إن المتتبع للنتائج النهائية التي أسفرت عنها إنتخابات الغرف المهنية لقطاع الصيد البحري وإعلانها تصدر اللامنتمون لهذه النتائج بعد حصولهم على 48 مقعدا، بفارق 26 مقعدا عن حزب التجمع الوطني للأحرار الذي حل ثانيا ب18 مقعدا، والحركة الشعبية ب16 مقعدا فالأصالة والمعاصرة ب14 مقعدا، و حزب الاستقلال ب13 مقعدا، ليجد نفسه أمام حقيقة توضحها الأرقام بان الأحزاب بعيدة عن قطاع الصيد البحري .
هذا البعد نقراه في البرامج التي ترسمها الأحزاب والتي عادة ما تغيب قطاع الصيد البحري عن اجندتها، بل انه في كثير من الأحيان نجد حضور الصيد البحري رهين باحدات مناسباتية رغم الاهمية الكبيرة لهذا القطاع ضمن مكونات الإقتصاد الوطني .
هذه الحقيقية تبدو واضحة من خلال قراءة الحملات الإنتخابية للمرشحين الذين حازوا على تقة الناخبية وحصدو بعض المقاعد، فعدد من هؤلاء لم يقدموا برنامجا واضح الأهداف، وحتى اولئك الذي تقدموا ببعض البرامج فإنها ظلت تقليدية تلعب على عاطفة الناخبين المهنيين. وهي دات الأهداف التي تم نسخها من طرف اكثر من مرشح، حتى ان احد المرشحين وهو في حملته الدعائية إمتنع عن منحنا مطبوعا من مطبوعاته مخافة نقل شعاراته وبرنامجه حسب تعبيره. وهو معطى ينظاف إلى ان عددا من المرشحين الذين يمثلون احزاب وازنة إستنجدوا بثقافتهم البحرية التي تحولت إلى وعود آنية مستعينين في ذلك بثروتهم التي انفقوها على تمويل الحملة الإنتخابية في غياب دعم حقيقي من الأحزاب. بل أن كثيرا من المرشحين وجدوا انفسهم خارج السياق ليظلوا يلوحون بتزكية عساها تغطي على شرود الإختيار أو شرود الحزب في منح التزكية.
وانا اكتب هذه السطور تعاودني إحدى طرائف الحملة الإنتخابية، بعدما إستدعينا احد المرشحين الذي ضمن مكانته ممثلا للصيد التقليدي بالغرفة الأطلسية الوسطى في سياق مبادرتنا بتخصيص دقائق للإقناع لكل مرشحي الغرفة. وهي المبادرة التي للأسف لم يتجاوب معها المرشحون في ظل غياب برنامج واضح، وصعوبة الإيمان لدى هؤلاء بكون التواصل المفضي إلى الإقناع هو اساس الحملة الإنتخابية. بل ان كثيرا منهم فضل الإستنجاد بالولائم والوعود الزائفة والترضيات على حساب صراحة نوتقها بالصوت والصورة في سياق تتبعنا لما سياتي في القادم من المراحل.
نعود لصاحبنا الذي يمثل حزبا ضرب بقوة خلال إستحقاق السابع من غشت والذي ضرب لنا موعدا تم تأجيله في أكثر من مناسبة قبل أن ياتينا مرفوقا بمرشح آخر يمثل حزبا عتيدا . فتفاجانا للإثنين مرافقين لبعضهما البعض فسألناهما كيف لكما ان ترافقا بعضكما البعض وأنتما في سباق نحو مقعد وحيد بالغرفة. فكانت الإجابة صادمة من احدهما أنه لاشان له في الإنتخابات سيما ان الحزب منحه التزكية ولم يرافقه في حملته الإنتخابية . بل اكثر من ذلك قال سائلا هل لي في تعويضات الحزب على ما انفقته في الحملة؟ مردفا أن التزكية “غير فلتات للحزب” فطوى صاحبنا الوثيقة وأعادها إلى جيبه تم بدا يناقش حملة صديقه ومنافسه في الآن داته وكيفية إقناع الناخبين لصالحه.
حينما تتمعن لمثل هذه السلوكيات التي يغص بها قطاع الصيد البحري يتأكد لك بان الأحزاب لا يربطها بمهنيي الصيد البحري غير وثيقة تشكل عبئا فتتحين الفرصة اين ترمي بها ، بعيدا عن التأطير والإعداد القبلي لصنع أطر تنهض بقطاع الصيد البحري، وترسم برامج واهداف تشكل منطلقا حقيقيا لبناء أرضية صلبة، تغير من مفهوم الغرف وبعدها الإستشاري، إنطلاقا من الترافع لإكسابها بعدا اقوى من مجرد مباركة المشاريع التي تنزلها الوزارة ، والتي في كثيرا من الأحيان تتحول إلى قرارات حتى ولو لم تحضى برضى المهنيين وتقتهم.
إن إكتساح الامنتمون وهي الصفة التي تبقى شادة في عالم يؤمن بالإنتماء، وكدا المفهوم السياسي الذي يحول هذه الفئة من أغلبية ظاغطة إلى مجرد رقم في حسابات المتسابقين على كرسي القيادة، حتى وإن كان المصطلح وما حققه في إستحقاقات الجمعة هو يأتي لفك الشراكة مع الأحزاب، وإبقائها بعيدة عن قطاع الصيد البحري. لتبقى بدلك انتخابات 2015 قد زكت وإلى حد كبير مفهوم التحكم الذي مارسته مجموعة من الشخصيات التي تضغط للحفاظ عن مصالحها وإبقاء الوضع كما هو عليه. فهي نفس الأسماء لنفس المناصب والمقاعد، اللهم بعض التغيرات الطفيفة التي لن تغني ولن تسمن من جوع .
وبالعودة إلى النتائج المحققة وتتمة لها فقد حصل حزب العدالة والتنمية وهو الحزب الذي يقود الحكومة على 6 مقاعد متساويا بذلك مع حزب الإتحاد الإشتراكي الذي حصل بدوره على ستة مقاعد، فيما عادت أربع مقاعد لحزب التقدم والاشتراكية ومقعد وحيد لكل من الاتحاد الدستوري وحزب الاصلاح والتنمية.
هكذا طويت صفحة الجمعة إدا بإيجابياتها وسلبياتها في إنتظار تمكين البحار من حقه في الإدلاء بصوته كمهني يبقى في حاجة لمن يدافع عن حقوقه ويقوي مركزه الإجتماعي، ويخطط لمستقبله. بل ويشارك في رسم إستراتيجيات المستقبل نظرا لكونها تستهدف الحنطة ومعها الثروة السمكية مجال إشتغاله، الذي يجب ان يصان ويعقلن ليتماشى مع إنتظارات البحار البسيط الذي فقد ثقته في ممثليه حتى وإن كان لا يختارهم، وكدا الإدارة التي اخرجته من حساباتها فما الذي ستحمله الخمس سنوات القادمة ؟
كتبها للبحرنيوز : سعيد المنصوري