قد لايختلف اثنان على ان انتخابات اعصاء الغرف المهنية وممثلي الماجورين هي جزء من المشهد الديمقراطي الذي يراهن عليه الشعب المغربي في الانتقال من الديمقراطية التمثيلية الى الديمقراطية التشاركية حيث تتجانس رؤى الاقتراح بدل المشورة الشكلية ويتحقق البعد التنموي الشامل اخذا بعين الاعتبار الكفاءة والمنهجية ومنطق التحليل العميق والحس الوطني اليقظ.
وبحكم ان المناسبة شرط وان ملح البحر تعقم دممنا وهموم القطاع قد تكبر فوق ذواتنا ارتاينا انه لابد من وقفة استنتاجية وتحليلية في نفس الوقت لطبيعة النتايج المتحققة في الانتخابات الاخيرة لهذه الغرف البحرية.
1…ان الملاحظة الاولى تؤكد على انه وبالرغم من حصول بعض اللوائح على التزكيات الحزبية بشكل متفاوت نسبيا على الانتخابات السابقة، الا ان سقف البرنامج الانتخابي جد ضعيف وهو مايؤكد على ان الاحزاب الوطنية في شرود تاريخي عن قضايا القطاع وهموم البحارة بالاساس ولاتعرف عن البحر الا السباحة والسياحة، ولذا فنحن ننادي بأعلى صوت من لا بحر له لابر له .
2…ان اغلبية المرشحين يرون في الغرفة بورصة للمصالح الذاتية ومجالا للسلطة المهنية وللتحالفات القبلية، وليست اطارا ومجالا لتلاقح الافكار وتجميع الارادات الجمعوية قصد الرقي بالقطاع والرفع من مستوى عيش البحارة والمهنيين بصفة عامة. وعليه فلا عجب ان نلاحظ استصغارا من المهنيين للمخططات، وتبخيسا دائم لكل فكر تحليلي ومعارض لأنه يستفز اللوبيات التي اصبحت تسكن الغرف اكثر مما سكنت بيوت اقامتها.
3…وكملاحظة ثالثة فان الوضع الكارثي الذي عشعش في هذه الغرف سيبقى على ماهو عليه حتى اشعار اخر ، مادامت المصالح الخاصة هي البرنامج العام المسكوت عنه، والذي يتضح جليا في تحويل غرف الصيد من مؤسسة دستورية استشارية الى ملحقات ادارية للوزارة، تثلج مشاريع القوانين وتمرر بكل الطرق ما رأته في صالحها من قوانين.
4…ان الغريب كما قال ابو حيان التوحيدي هو الغريب في وطنه، بل هو اشد الغرباء. ألا نرى انه من المفارقات الغريبة ونحن نبني الصرح الديمقراطي القوي والممانع بثقافة الاختلاف والسلم والأمن الاجتماعيين، ان يعيش البحار المهني والشريك خارج تمثيلية الغرف؟ الا نجسد بهذا التناقض الصارخ رؤية الاقصاء واللانتماء؟
أما كان على هؤلاء الذين تربعوا لمدة طويلة على صدر قطاع الصيد البحري ان يسائلوا انفسهم ماهي القيمة المضافة التي اضافتها الغرف للقطاع ؟ ان هناك خللا بنيويا خطيرا تتناسل عنه مجموعة اسئلة، إما ان الضعف والوهن في القاعدة المهنية ام في القيادة والادارة اللذان يتملكان مفاتيح الولوج الى التنمية الشاملة ونجاح الخطط والاستراتيجيات.
وحتى ان جزمنا بان الواقع بانعراجاته واكراهاته وبالاشكالات التي تلازمنا ولاتفارق القطاع، فمالذي جناه قطاع الصيد البحري من الورش الوطني الكبير لنقاش الجهوية المتقدمة سوى الاعتقاد بأربع غرف ، بأربع رؤساء دون اعتبار ان هناك خصوصيات كثيرة تتطلب التجانس في المصالح، واكراهات الجهات وخصوصيات الصيد، اضافة الى طبيعة كل جهة ومدى صلتها بالبحر والاستفادة من خيراته. نعم حتى لانكون غير موضوعيين اليسو ا هم دعاة ورواد التقسيم؟ فقد اجتهدوا بأن قسموا البحر الى نفوذين وهذا هو الاقتراح الذي نحفظه لهم في غرف منومة.
كتبها للبحرنيوز عبد اللطيف السعدوني