسكن كريم وتطبيب كريم وتمدرس في المستوى . نتمنى من المسؤولين الوقوف على مايسرق منا وإعطاء كل ذي حق حقه فقط