إستقبلت كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري صباح اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025 أسر وذوي البحارة المفقودين في مركب بنجلون ، وذلك في أعقاب البوليميك الذي طفى على السطح مؤخرا بخصوص هذا الملف. حيث أكدت كاتبة الدولة أن هذا الملف يحظى بالأولوية والمتابعة الجادة من طرف الوزارة الوصية، مبدية في ذات السياق تفهمها للحالة النفسية الصعبة لذوي الحقوق .
وأوضحت الدريوش خلال اللقاء الذي تميز بتلاوة الفاتحة على أرواح المفقودين ، أن كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري تقوم بمعية السلطات والإدارات المعنية والمتدخلة، بمواكبة هذا الملف منذ أكثر من 4 أشهر ، في إطار الإجراءات القانونية المعمول بها في هذا الشأن، بكل دقة وجدية، مشيرة إلى أن عمليات البحث والتمشيط متواصلة لكشف مصير البحارة. حيث أكد كاتبة الدولة ان هناك مساطر يتم إتباعها في هذه الوقائع التي تحتاج لتحقيقات معمقة. وهي المهام الموكولة بلجنة متخصصة ومختلطة، هي اليوم تواصل جهوذها من أجل إستخلاص الحقائق، لأننا أمام واقعة إختفاء 17 بحارا، وهي وضعية لا يمكن الإكتفاء فيها بالتأويلات وإنما البحث عن الحقائق.
وكانت كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري، قد أفادت مؤخرا في جواب على سؤال كتابي في الموضوع، للنائب البرلماني حسن أمربيط، عن فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، أن جميع الفرضيات لا تزال قائمة، في انتظار نتائج التحقيقات الجارية لاسيما في غياب معلومات مؤكدة حول مصيرهم. إذ وبإستثناء العثور على عوامة يُرجّح انتماؤها للسفينة المفقودة، لم تُسفر التحقيقات الأولية عن أي دليل قاطع، حيث ذكرت كتابة الدولة أن فرضية الانقلاب المفاجئ للسفينة بسبب سوء الأحوال الجوية تبقى مرجحة، خصوصًا أن جهاز الإغاثة عبر الساتل لم يُفعّل تلقائيًا أو يدويًا، وربما لم يكن مثبتًا في مكانه المناسب خارج مقصورة القيادة.
ولم تُستبعد كتابة الدولة فرضية حدوث اصطدام بإحدى السفن التجارية، خاصة بالنظر إلى النشاط البحري الكثيف بالمنطقة. وقد تم تحديد سفينة تجارية كانت قريبة من موقع الحادث، ورُصدت لاحقًا بميناء روتردام الهولندي، إلا أن خفر السواحل لم يعثر على أي آثار تشير إلى اصطدام. كما تمت مخاطبة سلطات ليبيريا بشأن سفينة أخرى يُحتمل تورطها، غير أن مكتبها المختص في الولايات المتحدة أكد بدوره عدم وجود مؤشرات على وقوع اصطدام. وأكدت كتابة الدولة في ختام جوابها أن التحقيقات لا تزال جارية بموجب مقتضيات مدونة التجارة البحرية، عبر لجنة مختلطة تضم ممثلين عن المصالح المركزية والجهوية، ومركز تنسيق الإنقاذ البحري، وذلك لتحديد ظروف وأسباب اختفاء السفينة وطاقمها.(الاول)
وقال مصدر إداري محسوب على اللجنة المكلفة بالتحقيق في ملف إختفاء مركب الصيد الساحلي بالخيط بن جلون والتي تم تشكيلها في 25 من فبراير المنصرم ، قال أن التحقيقات سيتم الكشف عنها بعد إستكمال كل التحريات التي تلامس مختلف تفاصيل الواقعة، لاسيما وأن القانون المنظم يمهل اللجنة المختصة ستة أشهر كأقصى تقدير، لإعداد محضر تحقيق بحري حول الحادثة. فيما اكد المصدر أن اللجنة تتعاطى مع الواقعة على أساس الفقدان في البحر. فيما تبقى السيناريوهات المحتملة محط تمحيص وتدقيق من طرف اللجنة، في إنتظار ما ستحمله التحقيقات المتواصلة من نتائج بخصوص النازلة.
إلى ذلك تطفو على السطح من جديد مع أي حادث مآساوي إشكالية فقدان البحارة في البحر ، وتداعياتها على الأسر المكلومة، حيث تعد فترة الفقدان هي الأصعب على الإطلاق في حياة هذه الأسر، وقد تترتب عنها مجموعة من التبعات، إذا لم تكن هناك مواكبة لهذه الأسر، والتي تعاني حربا نفسية داخلية نتيجة الفقدان، يتولد عنه قلق إجتماعي، تزيد من حدّته المساطر الإدارية المعقدة للولوج لخدمات التأمين، لاسيما منها مسطرة التمويت الطويلة والمتعبة. حيث يطالب الفاعلون بتسريع إعادة النظر في هذه المسطرة، التي تعد كابوسا متعبا لذوي الحقوق. فيما يشدد الفاعلون على ضرورة تدخل مؤسسات التأمين المتعاقدة معها من طرف المراكب، لتحمل مسؤوليتها في مثل هذه الحوادث المميثة، وهي الخدمة التي بات لزاما مراجعة طريقة تدبيرها، بما يخدم مصلحة الضحايا والمفقودين في الحوادث البحرية.
وتؤكد مصادر عليمة أن المشرّع المغربي يدرس بجدية تعديل المدة الفارقة للتعاطي مع المساطر التي تهم مفقودي قطاع الصيد البحري ، وتحفيضها لنحو ستة أشهر بدل سنة ويوم. فيما يطالب نشطاء بتقليص المدة إلى ثلاثة أشهر، خصوصا وأن الحوادث البحرية قي قطاع الصيد، تكون غنية بالقرائن التي تؤكد الفقدان المفضي للوفاة، وهي معطيات تؤكدها المحاضر المنجزة من طرف مختلف المتدخلين في مجال الإنقاذ، بل حتى في العرف المجتمعي فالفقدان في البحر ضمن حوادث غرق المراكب والسفن، يعني بشكل مباشر الوفاة، وهو ما تفسره حلول الأسر ببيت الفقيد لتقديم التعازي والدعوة له بالرحمة، حتى أن في بعض المناطق تعمد الزوجة إلى إرتداء اللباس الأبيض والدخول في العدة الشرعية، وبالتالي ما ينقص هذه المراسيم هو مراسيم الجنازة والدفن.
وأبحر مركب بن جلون يوم 7 فبراير 2025، قبل أن تتوقف إشارات جهاز التموقع بالأقمار الاصطناعية الخاص بها يوم 13 من نفس الشهر، ولم يتم التبليغ عن الحادث إلا بتاريخ 19 فبراير، حين عبّر مجهز السفينة عن قلقه بعد تجاوز الرحلة البحرية المدة المعتادة. وقد تم إشعار كافة السلطات والإدارات المعنية فور الإبلاغ، ليُباشر المركز الوطني لتنسيق الإنقاذ البحري عمليات تمشيط مكثفة في المنطقة المحتملة لوجود المركب، التي تقع على بُعد حوالي 55 ميلاً بحرياً غرب ميناء الداخلة، مستخدمًا وسائل بحرية وجوية تابعة لقطاع الصيد البحري، والبحرية الملكية، والدرك الملكي الجوي، كما تم إشراك سفن الصيد والتجارة العابرة في جهود البحث.