تواجه سواحل العديد من دول العالم الكثير من المخاطر والتحديات، تختلف بإختلاف طبيعة هذه الدول ، سواء تعلق الأمر بأخطار بشرية ترتبط بالتسلل والقرصنة وما يرتبط بها من إرهاب بحري والتجارة غير المشروعة والتهريب ، او أخرى تهم الموارد البحرية كما هو الشأن للتغير المناخي وتلوث البيئة البحرية والصيد غير القانوني وغير المنظم وغير المصرح به.
الجريمة المنظمة والتجارة غير المشروعة وأنشطة التهريب والهجرة السرية
ارتفعت معدلات الجريمة المنظمة التي تشمل تهريب المخدرات والأسلحة أو البشر في جميع أنحاء العالم مما يهدد الحياة الاقتصادية والاجتماعية للشعوب، ولقد أصبحت ظاهرة تهريب المخدرات وتهريب البشر أهم أنواع التهريب انتشارا عن طريق البحر، مما يتطلب توفير الإمكانيات والقدرات اللازمة للتعامل مع هذه المخاطر. وكذا التصدي لإشكالية دخول متسللين سواءً الباحثين عن عمل أو مهربين أو غيرهم عبر الهجرة السرية ، وذلك بفضل ما تتمتع به هذه الدول من استقرار سياسي وانتعاش اقتصادي، حيث يعد التسلل عن طريق البحر أكثر أنواع التسلل انتشارا في العالم. إذ تقوم مجموعات متخصصة بنقل المتسللين إلى سواحل هذه الدول، وبدوره تصبح هدفاً لعمليات التسلل والتهريب البحري، ومما لا شك فيه فإن لظاهرة التسلل والهجرة السرية آثارا وأبعادا سلبية تلقي بظلالها على كل المجتمعات، وتختلف تلك الآثار السلبية والأبعاد، فمنها ما ينعكس على الأمن أو الاقتصاد أو العادات والتقاليد، أو على التركيبة السكانية نتيجة اختلاط المتسللين بفئات المجتمع.
القرصنة البحرية والإرهاب البحري
تشكل القرصنة البحرية خطراً حقيقياً لكثير من دول العالم الساحلية، حيث سجلت في الفترة الأخيرة العديد من عمليات القرصنة البحرية من قبل مجموعات القراصنة المسلحين في أنحاء متفرقة من العالم، والتي أصبحت تشكل تهديداً حقيقياً على الأمن البحري، وكذلك على خطوط الملاحة، ونتيجة لذلك فإن تكاليف الشحن والتأمين والاستيراد والتصدير على السفن التجارية، ازدادت بشكل ملحوظ. وقد يكون لها تبعات اقتصادية سلبية على الموانئ الساحلية. وفي ظل عدم الاستقرار السياسي والأمني في بعض الدول فإن سواحلها سوف تظل ملجئاً آمناً للسفن، التي يتم اختطافها من قبل القراصنة، وبدوره فإن عمليات القرصنة التي أصبحت بمثابة مصدر مالي للجماعات المسلحة، سوف تستمر وقد تزداد أو تقل وتيرتها في المستقبل المنظور، حسب تفاعل المجتمع الدولي تجاهها.
ويمكن تصنيف القرصنة ضمن الإرهاب البحري، هذا المصطلح الذي لا يوجد له تعريف محدد بشكل عام، وذلك بسبب اختلاف دوافعه وأشكاله وتعريفه بين دول العالم، فربما تكون الدوافع سياسية أو قومية أو طائفية أو دينية أو الهروب من القانون أو من أجل الانتقام، كما أنه يأخذ أشكالاً مختلفة كالتخريب أو تفجير الموانئ والمنشآت الحيوية أو إعاقة خطوط المواصلات وخاصةً في المضائق من خلال زراعة الألغام البحرية أو القيام بتلويث البحار أو الإختطاف، وذلك يتطلب وضع الإجراءات والاستعدادات اللازمة، لضمان عدم حدوث ذلك، هذا ومن جانب آخر فإن الحدود البحرية تعد أكثر تعقيداً وتحدياً من الحدود البرية، وذلك لسهولة الدخول والخروج من وإلى البحار الإقليمية، حيث أن القانون الدولي يتطلب أن تكون هذه البحار مفتوحة أمام حرية الملاحة البحرية. لذا فإن تحقيق أمن المنشآت البحرية الساحلية والموانئ(الجهه البحرية) ومراقبة الحدود البحرية، ورصد التحركات والنشاطات البحرية المختلفة بالقرب من المواقع الحيوية تعتبر غايةً في الأهمية لتحقيق الأمن البحري، والحفاظ على الأمن والمقدرات والمكتسبات للدولة.
الصيد الغير القانوني والصيد الجائر
هو أي ممارسات لأنشطة صيد ممنوع القيام بها، أو استخدام لمعدات وطرق ووسائل صيد محظور استخدامها وفقاً لأحكام قانون الصيد البحري، ولائحته التنفيذية، حيث يعتبر القيام بأي من هذه الأفعال مخالفة لأحكام القانون، ومن ثم يندرج تحت هذه الممارسات مصطلح الصيد الغير القانوني استناد لما نصت عليه أحكام القانون.
أما الصيد الجائر فيقصد به ممارسات أنشطة الصيد بطريقة تؤدي إلى استنزاف الثروة السمكية، خاصة لبعض أنواع الأسماك ذات القيمة اللإقتصادية العالية، والتي تتعرض للصيد الجائر أو الصيد الاستنزافي، مما يؤدي إلى التأثير على مخزون هذه الأنواع التي أصبح كثيرا منها محميا من طرف منظمات دولية .
تلوث البيئة البحرية والتغير المناخي
يعد تسرب النفط سواء أكان بسبب تصادم ناقلات النفط وغرقها، أو تنظيف خزاناتها أهم التهديدات للبيئة البحرية، والذي يؤدي إلى تلوث البحار الإقليمية بما فيها الشواطئ والمنشآت الحيوية والحياة البحرية بشكل عام، ومن جانب آخر فإن العديد من الدول أصبحت تعتمد على مياه تحلية البحار للشرب مما يتطلب الحفاظ على مياه البحار خالية من التلوث، حتى لا تشكل قلقا صحياً على أفراد المجتمع.
وغلى جانب التحديات البيئية طفت على السطح التغيرات المناخية التي أصبحت تطبع العديد من السواحل، والتي قد تؤدي إلى حدوث بعض الكوارث الطبيعية، ويصاحبها أضرار جسيمة على البيئة البحرية، كما أن التغيرات في درجات حرارة البحر لها انعكاسات سلبية على مكامن ومواقع الحياة البحرية. وبالتالي فإن بقاء المخزونات السمكية مرهون بتغير حالات الطقس والمناخ، ونتيجة لذلك سوف تتأثر بعض أنواع الشعاب المرجانية ، بالإضافة إلى تأثر الحيتان والدلافين ونقصان أعدادها، كما أن التلوث الصوتي يؤثر عليها بيئياً
إعاقة طرق الملاحة الدولية.. والأزمات والنزاعات
تعتبر البحار بوجه عام الطريق الرئيسي لنقل البضائع والمؤن إلى مختلف دول العالم، ويعتمد اقتصاد هذه الدول على هذه البحار كوسيلة من وسائل النقل للواردات والصادرات، ويرتبط النقل البحري ارتباطا وثيقاً بحرية الملاحة وتأمين الخطوط الملاحية، من وإلى الموانئ الساحلية، لذا فإن حرية الملاحة وطرق المواصلات البحرية في البحار الإقليمية والمنطقة الاقتصادية الخالصة يعد من الركائز الرئيسة لأمن واستقرار وازدهار الاقتصاد الوطنيِ. لذا فمن الأهمية بمكان رصد التغيرات والتأثيرات السياسية للحفاظ على سيادة البحار الإقليمية والسيطرة على المنطقة الاقتصادية الخالصة لهذه الدول. وهو ما يتستبب في الكثير من الخلافات والأزمات السياسية ، نتيجة الصراع حول الحدود البحرية.
وتبقى هذه فقط بعض الأخطار التي تهدد أمن السواحل البحرية، وهو ما تفطنت له العديد من الدول الساحلية . حيث سارع كثير منها إلى العمل على ترسيم حدودها البحرية لضمان السيطرة على سواحلها بالإعتماد على مجموعة من الميكانزمات، المرتبط بتعزيز الأسطول البحري للدول، وتحصين المراقبة البحرية بالرصد عبر الأقمار الإصطناعية، والإستفادة من التكنولوجيا الحديثة، لصد مختلف الأخطار التي تترصد بالبحار.
البحرنيوز عن مركز الأمن البحري بتصرف