ظل حضور العنصر النسوي على متن مراكب السردين أحد المواضيع الذي تستأثر بكثسر من الإهتمام في الأوساط المهنية، وكذا في صفوف المتدربات بمراكز التأهيل المهني البحري، حيث ظل خيار قضاء فترة التدريب على متن مركب السردين يثير الكثير من القلاقل في صفوف المتدربات ، لأسباب موضوعية وذاتية .
ورغم العدد الكبير لمراكب السردين على مستوى موانئ المملكة، غير أن عدد المتدربات اللائي خضن فترات تدريبة على متن هذه المراكب يبقى محدودا، كمقاربة تجد تفسيرها في كون المتدربات عادة ما يبحثن عن رحلات الصيد الطويلة، خصوصا على متن الصيد في أعالي البحار. غير أن هذا التوجه بدأ في التراجع مؤخرا مع تزايد عدد المتدربات في السنوات الآخيرة، في تخصصات ترتبط بالميكانيك والصيد.
فاطمة الزهراء بوشريط واحدة من هؤلاء، بإعتبارها خريجة أحد المعاهد البحرية ومتدربة سابقة في قطاع الصيد الساحلي صنف السردين، إختارت أن تشارك بطريقتها في هذا النقاش من خلال إستعادتها للفترة التدريبية، التي قضتها سابقا على متن مركب للصيد الساحلي صنف السردين جاني “JANI” ، لتؤكد على أهمية التجربة والفترة التدربية، التي قضتها على متن هذا المركب، لتؤكد أن التجربة على متن مراكب السردين، يجب أن تكون واحدة من الخيارات التي تكتسي طابعا إجباريا في سياق التعرف على أنظمة وطرق الصيد.
بوشريط إختارت لغة الشكر والتقدير، في دباجة رسالة موجهة لطاقم المركب المذكور، بعد أن كان لها شرف أن تكون حسب تعبيرها “أول مركب أخوض تجربة الابحار على مثنه كما كان لي الشرف أنني كنت أول فتاة تبحر معهم. واصلت مسيرتي معهم خلال فترات تدريبي الأول والثاني، واستمريت معهم أشهرا عديده بعد تخرجي ، وكان لقائي بهم أول مرة بفضل الله سبحاته وتعالى .”
الحمد لله لم أندم ولا للحظة على وجودي معهم تقول بوشريط ، لأنه “كان المركب الذي تلقيت فيه كل الدعم والسند والكثير ..الكثير.. من الاحترام و التقدير من كل افراد طاقمه” مبرزة إمتنانها لطاقم المركب ومعربة عن خالص شكرها لكل المكونات قائلة “أرفع قبعتي احتراما و تقديرا لكل طاقم المركب، ابتداءاً من الرايس ابراهيم و الخليفة عبد الجليل وطروازيام المهدي ومول الكرياج جمال، ومول الخراس حسن ومول الرتيدة عزيز ، ولكل البحارة على حدا، وصولا للموس واحد تلو الآخر.”
وختمت فاطمة الزهراء رسالتها للطاقم البحري، بالتشديد على متمنياتها لهم بالتوفيق والنجاة و السلامة، قائلة “دمتم_رجالا” بما تحمله هذه العبارات من نخوة وحمولة إجتماعية، تؤكد أهمية نظرة البحارة على متن مركب السرين لحضور النوع على هذه المراكب، بعيدا عن تلك النظرة الضيقة، التي يحاول البعض تسويقها ، فقد أصرت الفتاة على توقيع رسالتها بثلاث صفات حكمت العلاقة مع الطاقم البحري، طيلة فترة التواجد على متن المركب ” زميلتكم .. وإبنتكم.. وأختكم” .
وإن كانت هذه الرسالة تكشف الأسلوب الحضاري الذي تعامل به طاقم المركب مع فاطمة الزهراء كمتدربة وكخريجة ، فان واقع مراكب الصيد البحري الساحلي ، وهي تحاول أن تلبس توب العصرنة ، وجب عليها أن تستحضر هذا التواجد المتمدد للمرأة ، التي تزحف بخطى ثابتة لتبحث لها عن كوطا مستقبلية ضمن طاقم مراكب الصيد ، وهو ما يفرض التعامل بشكل إستباقي مع المستقبل، حيث وجب على مهندسي هذه المراكب، إستحضار ثنائية النوع، وأن يفردوا لهن فضاءات تضمن لهن خصوصيتهن، ويشجع على ركوب البحر بأطقم مختلطة .