بن يحيى معد برنامج صباح الخير يابحر بإذاعة طنجة: لو بقي الامر كما هو عليه اليوم فالمغرب سيدق ناقوس الخطر بفقدانه لثرواته السمكية
بن يحيى: التفاصيل الدقيقة التي تهم البحارة و المهنيين ليست محل إهتمام الصحفيين
عبد اللطيف ين يحيي صاحب الصوت الرخيم الذي يعتبر من قدماء الصحفيين الذين إهتموا بقطاع الصيد البحري بالمغرب فالرجل مند طفولته خلق علاقة خاصة مع البحر ليكبر فيه حب هذا العالم المتقلب قبل ان تقوده تجربة الإداعة الوطنية عبر بوابة طنجة ليصنع بين أمواج البحر المتضاربة هدوءا ليسمع وسط تلاطمها صوتا بنبرة أستاد خبر كل مفردات البحر. خبر غضب الموج وهي تتكسر على الأجراف. خبر حركة الرياح وهي تتنقل أخبار رجال البحر على طول الساحل المغربي . قرأ خبث الحياة وهي تتنكر لأشخاص لطالما أشعرهم البحر بالأمان قيبل ان يلتوي عليهم بين عشية وليلى ليبقى التاريخ وحده يتدكر صفحات إبحارهمحين يتوقف الزمن. الرجل يتحدث بلغة الأيام ليقرأ لنا جزءا من طيات كتاب رسمته تجربة السنوات التي تجاوزت الثلاثين سنة في خدمة الإعلام البحري، وذلك بعدما إلتقيناه على هامش التكريم الذي خصته به الجامعة الوطنية لهيئات مهنيي الصيد الساحلي بالمغرب.
حاورته : ليلى حبيبي
أولا هنيئا لكم بهذا التكريم الذي خصتكم به مدينة أكادير ومعها مهنييوا الصيد، فكيف تلقيتم هده الالتفاتة ؟
هذه الالتفاتة كانت بالنسبة لي مفاجئة كريمة و لم تكن متوقعة. فرغم أني حصلت على تكريمات في مناسبات عدة من مهرجانات شعرية و ملتقيات إعلامية و تظاهرات بحرية، تبقى هذه الإلتفاتة شيء جميل رغم ان الغرض الاساسي بالنسبة لي هو حضور النذوة الصحفية للهيئات البحرية رغم طول الطريق الرابطة بين أكادير و طنجة، سيما تركيزها بالأساس على موقف منخرطيها و أعضائها من معرض اليوتيس، حيث كنت حاضرا في الجمع العام التأسيسي للجامعة مند شهور، و الآن انا هنا من اجل المشاركة في الندوة الصحفية التي عرفت بعض العراقيل من لدن بلطجية.
انت كإعلامي في الصيد البحري راكمت ازيد من 30 سنة في خدمة القطاع، نريد فقط أن نعرف منكم كيف جاء إختياركم لإعلام البحر؟
راكمت رصيدي المعرفي للبحر من خلال تجربتي و عشقي للبحر فأنا ابن البحر حيث قضيت طفولتي و شبابي في البحر، بل أكملت دراستي التي كنت متفوقا و متألقا فيها من خلال البحر، حيث كنت اصطاد بالقصبة أو على متن زورق المجاديف ” المقادف ” من اجل إكمال دراستي لأبيع ما إصطدته لشراء الكتب. من تم إلتحقت بإداعة طنجة عام 1980 لأخوض غمار التجربة في قطاع الصيد البحري نظرا للعشق الدي أحمله للبحر، و كدا النقص الذي كان يشهده القطاع انداك من خلال عدم الاهتمام به من أي منبر إعلامي سواء كان مرأيا ، أو مسموعا ، أو حتى مكتوبا . كانت حلقاتي الأولى من برنامج ” صباح الخير يا بحر ” بالاداعة عبارة عن إطلالات سريعة على واقع الصيد البحري، الذي كان يختلف تماما عن وضعه الراهن، حيث لم تكن هناك غرف للصيد و لم تكن جمعيات للصيد الساحلي أو جمعيات تخص البحارة …
في ظل هذا الفراغ والغياب لهيئات مهنية كيف رصدتم القطاع ؟
كان قطاعا مهنيا ينظم نفسه بنفسه تلقائيا . وأنداك كان هناك منتوج و فير يستفيذ منه الجميع، حيث كنت اتحدث في برنامج صباح الخير يا بحر عن خصوصية كل منطقة على حدى ، فمثلا منطقة الشمال المعروفة بموسم” ابو سيف ” والدي يهاجر من المحيط الاطلسي إلى البحر الابيض المتوسط من مارس إلى أبريل من أجل و ضع البيض هناك، ليتم إصطياده بالاتجاه المعاكس بالشباك المنجرفة العائمة التي كان مسموح بالاصطياد بها، بإعتباره ثروة تزخر بها المنطقة الشمالية فقط. حيث كان ثمن المنتوج مرتفعا سواء بالنسبة للمستهلك الداخلي أو حتى المستورد الاوربي خصوصا الاسباني . بعد توقيف الشباك المنجرفة العائمة حصل خلل، سيما بعد تعويض الوزارة للمجهز ، في حين لم ينل البحار إلا بعض التعويضات الجد القليلة، مرفوقة بشروط جد معقدة في المنطقة الشمالية. الأمر الذي أصاب معظم البحارة بالبطالة رغم قيامهم بوقفات إحتجاجية و أعتصامات مع عائلاتهم في الشارع الرئيسي لطنجة، في حالة تدمي القلب لمئات البحارة الذين هضمت حقوقهم. حيث تعامل المسؤليين مع هدا القطاع الحيوي بنوع من الجفاء و الارتجالية .
قلتم أن القطاع كأن يتنفس من تلقاء نفسه تسييرا وإنتاجا ، نريد منكم توضيحا أكثر؟
كان قطاع الصيد في تلك الفترة يعرف انتعاش و ارتياح الجميع من شغيلة و مستثمرين و كدا السكان المحليين، و ذلك بسبب المنتوج الوفير والمردودية المادية التي كان يزخر بها. غير أنه سنة بعد سنة أي بعد ولوج الوزراء لقطاع الصيد البحري و تعاقبهم الواحد تلو الآخر، بدأ إصدار و تكوين خطط جديدة، غير أن هناك من الوزراء من جاء فقط من اجل ممارسة عمله دون إدخال اي تجديد على القطاع . و انا لست مضطرا لذكر أسماء بعض الوزراء الذين قدموا خدمات جليلة لقطاع الصيد البحري بصفة عامة، إلا ان بعضا منهم لم ينهج نفس الرؤى و المنهجية و الخطط التي راكمها من سبقه من الوزراء.صدقيني كان الخير في وقت مضى عاما على الجميع.
الحنين إلى ماضي القطاع يعني أن هناك فرق شاسع بين الأمس واليوم، في نظركم ما السبب في هذه المفارقة بين الماضي والحاضر ؟
في الماضي لم تكن هناك أي إستراتيجية أو قوانيين و مراسيم و مخططات التي ساهمت بشكل مهول بتدهور القطاع حيث ” زادت الغني غنا و الفقير فقرا ” خصوصا في المناطق الجنوبية بإعتبارها تزخر بإحتياطات جد مهمة من الثروات السمكية التي وضعت تحت أمرة الاغنياء دون غيرهم ، و كدا الاستنزاف الدي تعرفه هذه المناطق مثل سمك “الكوربين ” أو ما يعرف بسمك القرب الذي يصطاد بطريقة همجية ليتم رميه في البحر و هو ميت. هذا ما شاهدناه من خلال الصور والفيديوهات التي حملتها المواقع الإلكثرونية ، حيث ان كميات هائلة من هدا النوع من السمك الجيد ملقى في البحر و هو ميت. هذا إضافة إلى الإتفاقيات المبرمة مع الاتحاد الاوربي و السفن الروسية المتعاقدة مع شركات معينة …حيث انه في يوم واحد فقط يتم إصطياد كمية هائلة من السردين ليتجه مباشرة إلى دقيق السمك. لا يمكن ان نعتبر المستثمر في قطاع الصيد البحري مهنيا شريفا ما لم يكن لديه إحساس عميق بالمواطنة، و أخد حقه بالاعتدال مع مراعاة الخصوصية التي يتسم بها كل موسم على حدى. مواطنة تقتضي التفكير في الاجيال الحالية و كدا القادمة بعيدا عن التشبت بالانانية و اللامبالاة . وصدقيني فلو بقي الامر كما عليه اليوم فالمغرب سيدق ناقوس الخطر بفقدانه لثرواته السمكية.
من خلالكم عبد اللطيف بنيحيى كصحفي متمرس و قيدوم الصحفيين المتخصصين في قطاع الصيد البحري ،نريد ان نقف معك على واقع الاعلام البحري و الوصول إلى المعلومة في القطاع ؟
ما شهدناه في الندوة صراحة ألمني كثيرا. فما حدث يؤكد أننا لا نعرف كيف نتواصل و نتحاور و نختلف . يجب ان نتوحد إدا إختلفنا هده هي التربية على الديمقراطية الحقيقية، و ليس ان يأتي بلطجية و مهرجيين من اجل إعاقة هده الندوة . وهي تصرفات تدل على ان وراءها ايادي خفية في الظلام . وحتى أوجه كلامي لبعض الصحفيين، فقد سجلت الندوة عتابا شديدا للصحافة من طرف المنظمين و دالك بإتهام الصحفيين بالتحيز للمسؤوليين والتواطئ معهم عبر إخبارهم تفاصيل و ملاحظات تسيئ للوزارة و لإستراتيجية أليوتيس. و فعلا هده الظاهرة موجودة ، أما بنسبة لي لا يشرفني إستضافة أي مسؤول وزاري من أجل مد المستمعين بأرقام ومعطيات مغلوطة. حتى أني بعض الأحيان اقوم بالاتصال بمسؤول في قطاع الصيد، و كدا إرسال رسائل إليهم عبر الفاكس و لا من مجيب. الأمر الذي يضطرني لسماع صوت واحد فقط .
في غياب أو شح التخصص في إعلام البحر ربما يسهل الترويج لبض المغالطات من طرف وسائل الإعلام في ظل عدم إحاطة الصحفي بالموضوع ففاقد الشيء لا يعطيه. تعليقكم؟
يجب على الصحفي ان يكون لديه إلمام جد مهم و كدا رصيد معرفي بمجال الصيد البحري ، اليوم الصحافة مادا تطرح؟ تطرح فقط أسئلة سطحية و دات طابع عمومي، لكن التفاصيل الدقيقة التي تهم البحارة و المهنيين، فإن الصحفيين لا يهتمون بها و لا تربطهم أي صلة بها. بكل صراحة ليس لدينا اي صحافة متخصصة التي تشتغل على قطاع الصيد البحري ما عدا القليل القليل التي تهتم بهدا المجال، و اتجهت نحو هدا الاتجاه لتبقى مسائل و قضايا و مشاكل التي تطرحها تطرح بشكل شمولي. اليوم لابد لنا من نقابة صحفين لتأطير هؤلاء مع تعميق مداركهم في القطاع من خلال دورات تدريبية و تكوينات من أجل معرفة ماهو البحر؟ و ماهو قطاع الصيد البحري؟ و ماهي الثروات السمكية التي تزخر بها البلاد؟ و ماهي مشاكل القطاع ؟ وكدا عائدات الصيد البحري؟ و ماهي المصايد المتوفرة لدينا؟ هناك مواضيع كثيرة و جد مهمة يجب تناولها بموضوعية من أجل طرح قضايا او حوار صحفي مهني يدرس جميع الاطراف من بحارة و مهنين و مسؤولين لتدارس عراقيل القطاع من جميع المستويات. وذلك بعيدا عن مجاملة المسؤولين في الندوات الصحفية و كدا البرامج التلفزيونية التي تتناول الموضوع بشكل سطحي. إني اشفق على هدا القطاع لعدم وجود صحفيين مؤهلين و لديهم تفاصيل و معلومات. فلو كان لدينا صحفيين متخصصين، كانوا حتما سيمارسون بعضا من الرقابة و شد الخناق على المفسدين. فالقطاع يعاني من عدة مشاكل تحيط بها لوبيات الفساد التي تزداد استفحالا. وحتى أكون مختصرا في كلامي بخصوص هذا الموضوع أستشهد بالاية الكريمة التالية التي تفسر واقعنا الحالي: بسم الله الرحمان الرحيم ” ظهر الفساد في البر و البحر ” صدق الله العظيم
كانت هناك ندوة صحفية تتكلم عن استراتيجية أليوتيس التي كنت شاهدا على إنطلاقها قبل أربع سنوات من الآن . ما رؤيتك لهده الاستراتيجية سيما في جانبها القطاعي؟
الندوة اليوم كنت أتمنى ان تسير في المسار المخطط له ، حيث كنت سأطرح إشكالية عدم تعمق الصحفي و عدم درايته بالموضوع من جميع الجوانب مع فهم الاسلوب الدي تنهجه الوزارة الوصية على القطاع، لتحقيق إنزال على معرض أليوتيس. لقد توصلت بدعوى للمعرض قدمت لي من طرف رئيس من رؤساء غرف الصيد البحري، إلا اني لن احضر هدا المعرض، و ذلك لعدم إقتناعي بهده الاستراتيجية كإعلامي لديه حريته و قناعاته و إختيارته. اتمنى من هده الجمعيات التي تأسست حديثا خصوصا الجامعة الوطنية ان تتقدم بمناظرة في الصيد البحري. و ان يتحدثوا فيها عن اكراهات الصيد بصفة عامة. فكيف يعقل ان يأتي البحارة من جميع انحاء المملكة من أجل حضورهم لمعرض اليوتيس و للفنادق المصنفة دون طرح أي موضوع أساسي داخل المعضلات التي تأرق بال البحارة؟ فلمادا يحضر هدا البحري، هل من أجل النقاش و محاولة حل بعض المشاكل التي يغوص فيها القطاع؟ ناهيك عن المصاريف و الاموال الطائلة التي تصرف على هدا المعرض دون نقاش العراقيل و المشاكل التي يتخبط فيها المجال البحري.
فقد كان من الأولى أن نتواصل مع عموم البحارة من اجل نقاش في محاولة معالجة الوضع، حيث مازال الوقت لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. فبتراكم هده المشاكل يوم بعد يوم ستتراكم مشاكل دات طابع اجتماعي . فالغاية اليوم هي الحفاظ على ثروتنا السمكية من الاستنزاف بتفكير في مبادرة بديلة من أجل الحفاظ عليها و رد الاعتبار للبحار. و دالك عبر إشعاره وتحسيسه بأن الوزارة سند له في جميع خطواته و لايمكن ان تتغير إلا بعد إستقلالية وزارة الصيد البحري عن الفلاحة، حيث ان الفلاحة لا تعاني من هده المشاكل التي يعرفها قطاع الصيد البحري.
ما يجب أن نقوله في حق هدا الرجل المقتدر الأستاد والشاعر والأدبي بالإضافة الى الصحفي المقتدر ليس فقط في قطاع الصيد البحري ولمدة ما يفوق العشرين سنة بل في جميع البرامج الإداعية الأمر يتعلق من (البادية) مع المدارس ووووو
بن يحيى اطال الله في عمره علمنا كيف نتحدث عن البحر وامواجه عن الصيد وإنتاجاته الرجا والصحفي سايرناه حتى النخاع الشوكي والى يومنا هدا الصوت الإداعي الرنان نتمنى له بصدق ومن الأعماق طول العمر فقط نلتمس منه بل ألتمتس منه البحث عن بديل رغم ان الصحافي ليس لع تقاعد وليس له راحة او عطل بديل يرافقه في الحلقات ليتعلم ويتقتبس منه رائحة الأمواج ومفردات الصيد الساحلي والتقليدي حتى اعالي البحار
لاابالغ ادا قلت ان الأستاد بن يحيى صديق المرحوم (شكري)كانا يتجالسان بالشعر وادبيات واخلاقيات البحر فوق الطاولة سواء بأصيلة او بطنجة والنواحي مرة ثانية اطال الله في عمرك للأسرة البحر والأسرة الصغيرة في البيت.
” كان عليه فقط أن يسمعنا صوته الرخيم و يتطرق لمشاكل البحر ليحبه على الفور كل البحارة.”
يتميز السيد عبد اللطيف بن يحي بالخصائص نفسها التي تتميز بها برامجه كلها من وضوح و بساطة و واقعية سحرية تعكس رؤيته الخاصة للحياة و الناس بصوت مبدع عظيم مشبع بالشجن لقد تقبل المستمعون كل برامجه إذ اشبع كل الطاقات الفكرية و الأحاسيس الإنسانية و تجسدت إمامنا الموهبة التي لم تتخل أبدا عن اقل قدر من سموها في شخصه و مع ذلك كانت تستحوذ على إعجاب و تعاطف جمهور المستمعين على الفور .
السيد عبد اللطيف بن يحي غني عن اى تعريف أصبح الصديق الوفي للبحر و البحار استطاع أن يفرض نفسه على المستمعين ببرامجه التي تتنوع ما بين الحكمة و الفلسفة ووصف الأحداث فتميز أسلوبه بالقوة و الإحكام و اللغة التي يتحدث بها تعتمد أساسا على الإيقاع الصوتي و التعابير القوية المقتضبة بطموح و كبرياء و عزة نفس قلما تجدها في إعلامي
.