بقلم : عبد الخالق الجيخ*
بعد متابعتي لبرنامج “أليوتيك”، الذي يعدّه الصحفي سعيد المنصوري على أثير منصة البحرنيوز، والذي استضاف فيه بعض الوجوه النشطة في تمثيلية قطاع الصيد البحري، تحديدًا صنف السردين كممثلين دستوريين في غرفة الصيد بأكادير، أثارتني مجموعة من التساؤلات، خصوصًا حول الفترة القصيرة التي تولت فيها السيدة امباركة بوعيدة مسؤولية إدارة شؤون الصيد البحري في إطار كتابة الدولة، وللتوضيح فقد سبق لوزارة الصيد أن كانت مستقلة تماما وسيرها عدة وزراء كان أخرهم السيد سعيد شباعتو.
وحتى نكون منصفيين للسيدة بوعيدة، فالظروف كانت مختلفة تمامًا في تلك الفترة، حيث كانت السيدة زكية الدريوش ماسكة بكل الملفات والبرامج التي تهم تنزيل استراتيجية هليوتيس، بكونها موظفة سامية قوية ومتمكنة، بفضل تجربتها الطويلة وإلمامها بجميع ملفات وزارة الصيد البحري. هذا الواقع فرض عليها متابعة دقيقة ومسايرة متواصلة، وقد ساعدها في ذلك تفويض السيد وزير الصيد البحري آنذاك لها جميع الصلاحيات، لأن الضرورة تفرض ان تسير الإدارة برأس واحد، لذلك احتفظ السيد عزيز اخنوش بالسيدة زكية الدريوش وقوى حضورها بنحها.
وفي عهد الوزير السابق الذي كان له ما له وكذا ما عليه، قد تمت مؤاخذته في طريق تدبيره، عندما اراد أن يجمع بين (الملاحة والفلاحة)، وحاول أن تكون كل الامور بيده، وأن يكون هو الآمر والناهي وهو خطأ إسترتيجي بالنظر لحجم الوزارة بأذرعها المختلفة والممتدة للفلاحة والبحر والتنمية القروية والمياه والغابات وكلها قطاعات تواجه مع مطلع العقد الحالي الكثير من التحديات حتى أن كل قطاع من قطاعات الوزارة يحتاج لوزارة بعينها تتيح له إستقلالية التدبير وإنفرادية المهام، وبالتالي فخيار صديقي الذي لم يكن منسجما كع الكاتبة العامة في الصيد ،جعل الصيد البحري يعيش اسوأ أيامه، مما عرفه من انقسامات عمودية وأفقية، أججت الاحتقان والإصطفاف، أصبح معها الكل يتحسس رأسه، سواء داخل الإدارة أو بين المهنيين. ومازاد الطين بلة وضعية المصايد وانعكاساتها على حياة المرتبطين بقطاع الصيد.
وهنا لابد ان ترفع القبعة، للسيدة الوزيرة بإعادة ضبط الإيقاع داخل الوزارة والقطاع من خلال ما تتوفر عليه من خبرة ومعرفة بجوهر التحديات وقوة الإنتظارات، حيث استطاعت البعث برسائل غاية في الأهمية تؤكد على أن لا مجال لهدر الزمن السياسي المحدود ضمن النسخة المعدلة للحكومة الحالية، حيث إختصرت الخطاب في مقولة “اليوم ليس هو البارحة”، وبالتالي جمع مختلف الأطراف في جو من الانضباط والشعور بالمسؤولية، وإشعار الجميع بخطورة الوضع والإنخراط بشكل تشاركي في البحث عن الحلول، بدل تقاذف المسؤولية، والهروب إلى الأمام. وربما قد آن الأوان لتغيير الإسم، إلى “كتابة الدولة المكلفة بالصيد والصناعة والشؤون البحرية” لشمولية المهام.
وقد سلط الضوء معد ومنشط البرنامج السيد المنصوري على مسألة الإعلام، المتمثلة في وضع الرأي العام في الصورة، من خلال نشر بلاغات إخبارية عن جميع أنشطة كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري،وهذه خطوة تستحق التنويه. أما بخصوص العرض الذي أثنى عليه الضيوف، فقد كان عاديا جداً .ففي لقاء سابق ترأسه السيد الصديقي، وفي نفس المناسبة، أشار السيد مدير المعهد، إلى أن سفن صيد الأسماك السطحية بالجر لها انعكاسات سلبية على البيئة البحرية، بسبب تساوي عمق شباكها مع عمق المحيط. هذا الإجتماع عرف غياب مهني RSW وما تبعه من حرب كلامية بين بعض مكونات القطاع.
الجديد القديم الذي أثير خلال النقاش تمثل في ضرورة حماية المناطق الصخرية، مما يشير إلى إجراءات مرتقبة ضد “اللبوياة” والقوارب التي تستخدم الشبكة الدائرية (السويلكة)، أما عن الزيادة في المنطقة المحرمة أكثر من ثلاثة اميال في الجنوب واكثر من ميل في الشمال، مع التذكير اننا قد تحفظنا على هذا القرار في حينه، كون بعض المناطق جنوب طانطان وجنوب العيون، لايمكن الإشتغال فيها في الصيف، إلى ما دون الثلاثة أميال، أما في ما يخص الزيادة في ايام ما يسمى بالراحة البيولوجية فالمستقبل خير مجيب.
أما بالنسبة لموضوع غياب أو هروب السردين الذي حاول البرنامج إثارته نقلا عن تصريح سابق لكتابة الدولة، فهو مرهون بهروب المطر، المطر بدوره مرتبط بالظروف الجوية ذات الطابع العاصف والرياح الغربية. فاللّهُمّ اسْقنا غيْثًا مُغيثًا مريئًا نافعًا غيْر ضارٍّ عاجلًا غيْر آجلٍ. اللهم صيبا هنيًا وصيبًا نافعًا. اللهم كما غسلت الأرض بالمطر، اغسل ذنوبنا بعفوك وغفرانك، واغسل قلوبنا من كل هم وضيق، اللهم صيبا نافعا.
*عبد الخالق الجيخ : عضو كنفدرالي سابق في قطاع الصيد الساحلي