مشروع قانون 95.21 .. هل يُعقل أن يتحمّل الربان وحده وزر المنظومة ؟

0
Jorgesys Html test

بقلم : عبد الخالق جيخ *

في الوقت الذي ننتظر فيه من التشريعات الجديدة إنصاف الفاعلين الحقيقيين في قطاع الصيد البحري، جاء الفصل 2-4 من مشروع قانون رقم 95.21 الذي يغير ويتمم بموجبه الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.73.255 الصادر في 27 من شوال 1393 (23 نونبر 1973) المتعلق بتنظيم الصيد البحري، ليكرس مظلومية الربان، ويجعل منه الحلقة الأضعف، بل “كبش فداء” لمنظومة قرارات لا يملك زمامها.

وبصفتي رئيسًا سابقًا لجمعية الربابنة بجهة العيون، وفاعلًا ميدانيًا خبر مهنة الربان في تفاصيلها اليومية على مستوى الصيد الساحلي، أجدني اليوم أمام واجب التنبيه والترافع، ليس فقط من باب الدفاع عن فئة مهنية أساسية، بل من منطلق تصحيح انحراف قانوني خطير. فالفصل 2-4 من مشروع القانون المذكور ينص على تحميل الربان وحده المسؤولية في ثلاث حالات: الصيد دون ترخيص، الإدلاء بتصريح مغلوط، أو حيازة منتجات بحرية غير مصرح بها. وهي مخالفات يعاقب عليها المشروع بغرامات ثقيلة تصل إلى  مليوني درهم، بل وحتى عقوبات سالبة للحرية!

لكن الواقع المهني يكشف ما لا تأخذه المساطر بعين الاعتبار، فالربان ، في أغلب الحالات لاسيما على مستوى الصيد الساحلي، لا يملك القرار الفعلي في توجهات الرحلات البحرية، بل ينفذ تعليمات صريحة من طرف المجهز، الذي يحدد الوجهة، مدة الرحلة، وكميات المنتوج المستهدفة، سعيًا وراء أقصى مردودية اقتصادية، وأحيانًا، على حساب القوانين البيئية والتجارية. وفي هذا السياق، يصبح  “تغييب المسؤولية القانونية للمجهز” في النص التشريعي، خرقًا فادحًا لميزان العدالة، ومناقضًا للمقاربات الدولية المعتمدة من طرف الاتحاد الأوروبي ومنظمة  “FAO “، التي تنص على المسؤولية المشتركة في الجرائم البحرية.

ومن هنا، فإننا كمهنيين لا نبرأ الربان في المخالفات أكيد له حضوره بإعتباره الفاعل، ولكن نؤكد على أن الإقتصار عليه وحيدا في تحميله المسؤولية ، دون حماية مسؤولياته بما يضمن التنزيل الفعلي لمهامه على ظهر السفينة ، هو أمر يظلم الربان ، لذلك نطالب بتعديل الفصل 2-4 لإقرار المسؤولية المشتركة بين الربان والمجهز، بما ينسجم مع الواقع المهني ويكرّس العدالة. هذا مع الإعتراف بحق الربان في رفض تنفيذ تعليمات غير قانونية،  دون أن يُتهم بالعصيان أو يُعرض للفصل.

كما نوصي بالعمل على إحداث آلية قانونية لما يُشبه “محضر احتجاج” يُوثق اعتراض الربان على تعليمات مخالفة للقانون. والسماح  بنقل المصطادات العرضية،  واستثمارها في الأعمال الاجتماعية، عوض رميها في البحر، لما لذلك من أثر بيئي واقتصادي إيجابي. دون إغفال مطلب إشراك جمعيات الربابنة،  في صياغة القوانين والمراسيم التنظيمية، لأن التشريع العادل لا يُبنى من فوق المكاتب، بل من عمق التجربة في عرض البحر.

ومن خلال خصوصية القطاع يمكن القول، أن الصيد البحري ليس عملاً فرديًا يُمارس في عزلة، بل سلسلة مترابطة من المسؤوليات. ومتى اختل توزيع المسؤولية، اختلت العدالة، وتكبدت فئات بأكملها تبعات قرارات لم تصنعها. لدى فرسالتي إلى السلطة التشريعية أن تُعيد النظر في هذا الفصل، وأن تصغي جيدًا لصوت المهنيين، قبل أن يتحول القانون من أداة تنظيم إلى أداة ظلم .

*عبد الخالق جيخ : رئيس سابق لجمعية الربابنة – العيون،  فاعل كنفدرالي سابق، ومدون مهتم بشؤون الصيد البحري 

Jorgesys Html test

أضف تعليقا

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا