تعيش الساحة المهنية على وقع جدل متزايد بخصوص مستقبل موسم الأخطبوط، المنتظر إنطلاقه في فاتح يونيو القادمة، حيث يلف الكثير من الغموض هذا التاريخ رغم الإعلان الرسمي الثابت في مقرر الراحة البيولوجية، والذي كان قد أعلن أن راحة الأخطبوط تمتد لشهرين ، ما لم تكن هناك متغيرات جديدة .
وإلى حدود اليوم وعلى بعد نحو عشرة أيام من الموعد المعلن سالفا ، كثرت الإجتهادات في الأوساط المهنية بما يرافقها من إستنتاجات كعادة أصبحت تتكرر بإستمرار، بكون الموسم لن ينطلق في وقته المحدد، حيث أن الإستعدادت في وسط أسطول أعالي البحار على الخصوص ، تتم بوثيرة محدودة جدا ، على الرغم من كون أيام الراحة البيولوجية أصبحت على المحك، إنسجاما مع القرار السابق ، فيما من عادة الأيام الآخيرة من الراحة البيولوجية، ان تكون الأشغال بوثيرة أسرع ، كما أن هناك برودة في التعاطي مع الأطقم البحرية، وهي وحدها معطيات تقوي دوافع المجتهدين في الحكم بتأجيل الموسم.
وكان من المفروض على كتابة الدولة أن تخرج عن صمتها في هذه المرحلة ، سواء بتأكيد توقيت الموسم أو بتأجيله ، لاسيما وأن الألاف من البحارة في الصيد في أعالي البحار على الخصوص ، هم في وضعية لا يحسدون عليها ، نتيجة الغموض الحاصل ، والإشاعات الكثيرة التي تحيط بمستقبل الموسم ، ومعه لا هم قادرون على الإستعداد للسفر من أجل الإلتحاق بالسفن ، ولاهم قادرون على الشروع في تدبير مخططاتهم الإجتماعية ، لاسيما وأن هناك إستعدادات جارية لعيد الأضحى الأبرك ، حتى وإن غابت أضحيته فلمّته ومخططاته لا تختلف لأنه “العيد الكبير”.
ويبقى إنطلاق موسم الأخطبوط من عدمه مرتبط بالفاكس ، وقبله بالدرجة الأولى بالنتائج العلمية ، تماشيا من المؤشرات التي ستقدمها الرحلة التي تقوم به سفن المعهد بالسواحل الجنوبية للمملكة، حيث تواصل السفن العلمية مهامها بالمصيدة الجنوبية لتقييم الكتلة الحية، والوقوف على نضجها وصلاحيتها للصيد، ومدى حضور الأحجام التجارية الصغيرة ضمن المخزون. إذ ستشكل المعطيات العلمية أساسا إسترتيجا يحفز سلطات القرار من أجل الحسم في مستقبل إنطلاقة الموسم الصيفي، سواء بترسيمها في وقتها أو تأجيلها لأيام إضافية ..، وبالتالي فأي حديث عن الموسم القادم، هو سابق لأجله ومجرد إجتهاد تحاصره التنبؤات .
إلى ذلك يواصل الصيد غير القانوني التحرش بهذه المصيدة على طول الساحل الوطني، بشكل يؤكد أن المصلحة المنفعية لازالت تغلب الوعي في صيانة المخزون، ويتحدى مختلف القوانين الزجرية، حتى أن بعض الساخرين يتنكهون بكون ممتهني التهريب، أصبحوا يشكلون التيرمومتر في الحكم على مستقل الموسم ، ويقدمون معطيات بخصوص المصيدة، ومؤشرات أحجامها، حتى قبل أن يقوم المعهد بتقديم نتائجه البحثية، حيث يشدد الفاعلون على ضرورة التحلي بأقصى درجات اليقظة في مواجهة الصيد الممنوع، والضرب بيد من حديد، على أيدى المخالفين والفاعلين الإنتهازيين، الذين يترصدون الفرص في مخالفة القوانين المنظمة .
وتسود نقاشات داخلية حول المتغيرات التي تعرفها مصيدة الأخطبوط في السنوات الآخيرة من تحديات قوية، ليطرح السؤال اليوم كيف يغير المغرب في طريقة تعاطيه مع هذه المصيدة الإستراتيجية، تحت شعار الصيد الرشيد المربح، المبني أساسا على تثمين المصطادات، والرفع من قيمتها المضافة لعزيز عائداتها على مستوى الكيف والقيمة، وليس على مستوى الحجم والمجهود، وهي إنتظارات تحتاج اليوم لنقاش صريح وإسترتيجي، يحفز الإرادة لمسايرة الإصلاحات الكبرى التي تعرفها المصايد، وفق توجهات تستحضر في عمومها إستدامة المصايد، وتحافظ على الإستقرار الإجتماعي وتحفز مناخ الأعمال، من خلال ضمان تنافسية المنتوج على مستوى السوق الدولي.