خلف حدث فشل الغرفة الأطلسية الوسطى بأكادير في عقد أولى دوراتها العادية العديد من ردود الأفعال في الأوساط المهنيية سيما أن فشل إنعقاد هذه الدورة يأتي على بعد أسابيع قليلة من الحسم في تشكيلة المجلس المسير بمختلف اقطابه .
ولأنه لا دخان بلا نار فإن البحرنيوز حاولت البحث في الأسباب الكامنة وراء هذا التطور الخطير حتى وإن غابت عنا رواية رئيس الغرفة الذي إختار أن يحرمنا حقنا في المعلومة وأستاتر بتوجيه الدعوة للبعض دون الاخر . أكيد انه حر في إختيارته وله كامل الصلاحية في إختيار المنابر التي يتعامل معها، لكنه يجب أن لا ينسى بأنه مسؤول إدارة عمومية منتخبة ، ومن حقنا عليه أن يسهل ويبسط مهامنا في الوصول إلى المعلومة كما يكفلها الدستور الجديد.
أكيد هذا موضوع آخر سيأتي وقته في حينه لأن هذه هي إشكالية الغرف، فهي تحتاج دائما لمن يطبل ونحن ذاخل البحرنيوز نؤمن كما يؤمن غيرنا من حامل هم السلطة الرابعة بأن الطبال ليس مهنة الصحفي وأن الصحافة تقوم بنوع من الرقابة وهي تنقل المعلومة وتتحرى مصداقيتها بعيدا عن المزايدات الضيقة، لكن رغم هذا كله فالواجب يحثم علينا إلتزام نفس المسافة من مختلف القضايا التي نتعاطى معها .
وكما يعلم جميع متتبعي البحرنيوز سيما أتناء تغطيتنا لإنتخابات الرابع من غشت وبعده كواليس إنتخاب رئاسة الغرفة التي اتسمت بتقلب صفاتها ، واختلاف ثوابتها ، فقد خرج عنها صراع انتخابي محموم أبيح فيه كل شيء من تشهير و انتقادات و اتهامات من أجل إقصاء و إسقاط الخصوم و خلق المشكلات التي تلعب دورا مهما في مثل هكذا أحداث أساسية ومصيرية ، لكنها و كما هو معروف لم تنفك المقاييس التقليدية التي تبنى عليها المصالح الشخصية دون أن تغادر مفهوم (المتسيد) الذي يشكل في نفس الوقت ثقافة الأمر و الناهي والمتمركز حول الذات بشكل مفرط يدفع للقول بأن رئيس الغرفة ينبغي أن يكون ذا شخصية كاريزمية تشبع روح المهني في التسيير العقلاني و السليم لقطاع الصيد البحري .
لقد كان نشاط الأروقة و اللقاءات الماراطونية للانتخاب أعضاء المكتب الجديد للغرفة الأطلسية الوسطى مقدمة لتمديد ولاية الرئيس السابق، بل إنها ازدادت بعدا وسوءا ليس بسبب تدهور التوافق بين الأعضاء المصوتين فحسب، إنما والأخطر حسب ما توصلت به البحرنيوز من مصادرها العليمة، وجود وثيقة ملغومة اللافت أنها كانت المحور و نقطة الارتكاز في كل أجزاء تشكيل المكتب بعدما أصبح اللعب على المكشوف في مسار تكشفت ملامحه بين قطبين بمقابل( أعطيني نعطيك ) و ذلك بعدما قدمت رسالة واضحة بخطوط عريضة تتضمن ( اتفاقا بين الرئيس الحالي و صنف أعالي البحار ) كهدية و قربان لصالح الصيد في أعالي البحار من أجل الظفر برئاسة الغرفة الأطلسية الوسطى لأكادير، كما تم الإتفاق على أجندة مجلس المستشارين وجامعة الغرف دون إغفال المجلس الإقتصادي والإجتماعي.
الأدهى أن النظريات السياسية تقول أن كل شيء له ثمن، وانه لا توجد “عطايا” مجانية دون مقابل، ولذلك فان السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو عن الثمن أو المقابل الذي حصل عليه الصيد في أعالي البحار مقابل أصواته للرئيس المنتخب ،و ما هو الثمن الذي سيؤديه أصناف الساحلي و التقليدي في هده ) التخريجة ( المحمومة بالمخاطر ، هل اتفاقية 2004 هي الثمن المتفق عليه بين الرئيس و قطب الصيد في الأعالي ؟ أم هو برنامج ( l’appointe )؟ أم الاثنين معا ؟
لا نملك الإجابة الصريحة ، لكن ما آلت إليه الأوضاع والتفكك الذي شهده المكتب المسير للغرفة الوسطى سيما بعد إنتخابات مجلس المستشارين والتي حرقت أول اوراق الرئيس الذي دفع بجواد الهلالي على حساب كل من عبد الرحيم الهبزة وعبد الرحمان البوسري، وكدا إختيارات الرئيس فيما يخص عضوية جامعة الغرف التي أكدت مصادرنا انها حملت في سياقها كل ما يخدم مصلحة ماء العينين الذي كان قد عمل جاهدا على تهدئة الأوضاع من أجل تجديد التقة في سرود دون غيره ، كلها مؤشرات تؤكد مما لا يدع مجالا للشك أن الأمر ليس بخير وأن فشل عقد الدورة العادية ليس مجرد حادث عابر وإنما له ما سيليه.
وبالعودة إلى استحقاقات تحديد مقاعد الغرف فالكل يذكر النقاش الذي أثرناه بعدما طفت على السطح أخبار تفيد أن البعض سعى جاهدا للعب بورقة اتفاقية 2004 المعروفة حصريا ب la matrice و هي اتفاقية تحدد الكميات المصطادة للإخطبوط أو الكوطا الخاصة بكل صنف على حدة، بحيث يتم تخصيص %65 للصيد في أعالي البحار و %24 للصيد التقليدي فيما يتحصل الصيد الساحلي الذي ينتمي إليه الرئيس على % 11 فقط و هي المفارقة الغريبة و الميز الكبير في تباعد حصة الأعالي عن الأصناف الأخرى.
و حسب بعض الأطراف المهنية المطلعة فإن الرئيس بوعي تام منه و في ظل المفاوضات على رئاسة الغرفة الأطلسية الوسطى و تشبثه بالكرسي نسي إنتماءه وخلق واقعا كانت فيه الصفقة السيئة مفضلة عن انعدام الصفقة كما أن الاتفاق عظم مكانة الصيد في أعالي البحار للاستحواذ و التسيد على أكبر حصة من صيد الإخطبوط رغم انتساب الرئيس للصيد الساحلي.
وقد شكلت الصفقة الملغومة موجها أساسيا في الظفر بكرسي الغرفة الأطلسية الوسطى حتى أن هناك تأكيد من ذاخل الغرفة بان طلبا خطيا وجهته رئاسة الغرفة لوزارة الصيد البحري تطالب من خلاله باعتماد اتفاقية 2004 أو la matrice كقرار وزاري نهائي لا رجعة فيه و هو ما يتنافى مع خطابات صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله أن الثروة للجميع و ليس لفئة دون أخرى .
لكن حتى لا نكون من الذين ينفخون الريح في الرماد فأكيد ان الإنقلاب على الشرعية عبر تجميع توقيعات ثلثي الأعضاء في محاولة لإسقاط الرئيس هو أمر يبقى مستبعدا لما تتطلبه العملية وكدا التعقيدات المحيطة بها . غير أن الدعوة للعملية هي تحمل في طياتها نقدا لادعا لبعض المنقلبين سيما ان هذا الإنقلاب يأتي على بعد أسابيع قليلة من إنتخاب الرئيس الجديد القديم، والطاجين مازال ما دار فيه ما يتحرق. كما ان هؤلاء الذين ينقلبون اليوم هم أنفسهم الذين صوتوا برفع اليد وتسمية الرئيس خلال الإنتخابات الرئاسية فما الذي وقع؟ سؤال إنتظروا أبعاده في مقالاتنا القادمة .