غموض سلوك الأوركا مع القوارب.. دراسة تُخرجها من دائرة العدوانية وتُبرِّرها بالتدريب!

0
Jorgesys Html test

كشفت دراسة حديثة صادرة عن معهد بحوث الدلافين الفرنسي (BDRI) عن تفسير علمي جديد لسلوك حيتان الأوركا، يبتعد عن الفرضيات السائدة التي تربط هذه الحيتان بالعدوانية أو السلوكيات التخريبية تجاه قوارب الصيد والسياحة.

قارب صيد هاجمه حوت الأوركا بشمال المغرب

فبحسب الباحثين، لا تستهدف حيتان الأوركا القوارب بدافع العداء أو الانتقام، بل تتعامل معها، خاصة صغارها، كـ”أهداف تدريبية” لاكتساب مهارات مطاردة وصيد التونة الحمراء، إحدى أسرع وأقوى الكائنات البحرية في مياه شمال المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط. وهي قناعة تتماشى مع قناعات سابقة بكون هذا السلوك هو عبارة عن لعب، وهو عادة ما يصدر عن صغار الحيتان ، 

وتشير المعطيات العلمية إلى أن التونة الحمراء قد يبلغ طولها أربعة أمتار، ويصل وزنها إلى 900 كيلوغرام، فيما تصل سرعتها إلى 45 كيلومتراً في الساعة، مما يجعلها فريسة صعبة حتى على الأوركا المتمرسة. وتبعًا لذلك، يُعتقد أن مهاجمة القوارب تمنح الأوركا بيئة تدريبية لاختبار استراتيجيات الاصطياد والمطاردة.

المغرب في قلب الظاهرة

وقد شهدت السواحل المغربية في السنوات الأخيرة عدة حوادث مسجلة لتحرش حيتان الأوركا بالقوارب، لا سيما قبالة مضيق جبل طارق، وهو ما أثار قلق الصيادين المغاربة،ذ حيث باتت الأوركا تمثل تهديدًا يفوق في أحيان كثيرة خطر اضطرابات البحر أو الرياح العاتية.

في هذا السياق، أكد عدد من الخبراء والباحثين أن هذه التفاعلات مع القوارب لا تُصنَّف ضمن السلوك العدواني الصريح، بل يُحتمل أن تعكس شعور الحيتان بالفضول، أو إحساسًا بتهديد موائلها البحرية أو مجموعاتها الاجتماعية، إلى جانب التوتر الناتج عن الأنشطة البشرية مثل الصيد المفرط أو الضوضاء أو التلوث. كما تظل بعض الحوادث محدودة نسبيًا، ويعمل العلماء على تحليلها ضمن إطار أشمل لفهم أعمق.

مقاربة علمية ومؤسساتية في المغرب

في تفاعل رسمي مع هذه الظاهرة، أوضحت كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، زكية الدريوش، أن الوزارة تعمل على تقليل التفاعلات السلبية بين الحيتان القاتلة وقوارب الصيد، من خلال اعتماد تكنولوجيا متقدمة تساعد الصيادين على تفادي هذه الهجمات.

وأوضحت في جواب على سؤال برلماني كتابي، أن الوزارة تستخدم تطبيقات على الهواتف الذكية ضمن برنامج “الصيد الحارس” لتتبع حوادث تفاعل الأوركا مع القوارب، وتنبيه الصيادين بشأن مواقع تواجد هذه الحيتان.

من جهته، يواصل المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري جهوده العلمية، حيث يعمل على تحليل سلوك الحيتان، وتحديد أنماط تحركاتها وهجماتها المحتملة. كما يجري المعهد دراسات ميدانية، ويقوم بجمع المعلومات عبر التعاون مع الصيادين المحليين، من أجل إنتاج خرائط مخاطر تساعد السلطات على اتخاذ قرارات استباقية لحماية الأنشطة البحرية.

تعاون دولي لتعميق الفهم

وفي خطوة لتعزيز البحث العلمي المشترك، تم توسيع حملات الاستكشاف البحرية إلى شمال مدينة العرائش، ضمن شراكة بين المعهد الوطني المغربي ونظيره الإسباني (المعهد الإسباني للمحيطات)، بهدف تحديد توزيع الأوركا في جنوب مضيق جبل طارق.

كما انخرطت المملكة المغربية في شراكات دولية مع منظمات مختصة لتبادل المعطيات والخبرات العلمية، وذلك ضمن رؤية شمولية تستند إلى التعاون الدولي لفهم السلوكيات البحرية الكبرى وتأثير النشاط البشري عليها.

Jorgesys Html test

أضف تعليقا

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا