لا حديث في الأوساط المهنية إلا عن التصريح الخطير الذي أدلى به عمر الأكوري رئيس فدرالية الصيد البحري وتربية الأحياء المائية الأسبوع الماضي ضمن اليوم الدراسي الذي نظمه حزب المصباح بمجلس النواب .
الأكوري قال بالحرف أن من وصفه بأحد أباطرة التهريب، حضر في لقاء رسمي وبدون دعوة ، وأقر أمام مسؤولين إداريين وسلطات من بحرية ملكية ودرك ملكي وإدارة وصية، بأنه يمارس الكوتربوند في إشارة للسوق السوداء لتجارة منتوجات الصيد لاسيما منها الرخوية، كما أكد ذات المهرب بلغة الأكوري أنه مستعد لتوقيف نشاطه إذا تم تسليمه 50 مليار سنتيم .
خطورة التصريح لا تكمن فقط فيما قيل ، وإنما في ما أكده الأكوري أن التحريات أظهرت وجود عصابة متسلسلة تنشط في الكوتربوند، وكذا تأكيده أن النشاط الممنوع لذا الشخص وفي المنطقة متواصل إلى اليوم، وهي معطيات كلها تصدر عن رجل يرأس تمثيلية مهنية لها وزنها على المستوى. الوطني، وهو ما يفرض من الجهات المختصة لا سيما النيابة العامة فتح تحقيق للوقوف على حقيقة الوقائع التي عمل الأكوري على إثبات مصداقيتها بإقرار حضور كل من مدير الصيد ورئيس غرفة الصيد الأطلسية الشمالية وآخرون للقاء.
قد لا نختلف مع الأكوري بأن الجهة الجنوبية للمملكة عانت من فوضوية أقرتها مختلف التقارير، وكذا العدد الكبير الذي يعد بالمئات من القوارب غير القانونية التي تم حجزها وتدميرها. كما أظهرتها الطبيعة من خلال الأزمة التي عرفتها المصيدة سنة 2022، والتي إجبرت الأساطيل المختلفة على توقيف نشاطها بقرار وزاري لنحو ثمانية أشهر كاملة. فيما يبقى اصل القلق هو استمرار الظاهرة إلى اليوم وفق ما جاء على لسان الأكوري، وهو معطى يفرض التعاطي معه بكثير من الحزم والواقعية، لأن المصيدة غير قادرة على المزيد من الصدمات والإنفلاتات، وحماية الجهود والتضحيات التي تحملها المهنيون والأطقم البحرية طيلة فترة الأزمة .
فنحن اليوم في مغرب جديد ليس فيه إستثناء من القانون لاسيما بمنطقة الصحراء المغربية التي ظلت تتخبط في مشاهد فوضوية تورط فيها متدخلون وفاعلون ، مختبئين وراء خصوصيات المنطقة، وهو مشهد لم يعد مقبولا خصوصا بعد خطاب جلالة الملك محمد السادس الذي وجهه للأمة بمناسبة الذكرى ال 34 للمسيرة الخضراء، والذي أعلن فيه أن وقت ازدواجية المواقف قد انتهى فإما أن يكون المواطن مغربيا أو غير مغربي.
وقال الملك محمد السادس إنه “وبروح المسؤولية، نؤكد أنه لم يعد هناك مجال للغموض أو الخداع; فإما أن يكون المواطن مغربيا أو غير مغربي، وقد انتهى وقت ازدواجية المواقف والتملص من الواجب، ودقت ساعة الوضوح وتحمل الأمانة; فإما أن يكون الشخص وطنيا أو خائنا، إذ لا توجد منزلة وسطى بين الوطنية والخيانة، ولا مجال للتمتع بحقوق المواطنة والتنكر لها، بالتآمر مع أعداء الوطن“.
وأضاف الملك محمد السادس أن الوقت قد حان حيث “يتعين على كافة السلطات العمومية مضاعفة جهود اليقظة والتعبئة للتصدي بقوة القانون لكل مساس بسيادة الوطن والحزم في صيانة الأمن والاستقرار والنظام العام; الضمان الحقيقي لممارسة الحريات“.