عبرت مصادر مهنية محسوبة على بواخر الصيد بالتجميد، عن إمتعاضها الشديد من مضامين القرار الآخير، المنظم للموسم الشتوي لصيد الأخطبوط، مؤكدة في ذات السياق أن القرار يضرب في العمق مصالح هذا الأسطول.
وفي وقت شددت ذات المصادر في إتصالات متطابقة مع البحرنيوز على قناعتها التامة، في تحقيق مبدأ الإستدامة وصيانة المصايد، سيما في ظل تراجع الكتلة الحية، كما هو معبر عنه من طرف المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، نددت بتخفيظ حجم المصطادات بقرابة 50 في المائة، وتقزيم الموسم إلى ثلاثة أشهر بدل أربعة مقارنة مع الموسم الشتوي الأخير، إلى جانب توسيع دائرة الإغلاق على مستوى المناطق الصخرية، فضلا عن منع إستعمال شباك الجر ذات الفتحة العمودية الكبيرة أو ما يعرف بشباك GOV، والتي ظلت مصالح الوزارة حتى الأمس القريب حسب المصادر نفسها، تباركها ضمن تقاريرها التفقدية مع كل رحلة صيد. وهي معطيات كلها تضيف المصادر المهنية، نزلت كقطعة ثلج باردة على مهنيي القطاع.
وأوردت ذات المصادر، أن منع الشباك على بعد أسبوع من إنطلاق الموسم الشتوي لصيد الأخطبوط بعد أن اعدت البواخر عدتها إستعدادا لإنطلاق الموسم، هو ما يعني في العمق توقف عدد من البواخر عن الإبحار، لكونها عرفت مجموعة من الإصلاحات لملاءمتها مع الصيد بشباك الجر ذات الفتحة العمودية الكبيرة. فيما تتوفر كل باخرة على أزيد من شبكتين، إذ تكلف كل واحدة أزيد من 200000 ألف درهم. كما أن ضيق الوقت الذي يفصلنا عن إنطلاقة الموسم تسجل بعض المصادر المهتمة، هو يصعب على المهنيين تدبر مصالحهم، وإعادة هيكلة بواخرهم التي ظلت تستعمل هذا النوع من الشباك. حيث تحتاج الباخرة لثلاثة حتى أربعة أسابيع من أجل تأهيلها للصيد بالشباك العادية.
وأبرزت المصادر أن قرارات مماثلة، هي تحتاج لمتسع من الوقت من أجل التشاور، لأن الأمر يتعلق بإستثمار مرخص، وبالتالي فعملية المنع تحتاج ضمنيا لخطوات مصاحبة، كما هو الشأن لمنع الشباك العائمة، حيث تم تعويض أرباب هذه المراكب مقابل تخليهم عن إستعمال هذه الشباك. كما تم تعويض قوارب الصيد التقليدي إبان مخطط 2004 من أجل مغادرة المصيدة الجنوبية. فيما تم مؤخرا تعويض مهنيي المتوسط عن تضرر شباكهم من هجمات النيكرو. لكن هذا التوجه لم يجد طريقه لمجهزي الصيد في أعالي البحار، حيث لم يفتح معهم باب الحوار بخصوص تخليهم عن شباكهم التي ظلت تلج المصايد المغربية بمباركة من مصالح الوزارة الوصية، خصوصا أن الأمر يتعلق بشركات منظمة.
وأفادت مصادر مهنية في الصيد في أعالي البحار أن استعمال الشباك التي حرمت بقرار مفاجئ حسب تعبيرها، لم يجد ما يحرمه في القانون البحري المغربي في وقت سابق، حيث ظلت مصالح الوزارة ترخص بإستعمال هذه النوع من الشباك مع كل خرجة صيد. كما أفادات في ذات السياق أن الشباك تحتاج لمقومات خاصة ضمن الإستثمار، خصوصا على مستوى الباخرة التي يستعملها، إذ يتم وضع “التراي” الخاص بها في أعلى الباخرة. وهي عملية تبقى في حاجة لدراسة مدى توازنها عند تزويدها بشباك “GOV” وكدا معايير السلامة، حتى لا تواجه صعوبات عند تحركها أو إصطدامها بالأمواج والرياح القوية. كما يتطلب الأمر نظاما خاصا للسلامة، وتدريبا مهما للعنصر البشري، حتى يعتاد على مختلف جوانب إستعمال الشباك، التي أصبح إستعمالها يرتبط بعلم خاص، وهو إستثمار قد يكلف الباخرة أزيد من مليون درهم.
وفي موضوع متصل أكدت مصادرنا، أنه وبمجرد ورود القرار المنظم للخرجة الشتوية لصيد الأخطبوط، حتى تحركت الهواتف، وأصبح المجهزون يجسون نبض بعضهم البعض، بخصوص الخروج في رحلات الصيد الشتوية من عدمه. بحيث أصيب الكثير من المجهزين بالصدمة. لكون حجم المصطادات المرخصة في نظرهم، يعد ضئيلا جدا مقارنة مع قيمة الإستثمار في رحلة الصيد، ناهيك عن إغلاق مجموعة من المصايد، التي حددها القرار بمضلعات معينة. هذا دون إغفال مدة الموسم التي سقط منها شهر وأصبحت ثلاثة أشهر بدل أربعة. فيما ظلت العادة مع كل تمديد في الراحة البيولوجية، أن تتم صيانة المدة المخصصة للصيد بشكل يتماشى وانتظارت المهنيين.
وشرعت الشركات المالكة لبواخر الصيد، في عملية التنسيق فيما بينها، بخصوص التعاطي مع القرار الجديد، والذي ستكون له إنعكاسات سلبية على اليد العاملة، حيث أن ضعف الحصة المرخصة، جعلت بعض الشركات تفكر بجدية في التقليص من مجهود الإستثمار، بالإقتصار على نصف اللأسطول. وهددت أخرى بجعل الموسم موسما أبيضا ، لصعوبة المهمة. فيما إلتزمت أخرى الصمت، في إنتظار ما ستحمله الأيام القادمة، والتي تؤكد كل المؤشرات، بأنها ستكون أياما ساخنة، في علاقة شركات الأعالي بالوزارة الوصية.
يذكر أن المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري ،كان قد دق ناقوس الخطر بخصوص تطور الكتلة الحية للأخطبوط، مبرزا أن المخزون قد تراجع بقرابة 50 في المائة، مقدما توصياته للوزارة الوصية بحماية المخزون، عبر توسيع دائرة المناطق الصخيرة المحمية، وتحريم بعد معدات الصيد، ومصاحبة المهنيين في تدبير المصايد. كما كان قد دعا إلى تمديد فترة الراحة البيولوجية، وتأجيل إنطلاقة موسم الأخطبوط.
وإعتبر كثيرون أن لقاء لجنة التتبع لهذه السنة، قد إتسم بالمصداقية والصراحة التاريخية، في إتجاه المصالحة مع مصايد الأخطبوط. فيما تزامنت توجيهات المعهد مع أزمة تسويقة في ظل عدم قدرة المستثمرين، على تصريف مخزونهم من الأخطبوط، في ظل التراجع الذي عرفته الأثمنة في السوق العالمية.