ما دور صناديق الإعانة والإغاثة إن لم يستفد منها البحار في وضعية المحنة؟ سؤال يطرح على خلفية التصريحات التي أدلى بها بحارة الصيد العائدون من رحلة الموت، بعد إحترق مركب “الحسايني” بسواحل الجنوب ، حيث وجد بحارة هذا المركب الناجون من الغرق ، أنفسهم في مواجهة الحياة، مجرّدين من أي وثيقة تثبت هويتهم أو مهنتهم، بعد أن إحتراقت وثائقهم بالمركب المنكوب.
ومر معنا في البحرنيوز بحارين من الطاقم المحظوظ ، بعد أن كتب لهم في الحياة بقية ، وعادو سالمين إلى أهاليهم ، فيما لفظ ربان الصيد رواحه متأثرا بشرب كميات كبيرة من المياه، وأعتبر بحار آخر في عداد المفقودين. حيث وجد الناجون أنفسهم، أمام عطالة إضطرارية تحط من كرامتهم ، وهم يفتقدون لمدخول يواجهون به تحديات الحياة ، بل أكثر من ذلك فهم اليوم غير قادرين على تدبير أي شغل بالنظر لغياب وثائقهم الرسمية .
وتساءل بحارين من الطاقم في تصريح للبحرنيوز نيابة عن باقي أصدقائهم ال 14 الناجون في الحادث ، عن دور صناديق “الإعانة” التي لم تكلف نفسها حتى الإطمئنان على حالتهم، في وقت كان من الضروري أن تتحرك مكاتب هذه الصناديق خصوصا بطانطان وأكادير، بعد أن ظل كلا الصندوقين يقتطعان من “العرام” من مالية المركب المحروق طيلة سنوات، وكان من المفروض أن يبادرا كلا الصندوقين لرد الجميل، وإستقبال البحارة المنكوبين، ودعمهم بمبالغ تتيح لهم لقاء أسرهم بجيوب دافئة، بعد أن جمدب برودة مياه البحر أجسادهم، وتلاعبت المخاوف بوضعهم النفسي المهزوز. لاسيما وأن بيوت البحارة لن تغلق في وجه الزوار، القادمين من أجل مباركة سلامتهم، والإطمئنان على صحتهم بعد الخبر الصاعقة.
فقد كان من الأجدر أن يأخذ كلا الصندوقين المبادرة ، وعدم إنتظار خروج البحارة ليذكرون القائمن على الصندوقين بأن حادثا وقع ، وأن هناك طاقم يتشكل من 14 فردا يواجه الخصاص، كما أن الهيئات المهنية كانت بدورها مطالبة بتخفيف معاناة البحارة، والتدخل لدى مكاتب الصندوقين من أجل دفعها للتسريع بإجراءات المواكبة والدعم، وإلا فإن هذين الصندوقين وغيرهما من الصنايق تحتاج اليوم لإعادة النظر، خصوصا وأن نقاشا قويا، ظل يتردد مند سنوات حول قانونية الإقتطاعات التي تتم لصالح هذه الصناديق إن لم تتدخل في هذه الحالات المستعجلة، بعد أن أصبح البحارة مشمولون بالتغطية الإجتماعية . حتى أن هناك من بات ينعتها بالعلب السوداء .
وطالب نشطاء في عدد من المنصات بضرورة إفتحاص مالي لهذه الصناديق، التي تعيش في كثير منها وضعا شادا بفقعا الصراعات الداخلية، حتى أن منها من إنزاح عن الأهداف التي أنشأت من أجله، فيما دعا آخرون غلى ضورة الكشف عن الوثائق المتعلقة بهذه الصناديق، والأرصدة المالية المتواجدة بها.
سنواصل الحديث عن وضعية هذه الصناديق في مقالات قادمة ..