أوصى المجلس الأعلى للحسابات باتخاذ الإجراءات المناسبة لتحسين الولوج لميناء أكادير، وذلك بالشراكة مع الأطراف المعنية لاسيما جهة سوس-ماسة، والشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب، والسهر على تحسين تدبير تدفق البضائع على مستوى التوصيل، والمراقبة الجمركية والصحية، والتخزين، والمناولة وذلك بهدف التقليل من أوقات إنتظار السفن بالميناء.
وأكد المجلس ضمن توصياته في تقريره السنوي الأخير الصادر في الجريدة الرسمية بتاريخ 14 مارس 2022، على اعتماد إجراءات تمكن من توفير البضائع بشكل مسبق، وتقليل مدة مكوث الحاويات بالميناء؛ – وتحسين ظروف رسو السفن البحرية داخل الميناء، عبر ضمان تلقي، في الوقت المناسب، طلبات تخصيص مراكز الرسو وبرامج شحن السفن؛ مع الاتفاق مع المتعهدين المعنيين، ولاسيما شركة “مرسى المغرب”، على الحد الأدنى لمردودية الخدمات المرتبطة بمناولة الحاويات، والحرص على تحقيق الأهداف المحددة.
وتأتي هذه التوصيات في أعقاب المهمة التفتيشية التي قام بها المجلس ، والتي كشفت عن وجود مجموعة من الاختلالات والنقائص بمجال اللوجستيك بميناء أكادير. حيث أكد المجلس أن خدمة الولوج الأرضي إلى ميناء أكادير لاتزال محدودة، ولا تمكن من تحسين قدرته التنافسية، حيث لم يعد بإمكان بوابتيه، الحفاظ على سلاسة تدفق حركة المرور، خاصة خلال ساعات الذروة، مما يؤخر حركة مرور الشاحنات، وبالتالي عملية مناولة البضائع. بالإضافة إلى ذلك، ظلت وسيلة النقل المعتمدة مقتصرة على شبكة الطرق فقط، في ظل عدم ربط الميناء بالطريق السيار أكادير-مراكش.
كما لاحظ المجلس الأعلى للحسابات بخصوص تدبير وقوف السفن البحرية والتدفقات ومعالجة البضائع، عدم تحديد الحد الأدنى لمردودية نشاط المناولة المتعلق بالحاويات، التي يجب مراعاتها من طرف المستغل “مرسى المغرب”. وبالتالي، لا يسمح هذا الوضع للوكالة الوطنية للموانئ، بممارسة دورها في التتبع والتقييم بشكل صحيح. فبالمناسبة، كشف التحليل المقارن لمردودية نشاط المناولة المتعلق بالحاويات، التي حققها المستغل “مرسى المغرب” أن المتوسط السنوي لهذه الأخيرة لم يتجاوز 13,81 صندوقا لكل يد وفي الساعة، وهو ما يظل أقل بكثير من المتوسط المطلوب في عقود امتياز مماثلة، والمحدد في 18 صندوقا لكل يد وفي الساعة.
وفي نفس الإطار، لوحظ غياب تحسين نظام تخزين الحاويات بسبب غياب نظام تدبير أوتوماتيكي مخصص لهذا الغرض. يقول تقرير المجلس الذي إطلعت على تفاصيله جريدة البحرنيوز. وهو ما يؤدي إلى التأخر في تحديد مواقع تواجد الحاويات في مختلف مناطق التخزين. أما فيما يتعلق بتدبير وقوف السفن البحرية يضيف ذات التقرير، فقد سجل غياب مسطرة رسمية ومصادق عليها، توضح مسلسل برمجة عملية رسو السفن الحاملة للحاويات. حيث لوحظ أن شركة “مرسى المغرب” لا تتوصل بلائحة تعاقب الحاويات المخصصة للتصدير، مما لا يسمح للوكلاء في الميدان بتحديد وإعداد، مسبقا، الحاويات المراد شحنها على السفينة قبل رسوها على الرصيف. كما لوحظ كذلك عدم احترام الأجل المتعلق بإرسال برامج شحن السفن. ويرجع ذلك بصفة رئيسية للإكراهات اللوجستيكية المرتبطة ب توصيل البضائع والسلع.
وعلى صعيد آخر، فإن إشعارات وصول السفن، التي يتم إرسالها عبر منصة “بورتنيت” من قبل مالك السفينة أو وكيله البحري إلى المصالح التابعة لمكتب قبطان الميناء والمكلفة ببرمجة وقوف السفن يقول التقرير، لا تتضمن المعلومات المتعلقة بمقاييس وأحجام السفن، كما هو منصوص عليه في المادة 22 من نظام استغلال الميناء. وهو ما ينعكس بشكل سلبي على مسلسل معالجة البضائع والسفن الراسية، ويمكن أن يعرقل فعالية تنافسية الميناء.
وتم التوقف في نفس السياق، على طول مدة مقام الحاويات داخل الميناء على الرغم من محدودية المساحة المخصصة لوضع وتخزين الحاويات. حيث لوحظ أن مدة مكوث الحاويات في مناطق التخزين التابعة للمستغل “مرسى المغرب” عرفت ارتفاعا من 6,8 أياما سنة 2012 إلى أكثر من 11 يوما سنة 2017. فيما لاحظ مفتشو المجلس أحداث انتظار السفن في حوض الميناء في محيط يمتاز بكثافة حركة السفن. فعلى سبيل المثال، من بين 1,016 سفينة مرت عبر ميناء أكادير في سنة 2017 ،تراوح المعدل الشهري للسفن التي انتظرت في حوض الميناء ما بين 35 %و68 % وبمعدل سنوي قدره 1,47 يوما كمدة انتظار على مشارف الميناء قبل الرسو.
من جهتها قالت وزارة التجهيز والماء والمؤسسات العمومية تحت وصايتها خصوصا الوكالة الوطنية للموانئ حول الملاحظات والتوصيات المتعلقة بميدان اللوجيستيكـ المسجلة على الميناء، أنه و في إطار تحسين ولوجية ميناء أكادير، توجد جهة سوس ماسة في طور إنجاز طريق جديد لربط البوابة الثالثة لميناء أكادير. حيث قامت الوكالة الوطنية للموانئ بإنجاز الدراسات التقنية اللازمة ، (الدراسة المعمارية للبوابة الثالثة، حملة الإستطلاع الجيوتقني، الدراسة الفنية للمسارات، تحديث مخطط السير بالميناء، دراسة الأثر البيئي) من أجل استباق مشروع الربط بين الطريق المشار إليه مع الميناء. وفي إطار برمجة الأشغال، قامت الوكالة بتخصيص غلاف مالي يقدر ب 160 مليون درهم للمشروع، ضمن برنامجها الإستثماري للفترة 2022-2024. لإنجاز مشروع الربط بين البوابة الثالثة للميناء والطريق السريع قيد الإنجاز من طرف جهة سوس ماسة.
وأوضحت الوكالة الوطنية للموانئ أنها قامت بإعداد التصميم الداخلي الجديد للميناء منذ عام 2011 ، وقامت بتحيينه سنة 2020 .وسيتم إدراج التصميم الجديد ضمن مسطرة المصادقة عليه للمرسوم 2.21.307 المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 30/09/2021 ، والذي يحدد إجراءات إنشاء ومراجعة والمصادقة على تصاميم التهيئة الداخلية للموانئ. و في هذا الصدد، قامت الوكالة الوطنية للموانئ بعدة إجراءات تهم تعزيز عرض ميناء أكادير من خلال إنشاء محطة جديدة متعددة الإختصاصات؛ وتنفيذ العمل المستمر 24/24 لعمليات الإستغلال؛ ونزع الطابع المادي عن إجراءات عبور الموانئ (مستندات وقوف البواخر، الإجراءات الجمركية، شهادات الصحة النباتية، شهادات التفتيش). – مع تشكيل لجنة فنية للميناء مكونة من مختلف الجهات الفاعلة (الوكالة، أصحاب االمتياز، الجمارك، ONSSA ، Portnet ، ممثلو المستوردين / المصدرين…) ، تهدف إلى التحسين المستمر لعمليات عبور البضائع في الميناء عبر ملائمة وعصرنة الإجراءات المينائية.
كما أفادت الوكالة الوطنية للمواني، بأن أهم مؤشرات الأنشطة بميناء أكادير، تُظهر أنه منذ بدء المتدخل الثاني (SMA)، في استغلال المحطة الشمالية، فقد عززت هذه الشركة موقعها في مجال معالجة الرواج، الذي يمر عبر هذا الميناء، وقد أصبحت شركة SMA تعالج حاليا (حتى متم شهر شتنبر2021) حوالي 40% من نشاط الميناء، وحوالي 47% من رواج الحاويات على وجه الخصوص. فيما سجلت الوكالة في هذا الإطار، “كون مرسى المغرب قد قامت في دجنبر 2019 بإنجاز نظام تشغيلي أتوماتيكي للمحطة (TOS)، يسمح بتحديد الموقع الجغرافي للحاويات، وتدبيرها بمناطق التخزين، أو حتى على ظهر البواخر، من جهتها، تقوم شركة SMA بإنجاز نظام مماثل، تم الشروع في استغلاله، شهر يناير 2022.
وأشارت الوكالة الوطنية للموانئ إلى أن مختلف الآجال المرتبطة بوقوف البواخر، سيتم تحيينها في إطار تحيين نظام استغلال الميناء، لمراعاة القانون الجديد لشرطة الموانئ (القانون رقم 17.18 الصادر بالظهير رقم 1.21.49 بتاريخ 26 ماي 2021.) بعد تطور حركة الحاويات بميناء أكادير، وتدعيم التجهيزات الخاصة بهذا الرواج بالميناء الذي تتم معالجته من طرف متدخلين اثنين، ستقوم الوكالة الوطنية للموانئ على دعوة شركة مرسى المغرب لوضع حد أدنى لمردودية مناولة الحاويات.
ويشكل ميناء أكادير مرفقا رئيسيا في سلسلة الخدمات اللوجستيكية بالمغرب، حيث بلغ الرواج التجاري السنوي بهذا الميناء حوالي 5.25 مليون طن نهاية سنة 2018 ، واحتل بذلك المرتبة الخامسة في حركة الرواج التجاري الوطني بنسبة 3,82% . ويضم المركب المينائي لأكادير ثالثة موانئ، وهي: الميناء التجاري، وميناء الصيد، وميناء الترفيه. ومن أهم الفاعلين في هذا الميناء نجد الوكالة الوطنية للموانئ بصفتها تمارس اختصاصات السلطة المينائية، وكذا شركات استغلال الموانئ المكلفة بالأنشطة التجارية، وهي شركات “مرسى المغرب” و”شركة المناولة أكادير” و”شركة المخازن المينائية.