بعد أن كرست موقعها ضمن أهم المبادرات في شهر رمضان الأبرك، تعود مبادرة الحوث بثمن معقول لتضخ من جديد الأطنان من الأسماك المجمدة في السوق المغربية، خصوصا أن المبادرة هذه السنة تصادف أحد أصعب المواسم من حيث التموين بالمنتوجات البحرية. وكذا عودة سفن الصيد في أعالي البحار من مصايد الأخطبوط.
وشرع مهنيو الصيد في أعالي البحار بتنسيق مع وزارة الصيد وبمساهمة مع مجهزي الأساطيل الثلاث، مبادرة “الحوث بثمن المعقول” في نسختها الرابعة تحت شعار “مبادرة مواطنة لأجل مستهلك يستحق جودة عالية”، وذلك في أعقاب النجاح المسترسل الذي حققته النسخ الثلاث الماضية، التي خلقت تفاعلا كبيرا من طرف مستهلكي الأسماك بعدد من المدن، حيث عمد المجهزون إلى توفير مجموعة من الأنواع السمكية، التي تعرف طلبا متزايدا في رمضان بأثمنة محدودة.
وحسب مصادر محسوبة على مجهزي أعالي البحار، فالمبادرة في نسختها الرابعة ستضخ أزيد من 3000 طن من الأسماك المتنوعة في السوق المحلية، بأثمنة جد مناسبة وجودة عالية، إذ تم تحديد مجموعة من نقط البيع بعدد من المدن. وهي العملية التي تشرف عليها وزارة الصيد البحري بتعاون مع السلطات المختصة، لضمان إستقرار أثمنة المنتوجات البحرية بالسوق المحلية، وتشجيع المستهلك المحلي على التعاطي مع الأسماك المجمدة، كخيار إسترتيجي يتم إستثماره من طرف الوزارة الوصية التي رفعت سقف الرهان رفقة المجهزين، خصوصا بعد النجاح الكبير الذي حققته المبادرة في نسخها الماضية.
وتوصلت البحرنيوز بالأثمنة المقترحة هذه السنة لمجموعة من الأصناف السمكية المجمدة، إختلفت بإختلاف الأنواع، فيما سجلت بعض الغيابات مقارنة مع السنة الماضية، وهو غياب يبرره أصحاب المبادرة، بنذرة بعض المصطادات خصوصا الصول ، الذي يعد من الأصناف الأكثر طلبا ضمن الأسماك المجمدة، حسب الإحضائيات المرتبطة بالنسخ الثلاث الماضية، فيما جاءت الأثمنة كما هو موضح في الصورة المرفقة .
إلى ذلك قالت مصادر محسوبة على المنظمين أن مجهزي أعالي البحار وهم ينخرطون في هذه المبادرة المواطنة، ليس بهدف التضييق على أحد أو منافسة جهات معينة، وإنما يبقى دورهم الأساسي هو إيصال المنتوج البحري بأثمنة تفضيلية للمستهلك، وذلك في رد على البولميك الذي يرافق دورة هذه السنة ، بعد ان خرجت بعض الجهات إلى إنتقاذ هذه المبادرة، معتبرة إياها تهديدا لمحور التثمين، كما أبرزت في ذات السياق أن الأسماك المجمدة التي يضخها مجهزو الصيد في أعالي البحار هي معفية من مجموعة من الإقتطاعات، التي تتم داخل أسواق البيع الأول للأسماك الطرية، وهي إقتطاعات تثقل كاهل الصيد الساحلي ، وهو ما يجعل من المنافسة بين الطرفين غير متكافئة، خصوصا في هذا المرحلة المتسمة بغلاء أثمنة المحروقات وإرتفاع كلف الإنتاج لمستويات قياسية، أصبحت تهدد نشاط الصيد الساحلي بالتوقف الإضطراري.
ويرى مجهزو مبادرة الحوت بثمن معقول أن الأثمنة المعلنة هي ذاتها التي يتم البيع بها طيلة الموسم، فقط المتغير خلال الشهر الفضيل هو ان هذه الأثمنة تخرج للعلن وتسوق للعموم ، وفق ميكانزمات يتحكم فيها الطلب مع حماية وسيط الأسماك المجمدة كفاعل أساسي في العملية بحماية هامش ربحه وتقنينه في هذه المرحلة ، وذلك وفق مقاربة تجعل من الأثمنة المقررة أساس العملية في العلاقة مع المستهلك ، حيث تؤكد ذات المصادر ان مجموعة من الوسطاء هم ينشطون في بيع الأسماك المجمدة، لكن شريطة الإلتزام بالأثمنة المقررة سالفا ، إذ يفرض المنظمون على كل المشتغلين في هذه المبادرة، بوضع لافثة تحمل مختلف الأثمنة المعلنة للأسماك المعنية، وهي خطوة تروم خلق شفافية على مستوى البيع.
وكشفت جهات مهتمة بهذه المبادرة أن المجهزون يراهنون على إطالة عمر المبادرة وإخراجها من الموسمية ، لتحوّل لورش مفتوح يساهم في خلق فرص الشغل والتنشيط التجاري والإقتصادي ، بخلق محلات نموذجية متخصصة في السماك المجمدة ، فيما يطالب فاعلون بضرورة توفير فضاءات تستجيب لتسويق هذا النوع من الأسماك على مستوى أسواق الجملة ، خصوصا وان هناك أسواق للجملة تعاني ضعفا في المعاملات خصوصا بمناطق بني ملال والرباط وتازة ووجدة ، وهي أسواق من الممكن إعادة هيكلتها بما يضمن تعزيز البنيات التسويقة لتستجيب لعرض الأسماك المجمدة ، حتى تكون هذه الأسماك مؤهلة للمراقبة والتتبع ، وكذا تستفيد منها خزينة الدولة بالشكل المطلوب .
وكان المنظمون يحبدون إنخراط الأسواق الممتازة الكبرى في العملية، لتعزيز فضاءات العرض، غير أن هذه الأسواق لها نظام خاص في العرض، حيث تتطلب العملية منتوجا يكون ملففا في مقدار قابل للتسويق السريع، كأن تكون الأسماك في حدود كيلوغرام واحد إلى كيلوغرامين، لضمان التفاعل السريع مع المستهلك. وهو المعطى الدي وجده المجهزون أمرا صعبا لكون محاولة تجهيز الأسماك بالطريقة التي تتطلبها الأسوق الممتازة، سيرفع من تكلفة المنتوجات البحرية. وهو ما قد يشكل عائقا على مستوى التسويق المحلي.
وراهنت المبادرة منذ إطلاقها على كبح جشع الوسطاء ومنع المضارابات، ومعه ضمان إستقرار الأثمنة وتنويع العرض السمكي ، عبر إعطاء نوع من التوازن لسوق المنتوجات البحرية، وذلك بما يتناسب والقدرة الشرائية للمواطنين خلال الشهر الفضيل. لاسيما وأن المجهزين هم العارفون بحقيقة الأثمنة التي تتم على مستوى البيع الأول، ما يجعلهم على علم بسقف الأرباح التي يمكن ان يحققها التاجر، خصوصا على مستوى الأسماك المجمدة على ظهر بواخر الصيد، وهي حقيقة شكلت إنذارا غير مباشرا للمتلاعبين في أسعار السمك، بإعتماد المجهزين على خاصية البيع المباشر للمستهلك.