قطاع تصبير السردين و ناقوس الإفلاس

0
Jorgesys Html test

مصانع السمكإذا كان قطاع تصبير السردين يشكل دعامة و ركيزة ضمن بنية الاقتصاد الوطني باعتباره مصدرا للعملة الصعبة و مشغلا لحيز عمالي كبير، فإنه يعتبر بحق الجهاز التنفسي لمراكب صيد السردين، نظرا لحمولة أطنان السردين التي تحول بهذه المعامل إلى علب للتصبير، غير أنه و منذ 10 سنوات، قد أصبح هذا القطاع بأسفي يتخبط في أمهات المشاكل، و التي في جوهرها تعود إلى الإفلاس السريع.

  و يبقى الإشكال المطروح هو إشكالية العرض و الطلب لاسيما حين يغيب التحليل العميق و الممنهج لأسباب الأزمة و نتائجها داخل قطاع تصبير السردين، و برؤية ممنهجة تستحضر قطاع الصيد البحري و علاقته بقطاع التصبير، إنطلاقا من اعتماد التحليل البنيوي و ترابط بنيات قطاع الصيد البحري ببعضها البعض، مما يجعل الظرفية في أمس الحاجة لضرورة فتح عدد من الإشكالات  المسكوت عنها والتي يبقى كل منها يقتضي وقفة أو مناظرة وطنية.

ولعل هذه الإشكالات تبقى بالأساس أسيرة الأتر السلبي للفاعلين بقطاع الصيد البحري بإشكالية العرض و الطلب، التي تتطلب تجاوز الرؤية الاستثمارية الكلاسيكية الموروثة عن مرحلة السبعينات داخل قطاع التصدير،  واعتماد سياسة تسويقية جديدة تنبني على مبادئ الجودة الكلية أثناء الإنتاج لغزو كل الأسواق، بدل الاعتماد على الزبناء التقليديين (بلجيكا- ألمانيا- ايطاليا- نيجيريا- أنغولا) مع بلورة وعي شامل بإشكالية الجودة لقتل الهواجس الوهمية المختلفة.

وهي أمور تتطلب خلق نظام إشهاري و إعلامي، مع الحث على الجودة في التسويق الوطني، و زجر كل من يخرق النظام المعمول به، مع جعل المواطن داخليا يتوافق مع المنتوج  وفي ذلك سياسة تسمح باستهلاك منتوج التصبير. وذلك بمعنى إعادة الثقة عند المستهلك المغربي، الذي بمقدوره استهلاك و بشكل متوسط ما قدره 300 ألف صندوق سنويا، حجم إنتاج معامل ذات أنتاج متوسط.  هذا فضلا عن   خلق سياسة تشجيعية للاستثمار و فتح أفق لذلك داخل هذا القطاع ، اعتبارا لمدى البعد المستقبلي للصناعة الغذائية و التي تعتبر سلاحا للاقتصاد المغربي.

 وهي كلها خطوات لا تنسجم إلا بإعادة تشغيل الوحدات ذات البنية التحتية، و فتح أفق للاستثمار يقوم على الشراكة في هذا القطاع مع بعض الشركاء الأوروبيين، و نخص بالذكر هنا وحدات C.M.C التي كانت تشغل قرابة 2.200 عاملة، بالإضافة إلى العمال، و إغلاقها سنة 1998 قد جعل العمال و العاملات ينتظرون إعادة تشغيلها. و ظل الجميع يحرس آلياتها و ممتلكاتها في انتظار الحل. و حتى لا يحدث لهذه المعامل ما حدث لشركة “الكومار” عندما بيعت أجزاء من طرف المحكمة، مما أدى إلى تبديد الأصل التجاري. و الآن و قد سلك العمال و العاملات بهذه الواجبات مسطرة بيع الأصل التجاري، فهل سيتم إنقاذ هذه الوحدات لتعود إلى سابق عهدها عندما استطاع منتجوها أن يغزوا أسواقا خارجية، و هل سيترك اللوبي بهذا القطاع مستثمرين أجانب للاستثمار في هذا القطاع.

إن أي سياسة عصرية لقطاع مراكب صيد السردين، و التي أصبحت تتجاوز 460 مركبا من آسفي إلى العيون، تشكل تناقضا صارخا و عدد معامل التصبير التي ما زالت مشتغلة، و هو ما يلاحظ حاليا أن مئات الأطنان من السردين الجيد، تفرغ لصالح معامل دقيق السمك و هي كارثة وطنية. فهل ستعمد الحكومة إلى الاهتمام بهذا القطاع، و اتخاذ سياسة حكومية جديدة بتهييء برنامج إنقاذ، أم أن تناسي الاهتمام بهذا القطاع سيقود إلى الإفلاس في انتظار فلك سيدنا نوح؟

محمد عكوري

Jorgesys Html test Jorgesys Html test

أضف تعليقا

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا