تبدو هذه الصورة، الملتقطة قبل أزيد من عقد من الزمن، وكأنها بطاقة بريدية من ذاكرة قطاع الصيد البحري بالمغرب. فاعلون يرتدون قمصاناً بيضاء طُبعت عليها شعارات صارخة ضد سفن RSW، محذرين من أثرها على الثروة السمكية ومستقبل المهنة. يومها، كان النقاش محتدماً، والاحتجاج يتخذ شكلاً ساخراً لكنه عميق الدلالة في رسالة واضحة بأن البحر ليس مجرد مجال اقتصادي، بل رهان اجتماعي وبيئي وحضاري.
اليوم، وبعد مرور كل هذه السنوات، تعود الصورة إلى الواجهة، وكأنها تسخر من الجميع. فملف سفن RSW بمصايد السردين بالداخلة لم يُطوَ، بل صار أكثر تعقيداً وتشعباً . وإذا كان المعترضون بالأمس يرفعون أصواتهم بالرفض خوفاً من استنزاف المخزون، فإن معطيات الحاضر تؤكد أن تلك المخاوف لم تكن مجرد مبالغات، بل تحذيرات سبقت وقتها. فالتقارير العلمية الأخيرة دقت ناقوس الخطر بشأن الضغط المتزايد على المصايد، فيما يواصل المهنيون رفع الشكاوى حول غياب التوازن بين متطلبات الاستثمار وحماية الثروة.
المفارقة المثيرة أن بعض الوجوه التي تظهر في الصورة، ممن كانوا في طليعة الرافضين، يوجدون اليوم في مواقع القرار أو التأثير، بين من التزم الصمت ومن غيّر زاوية نظره ومن يواصل الصدع بقناعاته. وهنا تكمن السخرية المرة: شعارات الأمس التي كانت ترفع كدروع دفاعية تحولت اليوم إلى صور تذكارية تُتداول على مواقع التواصل الاجتماعي، لتذكرنا بأن التاريخ في هذا القطاع لا يسير إلى الأمام دائماً، بل يراوح مكانه.
القضية إذن أعمق من مجرد صراع حول نوع من السفن. إنها سؤال عن كيفية إدارة المصايد، وعن جدية السياسات العمومية في حماية السردين كمورد استراتيجي يشغل آلاف البحارة، ويمثل ركيزة أساسية للاقتصاد البحري الوطني. وبين الحاضر والماضي، تبقى الصورة شاهداً حياً على أن الذاكرة المهنية لا تُمحى بسهولة، وأن البحر يحتفظ بأسراره وديونه في آن واحد.
“كيجاتك التصويرة” هي زاوية نقذية سنعتمد فيها على حديث الصورة، حيث سيبقى للقارئ الحيز الأكبر في التفاعل وإبداء الرأي، وذلك من خلال خلق زاوية للنقاش تمتاح من الأرشيف للخوض في الحاضر عبر تنشيط الذاكرة الحية للقطاع ، لاسيما في التعاطي مع الكثير من الملفات التي تستأثر بالنقاش العمومي في الصيد البحري . فمنا الصورة ولكم التعليق !
سلامي للجميع.
السؤال الذي يطرح نفسه اليوم كيف يمكن إعادة تدبير القطاع بحس وطني، مسؤول ومستدام للاجيال القادمة…؟
الحلول العملية المقترحة لمواجهة أزمة تدبير قطاع الصيد البحري لسنة 2025، للدكتور محمد الناجي، خبير دولي لدى برنامج الأمم المتحدة للتغذية والزراعة، أستاذ باحث، ورئيس شعبة الصيد البحري وتربية الاحياء المائية بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط، ورئيس الجمعية المغربية لمهندسي الصيد البحري.
1- استعجالية وضع مخطط من طرف الدولة لمواكبة تحديات الوحدات الإنتاجية، مع توفير الدعم اللازم لشغيلة القطاع المتضررة من الازمة.
2- وضع تعاقد جديد بين الوزارة الوصية والمستثمرين(دليل الاستثمار في الصيد البحري والاحياء المائية) من جهة، ومع باقي شركاء القطاع(الغرف المهنية الاربع وجامعتها) على المدى المتوسط والبعيد من جهة ثانية.
3- توفير اليات عملية ميدانيا للإلتزام بمقتضيات ميثاق الممارسات الجيدة للمهنيين بشأن الصيد المستدام والمسؤول، الصادر في شهر أبريل 2005 باكادير.
*الآثار المحتملة للتدخلات البشرية.*
https://www.fao.org/4/X6857F/X6857F04.htm#ch4
لقاء خاص حول الصيد البحري غشت 2025.
https://youtu.be/FikToEdL_zw?si=tLIRe-RqR4YA2VMJ