أكد الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريش في لقاء مع الصحافة على هامش مؤتمر حماية المحيطات المنعقد بمدينة نيس الفرنسية أن إنقاذ المحيط هو إنقاذ لمستقبلنا فيما حذر ا من التعامل مع المحيط كما لو كان موردًا لا ينضب، متجاهلة إشارات الخطر المتزايدة: المتمثلة في انهيار مخزونات الأسماك بسبب الصيد الجائر وغير القانوني. وتحمّض المياه وارتفاع درجات الحرارة بسبب تغير المناخ، ما يؤدي إلى تدمير الشعاب المرجانية وتهديد المجتمعات الساحلية، وإشكالية التلوث البلاستيكي الذي يخنق الحياة البحرية ويتسرب إلى سلاسل الغذاء، لينتهي المطاف به حتى في أجساد البشر. فيما وصف الأمين العام التهديد الأكبر بأنه “الجشع”، الذي يقف خلف الفساد والتضليل، وإنكار العلم من أجل تحقيق الأرباح، داعيًا إلى وقفة موحدة لحماية المحيطات من الاستغلال غير المشروع. فيما لفت الأمين العام إلى أن إنقاذ المحيط ينطلق من أربع أولويات مركزية تهم الصيد المستدام و القضاء على التلوث البلاستيكي مع مواجهة تغير المناخ من خلال المحيطات فضلا عن حماية أعالي البحار. فيما حذر الأمين العام من التعدين في أعماق البحار بإعتباره يشكل خطرًا حقيقيًا إذا لم يتم تنظيمه بشكل صارم. حيث أكد دعمه الكامل للسلطة الدولية لقاع البحار، مشددًا: “لا يمكن أن تصبح أعماق البحار غربًا متوحشًا.”
السيد الأمين العام، حذّرتَ من تحوّل أنشطة التعدين في أعماق البحار إلى “غرب متوحش”. بعيدًا عن التصريحات، ما الإجراءات العملية التي تود أن تتخذها الدول إما لوقف هذا النوع من التعدين أو لوضع تنظيم صارم له؟
الأمين العام: كما ذكرت، هناك مؤسسة معنية بشكل مباشر بهذا الأمر، وتضطلع بدور رئيسي في تنظيمه، وأثق بأنها ستقوم بما يلزم لتجنب سيناريو “الغرب المتوحش” الذي أشرت إليه. هذه المؤسسة هي السلطة الدولية لقاع البحار. وأعتقد أن من الضروري للغاية عدم إطلاق أي مبادرات خارج الإطار الذي ستحدده هذه الهيئة.
السيد الأمين العام، قلت إنه علينا إنقاذ المحيطات. هل أنت راضٍ عن هذه المؤتمر؟ وهل تعتقد أنه سيحدث فرقًا حقيقيًا؟
الأمين العام: أعتقد أنه يُحدث فرقًا بالفعل، وهناك أمر واحد واضح للغاية: اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS) استغرق دخولها حيز التنفيذ 12 عامًا. أما اتفاقية التنوع البيولوجي في أعالي البحار (BBNJ)، التي اعتمدت قبل عامين فقط، فقد حصلت حتى الآن على 49 تصديقًا ( 50 بما في ذلك الاتحاد الأوروبي)، مع 15 التزامًا بالتصديق قريبًا. هذا يعني أنها ستدخل حيز التنفيذ خلال الأشهر المقبلة — في رقم قياسي لا يتجاوز عامين بقليل.
أرى حماسًا وزخمًا لم نكن نشهده سابقًا. والطريقة التي شهد بها هذا المؤتمر مشاركة واسعة — ليس فقط من الحكومات، بل من المجتمع المدني، وقطاع الأعمال، والمجتمعات الأصلية — تجاوزت ضعف ما شهدناه في مؤتمر لشبونة قبل عامين. هذا يُظهر التزامًا قويًا من الدول بتوسيع مناطق الحماية البحرية. لم أشهد هذا الزخم من قبل في مؤتمرات مماثلة.
هل أنا راضٍ تمامًا؟ بالطبع لا. كنت أود أن تسير الأمور بشكل أسرع. ولا ينبغي أن ننسى العلاقة الواضحة بين التنوع البيولوجي والمناخ وحماية المحيطات. ورغم هذا الارتباط، لا تزال هناك فجوات خطيرة. من أكثر ما يقلقني تأثير التغير المناخي على المحيطات: ارتفاع مستوى سطح البحر يتسارع، المياه أكثر دفئًا وحمضية، الشعاب المرجانية تبيض، والتغير المناخي بات تهديدًا وجوديًا لحياة محيطاتنا. وفي هذا المجال تحديدًا، نحن لا نتحرك بالسرعة المطلوبة. وآمل أن يحقق مؤتمر الأطراف (COP) في بيليم تسريعًا حقيقيًا لهذا المسار.
تحدثت عن أن الصيد المستدام هو الخيار الوحيد المتبقي. لكن بالنسبة لدول صغيرة، التي تعاني من مشاكل مثل الصيد الجائر باستخدام الشباك القاعية (bottom trawling) والصيد غير القانوني وغير المبلغ عنه وغير المنظم (IUU)، نحن لا نملك القدرة على فرض القوانين على الفاعلين الخارجيين. ماذا يمكن للأمم المتحدة أن تقدمه من دعم للدول الصغيرة لحماية مخزونها السمكي وبيئتها البحرية؟
الأمين العام: أعتقد أنه ينبغي علينا أولًا تطوير آليات لمساءلة الذين يمارسون الصيد غير القانوني، أو يستنزفون الموارد السمكية للدول النامية بشكل غير عادل. هناك مسألة واضحة تتعلق بالمساءلة، وسنعمل على تعزيز الآليات الدولية لتحقيقها، وهي حتى الآن — لنعترف بذلك — محدودة للغاية وغير فعالة. نحتاج إلى أن نُحدث فرقًا في هذا المجال.
تسبب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن الوقود الأحفوري مشكلة مزدوجة للمحيطات بسبب تحمّض المياه، كما أن هناك أنشطة واسعة لصناعة النفط في البحار تمثل خطرًا مستمرًا. ما الرسائل أو الالتزامات التي تتوقع سماعها من الدول في هذا المؤتمر بخصوص صناعة الوقود الأحفوري؟ أم أن هذا الموضوع ليس مطروحًا في هذه القمة؟
الأمين العام: أعتقد أن مسألة التحول الطاقي ستكون أكثر مركزية في مؤتمر الأطراف (COP) القادم أكثر من هذا المؤتمر. لكن هناك أمران واضحان جدًا بالنسبة لي: أولًا، 85% من انبعاثات الكربون سببها الوقود الأحفوري، ما يعني أن جوهر مشكلة تغير المناخ مرتبط بهذا القطاع. ثانيًا، نحن نشهد تحولًا في قطاع الطاقة، يُظهر أن الطاقة المتجددة باتت أرخص وسيلة لإنتاج الطاقة.
قد تكونوا سمعتم ما قلتُه عن الجشع — هناك جهود محمومة من قطاع الوقود الأحفوري لتشويه الحقائق. لكن هناك أمر حتمي بالنسبة لي: عصر الوقود الأحفوري يقترب من نهايته، وعصر الطاقة المتجددة هو مستقبلنا. السؤال هو: هل سيكون هذا في الوقت المناسب؟ ما نحتاج إليه هو تسريع هذا الانتقال. وآمل أن يحمل مؤتمر الأطراف القادم رسالة قوية في هذا الاتجاه.
هل يقلقك تراجع الحديث عن هدف 1.5 درجة مئوية في خطابات صناع القرار؟ يبدو أن البعض بدأ يتحدث عن 2 درجة مئوية كأنه أمر واقع. كيف تحافظ على إبقاء هدف 1.5 درجة حيًا رغم أن العلم يشير إلى أننا على وشك تجاوزه؟
الأمين العام: نعم، أنا قلق. العلماء واضحون: هدف 1.5 درجة لا يزال ممكنًا، لكنه أصبح على حافة الخطر. نحن قريبون جدًا من نقطة اللاعودة التي قد تجعل تحقيقه مستحيلًا. ولهذا السبب أشدد دائمًا على مسألة الإلحاح. حتى الآن، لم نشهد ما يكفي من الجدية والسرعة للانتقال الطاقي وغيره من الإجراءات اللازمة لتحقيق هذا الهدف. هناك تقدم، لكنه ليس كافيًا بعد، وعلينا تسريع هذا التحول بشكل جذري. وهذا هو هدفي الأبرز في مؤتمر الأطراف المقبل، وكذلك في الضغط الذي نمارسه الآن على الدول لاعتماد مساهمات محددة وطنياً (NDCs) متوافقة مع هدف 1.5 درجة، بما يضمن خفضًا جذريًا للانبعاثات بحلول 2035.
Face à la catastrophe climatique, une urgence impérieuse : cesser de détruire l’océan. De l’arrêt de toute extraction fossile à la reconnaissance des droits de l’Océan, les ONG se mobilisent à l’approche de la 3e Conférence des Nations unies sur l’océan (Unoc).
Ecoutez l’entretien complet dans “La Terre au carré”.
https://www.radiofrance.fr/franceinter/podcasts/la-terre-au-carre/la-terre-au-carre-du-mardi-03-juin-2025-6135273