استطاعت تعاونية الموجة الزرقاء النسوية ببليونش دخول تاريخ قطاع الصيد التقليدي بالمغرب، بعد أن تمكنت نساؤها من ركوب البحر في رحلات صيد بسواحل المنطقة إلى جانب الرجال. وذلك في مشهد إستأثر بإهتمام مختلف الفاعلين الإداريين والمهنيين إلى جانب الصحافة والإعلام . فالتعاونية التي لم يمضي على تاسيها سوى عام واحد بعد إعلانها في الثامن من مارس 2019، هي تراهن اليوم على البحر ونشاط الصيد، في النهوض بأوضاع المرأة المحلية، والرقي بمستواها المهني في قطاع الصيد، باعتبارهن نساء شغوفات بالعمل البحري. الزميلة ليلى حبيبي إقتربت من فاطمة مختاش رئيس التعاونية وأجرت معها هذا الحوار.
نحن سعداء بأن تكون فاطمة محناش ضيفتنا في البحرنيوز. مرأة بحرية بهذه الحيوية والدينامية والنشاط من أين إستمدت كريزمتها البحرية؟
مختاش بإبتسامة: شكرا لكم ، فنحن في مجتمع بحري وهذا وحده كفيل بأن يجعل الإنسان مقبلا على الحياة ، فعلاقتي بقطاع الصيد البحري ارتبطت بنمطين أساسين من العلاقات، علاقة أولى تابثة و مستقرة بحكم ظروف النشئة الاجتماعية البحرية، التي حضيت بها ببليونش التابع للدائرة البحرية للمضيق، والثانية هي مكتسبة من خلال الاحتكاك بفعاليات مهنية وجمعوية وإدارية. وهو إنفتاح ساهم إلى حد بعيد، في بلورة وإنشاء تعاونية نسوية، اختير لها اسم تعاونية الموجه ببليونش.
قد تابعنا معكم من داخل البحرنيوز التطور الكبير الذي حققته التعاونية، والذي قادكن لتصبحن بحارات بسواحل المنطقة. وأنتن اليوم تبحرن على متن قوارب تقليدية إلى جانب الرجال. فهل من زاويتك هذه التجربة كفيلة بتغيير الصورة النمطية بكون الصيد التقليدي قطاع ذكوري؟
حتى اصدقك القول بأن الحديث عن قطاع البحر بهذا التوجه النمطي اصبح أمرا متجاوا إلى حد بعيد، فالمرأة المغربية اليوم فرضت نفسها بالقوة داخل هذا القطاع في ابعاده المختلفة . ربما في الصيد خصوصا الصيد التقليدي لازالت الأمور معقدة شيئا ما، فالتجربة الشخصية التي خضتها انا كرئيسة تعاونية موجة بليونش رفقة زميلاتي في المكتب، خلقت في بداية الأمر مجموعة من الاسئلة المبهمة في صفوف البحارة، لاسيما بعد تسلمنا الدفاتر البحرية، والإنطلاق في ممارستنا الانشطة البحرية داخل قوارب تقليدية إسوة بشقائقنا الرجال.
هل نفهم من قولك السيدة مخناش، أن البحارة يرفضون حضوركن إلى جانبهم بسواحل المنطقة؟
القاعدة العامية تقول دائما بأن كل جديد هو محارب بإعتباره خروجا عن العادة أو النص ، فالبحارة لم يتقبلوا في البدايات نساء يجبن سواحل المنطقة بقواربهن بحثا عن صيد ، يساهمن به في الرفع من مواردهن المالية. خصوصا في منطقة تعتمد في أساسياتها الاقتصادية على قطاع الصيد البحري بشكل كلي والذي ظلت فيه المرأة تقدم المساعدة لأبيها أو شقيها أو زوجها عمد كل خروج لرحلة صيد ز فالمرأة حاضرة ضمن المخيال البحري للمنطقة. فهم يرفضون هذا التساوي في الوظيفة المهنية. غير أنه ومع عملنا البحري الجدي والدؤوب، بدأ المحيط البحري ببليونش، من عاملين و بحارة يتقبلون التجربة النسوية بصدر رحب، مرة يسخرون منا ومرة يساعودن ويرشدون. لتتراجع مع الوقت نظرتهم السلبية بشكل كبير مؤخرا.
واقع الحال يؤكد أن قطاع الصيد التقليدي قطاع شاق وصعب! أليس كذلك ؟
بالفعل هو من القطاع التي تحتاج للكثير من المعرفة ، لكن التطور الذي تعرفه الساحة المهنية يجعلنا اما وسط غني بالمعرف وجدير بالإكتشاف ، نحن اليوم داخل تعاونية الموجة الزرقاء على واعيات بأننا على موعد مع التاريخ ، ويجب أن نكون في هذا الموعد ، لدى لا نمل ولا نكل من التعلم وتعزيز الخبرات عبر الإحتكاك المباشر مع بحارة المنطقة الذين نقدم خالص الشكر على المساعدات العملية التي يقدمونها للنسوة بغرض تمكينهن من شرب المهنة، خصوصا في عملية جر وسحب قوارب الصيد للشاطئ الرملي ببليونش، وكذا عند عمليات الصيد. فهذا الإدراك والوعي المعبر عنه من طرف البحارة العاملين ببليونش، تولد معه المزيد من الإصرار في أوساط النسوة “البحريات”، في الإرتقاء بأدائهن المهني بدون توقف.
هل يمكن القول اليوم أن مختاش كإمرأة متوسطية حققت هذفها في قطاع الصيد البحري؟
الحمد لله كان هذا حلما تحول اليوم إلى حقيقة ، خصوصا بعد أن استفادت تعاونية موجة بليونش من مجموعة من الدورات التكوينة التي جمعت الشق النظري بالشق التطبيقي منذ بداية إنشاء التعاونية. وهي الدورات التي وفرها لصالحهنا مجموعة من المتدخلين، من قبيل معهد التكنولوجيا للصيد البحري بالعرائش، ومندوبية الصيد البحري بالمضيق، إضافة إلى مجموعة من المتداخلين داخل وخارج المغرب تتقدمهم الوكالة اليابانية للتنمية. و بمتابعة اعلامية وطنية و دولية. و هي كلها معطيات مكنتنا من فهم واستيعاب مجموعة من الآليات التقنية، المرتبطة بالإبحار على متن قوارب الصيد التقليدي. في مجال السلامة البحرية. كما تعرفنا من خلالها، على كيفية التعاطي مع الحرائق، والإسعافات الأولية، وكذا أساليب البقاء على قيد الحياة، كما همت الدورات التكوينية هيكلة خياطة الشباك وتقنية الصيد بالخيط “البلانكري”. ونحن اليوم نجني ثمار هذه المجهودات التي عرفتنا بأنه لامجال للمستحيل ، وإنما الرغبة في التطور وركب التحدي، لإكتشاف أغوار البحر بهذه المنطقة. ونحن مستعدات لتحقيق مزيد من الإنجازات في هذه المهنة التي بقدر ما هي صعبة فهي ممتعة.
اليوم قطاع الصيد يستعد لإطلاق إستراتيجية جديدة في قطاع الصيد. ماهي انتظاراتك كامرأة بحرية من هذه الإستراتيجية ؟
لا يخفى على ـحد أن دخولنا للبحر هو ثمار إسترتيجية أليوتيس الأولى التي شملتنا بالكثير من العناية والتكوين، لنكون ما نحن عليه اليوم ، والتي كان لها الفضل في بروز تعاونية موجه ببليونش، اليوم نحن نتتطور بشكل إيجابي في وسط يحيطنا بالكثير من العناية، من أعلى هرم الوزارة والإدارة وصولا إلى الفاعلين الإداريين على المستوى الجهوي والإقليمي، وكذا محيطنا المهني والأسري. وهو ما يجعل طموحنا أكبر، وتطلعنا يزداد للنسخة الثانية، التي من المفروض أن تستحضر هذه التجربة في سياق تعميمها بباقي الموانئ المغربيةز وكذا إحاطتها بشروط الإستمرارية والنجاح، بما يساهم في الرفع من المستوى الاقتصادي والاجتماعي، للمكون الاقتصادي التضامني النسوي بالمنطقة.