شكل موضوع تقييم استراتيجيات إدارة مصيدة سمك الزريقة الوردية “البوراسي” بمنطقة بحر البوران، الواقعة غرب البحر الأبيض المتوسط، محور إجتماع دولي عبر تقنية التواصل عن بعد إنعقد يوم الأربعاء 18 يونيو 2025، بمشاركة عدد من الخبراء والفاعلين المهنيين والعلميين في قطاع الصيد البحري.
ويأتي هذا اللقاء الذي عرف مشاركة أعضاء وأطر غرفة الصيد البحري المتوسطية، وفق ما أكدته البوابة الرسمية للغرفة، في إطار استكمال أشغال مجموعة العمل العلمية التابعة للهيئة العامة لمصايد أسماك البحر الأبيض المتوسط (CGPM)، والتي أنهت مؤخرًا دراسة دقيقة حول استدامة هذه المصيدة التي تُعد من الموارد البحرية ذات الأهمية البيئية والاقتصادية البارزة للمنطقة.
وقد تم خلال الإجتماع عرض النتائج النهائية والتوصيات العلمية المتعلقة بإدارة المصيدة، كما تم فتح باب النقاش مع الفاعلين الحاضرين من مختلف دول الحوض المتوسطي، بما فيهم ممثلون عن المؤسسات المهنية والعلمية الوطنية على رأسها المعهد الوطني للبحث في الصيد، وذلك بهدف بلورة رؤية مشتركة مبنية على معطيات علمية دقيقة ونهج تشاركي للتدبير المستدام لهذا المورد البحري الحساس. وأكد الفريق العلمي أن التقييم أظهر الحاجة إلى تعزيز التدابير الوقائية للحفاظ على التوازن البيولوجي للمخزون، وتعزيز التعاون الإقليمي في مجالات البحث والتكوين والمراقبة البحرية.
وكانت الدورة العادية الثانية للجمعية العامة لغرفة الصيد البحري المتوسطية برسم سنة 2025، تقديم عرض هام لنتائج فترة الراحة البيولوجية الخاصة بسمك الزريقة الوردية، وتقييمًا دقيقًا لحالة مخزون البوراسي، الذي يثير قلقًا متزايدًا في صفوف الباحثين والمهنيين على حد سواء. حيث حذرت ممثلة المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري من الوضعية “المقلقة” التي يعرفها مخزون “البوراسي”، مشيرة إلى ضعف معدل نموه، وموضحة أن تقييم وضعه في فترة قصيرة لا يسمح بالخروج بخلاصات دقيقة. كما أكدت أن السنة المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مؤشرات واضحة حول تطور هذا المورد، داعية إلى مزيد من اليقظة وتعزيز الجهود البحثية.
وعلى مستوى الإحصائيات المرتبطة بذان النوع السمكي خلال سنة 2024، تفيد المعطيات الرسمية أنه تم تسويق ما مجموعه 4 أطنان و500 كيلوغرام من هذا النوع بميناء المضيق، بينما لم تتجاوز الكمية حتى حدود منتصف 2025 نحو 3 أطنان فقط في نفس الميناء. أما في ميناء الفنيدق، فقد تم تسجيل 140 كيلوغرامًا فقط، و15 طنًا فقط بطنجة، مقابل 47 طنًا تم تسويقها خلال السنة الماضية، فيما بلغت الكمية في منطقة الدالية 1500 كيلوغرام. إذ أكد المدير الجهوي أن هذه الأرقام لا تعكس بالضرورة الوضع الحقيقي للمخزون السمكي، مبرزًا أن عدة عوامل تؤثر على حجم التفريغ، أبرزها تطور عدد المراكب وتغير أنماط الإشتغال في الفترة الأخيرة.
وتعكس هذه المعطيات الحاجة الملحة إلى مقاربة شاملة تدمج البعد البيئي والعلمي والاجتماعي في تدبير المصايد، من خلال تعزيز البحث العلمي، وتقوية آليات المراقبة، وضمان التوازن بين الحفاظ على الموارد والعدالة الاجتماعية للمهنيين. حيث تبقى دعوات البحارة والمهنيين واضحة: نريد مستقبلاً بحريًا مستدامًا، ولكن بشرط الإنصاف والدعم في فترات التوقف الضرورية.