حلت قبل ثلاثة أيام من الأن ذكرى حادثة غرق مركب الصيد الساحلي بالجر “مارمارا” بسواحل أكادير، دون أن تلتفث التمثيليات المهنية الكلاسيكيكة بذلك، أو تبالي بمصير عائلات الضحايا، لكن متابعة جريدة البحرنيوز رصدت تحركات عدد من الأرامل والأهالي، وتوافدهم على إدارة مندوبية الصيد البحري بميناء أكادير، للإستفسار حول التدابير الممكن اتخادها من الوثائق المتطلبة لتفعيل الإجراءات، بعد انتظار سنة كاملة ويوم من تاريخ وقوع حادثة الغرق.
مرت سنة وأيام عن حادثة غرق مركب الصيد بالجر مارمارا، وقبله المسناوي، وبعدهما الحمري، و لم يخطر ببال التمثيليات المناسباتية، تقييم الحوادث المفجعة التي تخلف العديد من الضحايا من رجال البحر، وتنتج الأرامل والثكالى والأيتام، باستثناء مبادرة بعض الوجوه الغيورة على حياة البحارة، من مسؤولين، وإعلاميين، ومهنيين كدلك، الذين ترافعوا بقوة عن ضرورة تطوير السلامة البحرية، وتأهيل العنصر البشري، لتتلاءم مع الوسائل الكفيلة بتجنيب المزيد من الضحايا في حالة الغرق.
وانخرطت وزارة الصيد البحري في مشروع السلامة البحرية، من خلال تحيين نصوص قانونية تجبر استعمال صدريات نجاة متطورة، ورماثاة النجاة، وانتقلت أطر مديرية السلامة والإنقاذ ورجال البحر، في زيارات مكوكية لجميع أنحاء مناطق الصيد بالبلاد، لتقديم الشروحات والتحسيس و تأطير البحارة بخطورة البحر، وبضرورة الإلتزام بالوسائل القانونية للسلامة البحرية. وانخرط كدلك مجموعة من المجهزين في مشروع تطوير السلامة، واقتنوا صدريات متطورة، رغم الكلف المالية لها، لكن جلهم اعترف بأنه استثمار مهم في رجل البحر و مكانته الأساسية في المعادلة البحرية.
الأرامل والأهالي متدمرون بشدة، من القوانين المجحفة التي تجعل أهالي البحارة المفقودين في البحر، انتظار سنة و يوم واحد، قبل الحصول على أمر قضائي يتضمن شهادة الوفاة، ليدخلوا من جديد في دوامة اسمها شركات التأمين وانتظار شهور طويلة في المحاكم، ومعاناة قبل الحسم النهائي، في مبالغ التعويض التي يحكم بها. بل أن العديد من الحالات لم تحصل على حقوقها وضاعت بين مكاتب المحاماة، وسراديب المحاكم.
تاريخ غرق مركب الصيد يبقى فقط تاريخ حادثة للمهنة وللمهنيين، لكنه تاريخ مليئ بالحزن والألم بالنسبة للأهالي والأبناء، وكدا الأرامل في فقدان المعيل الوحيد. هو تاريخ حزين يقلب الأوجاع، ويرمي بالأهالي في بحر من التيه، بسبب فصول قانونية لم تحمي سلامة البحار، ولم تحافظ على كبريائه. وهو على قيد الحياة. فكيف يمكن أن تحافظ على ذلك و هو ميت مفقود. لتستمر المعاناة وانتظار سنة ويوم واحد، للحصول على ورقة قضائية تؤكد الوفاة، رغم أن من يصدرها لا يعرف البحر، ولا البحارة، ولم يكن يوما في قلب الحياة المهنية، فإلى متى تستمر المعاناة يقول أحد ممثلي البحارة، ومتى سيتوقف نبذ البحار.. أسئلة محيرة و ثقيلة بحجمها المعنوي.
وكان مركب الصيد الساحلي بالجر مارمرا قد غرق يوم الأربعاء 8 يوليوز 2020 بسواحل أكادير على بعد 28 ميلا من ميناء المدينة، مخلفا قضاء أكثر من 10 بحارة من الطاقم نحبهم، إد أنه بعد أسابيع أفرزت التحليلات الطبية بتقنية ADN التعرف على بعض الجثث التي انتشلتها مراكب صيد أخرى.
يتبع…