مصيدة السردين .. عيون الأزمة لا تغمض عندما تتراقص التقاطعات !

1
Jorgesys Html test

رأي كتبه للبحرنيوز: عبد الخالق جيخ *

بعد عشرين سنة من تطبيق مصفوفة  الاخطبوط واكثر من إثني عشر حولًا على تطبيق برنامج أليوتيس،  الذي يعاب عليه أنه أنزل من فوق و لا يتسم بالديناميكية الكافية، نواجه اليوم وضعية كارثية تعيش على وقعها مصيدة العيون، إضطر معها نحو خمسين مركبا صنف السردين ، إلى مغادرة المصيدة نحو مصيدة الشمال، تاركة ما يقارب المئة والخمسين المراكب هم يواجهون اليوم مصيرهم المحتوم.  فيما تصارع معامل تحويل وتثمين المنتوجات السمكية ، من أجل البقاء ومقاومة شبح الإغلاق والافلاس ، وهو ما سيدفع لا قدر الله،  إلى تسريح العمال وانهيار المنظومة الصناعية والإقتصادية المرتبطة بقطاع الصيد بالمنطقة، ما يستدعي التدخل الفوري للحكومة بإعلان المصيدة منطقة منكوبة اقتصاديًا. والإجتهاد في تقديم حلول إنعاشية لإنقاذها، ومساعدتها على تجاوز الأزمة.

وأرخى الواقع المر لمصيدة العيون بظلاله على  مصيدة شمال طرفاية،  المستوعبة لأكثر من ثلاثة مئة مركب صنف السردين، إذ أن  الاستقرار والفوضى وسوء التسيير، يبقى هو سيد الموقف أمام جشع و تغول المهنيين، وسلوكهم غير الرشيد. نظير المعدات المستعملة في الصيد ، من شباك وكورات منتفخة (لبويات) والتلبيس بالشباك ذات العيون الضيقة(الترامپا) ، ناهيك عن قصر النظر في التعامل مع السوق الذي أساسه العرض والطلب، خصوصا وأن  المؤسسة المسؤولة على التسويق تتسم اليوم بالمحدودية والترهل والشيخوخة حتى أنها تكاد تكون غائبة عن المشهد،  ما جعل من هذه المؤسسة تفقد الكثير من الدينامية والفعاليه، ما أثر على المكتب الوطني للصيد في الإيفاء بجميع التزاماته على مستوى مرافقة وتطوير وعصرنة الأسطول، بعد أن رضي بالإصطفاف في دور السمسار، والترامي على اختصاصات المجالس المنتخبة، مما اثر سلبا على إدارته التسييرية والتسويقية .

وبعيدا عن التسويق وعودة إلى المصايد، حيث تطرح الكثير من الأسئلة ، هل نحن بالفعل تحت رحمة ظاهرة النينو؟  وماهي الاقتراحات العلمية المعمول بها امام هذه الظاهرة؟ وهل قام المعهد المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري  بالدور المنوط به بالمراقبة المستمرة لحالة البيئة البحرية، ومختلف مصادر تلوثها،  ولاسيما الكيميائية منها والميكروبيولوجية؟  وكذا الأضرار التي يمكن أن تخل بتوازن الوسط البحري؟ لاسيما بعد أن  كانت ترمى الأطنان من الأسماك في البحر وآثارها على البيئية البحرية؟  أين تقييم المعهد للموارد البحرية الحية؟ وأين بياناته وخرائطه عن حالة مخزونات هذه الموارد، وتحديد مكان ومستويات استغلالها البيولوجي؟ لأننا هنا إخترنا ان نطرح الأسئلة دون تقديم إجابات لفسح المجال أمام أهل الإختصاص، والمعهد وحده من يجيب على هذه الآسئلة، بإعتباره العارف الخبير بوقت حمل البيوض ووقت الولادة وقت التفقيس ووقت اليرقات ووقت السرب.  نعم المعهد وحده الخبير في وضع دراسة العوامل التي تتحكم في تطور الأصناف البحرية ، ما يفرض الإجتهاد في تحضير جميع المعطيات البيولوجية والتقنية و الإقتصادية. والترفع عن الحلول الترقيعية المزاجية على مستوى 
تقيم الآثار البيولوجية ، التي انعكست على المصايد والوسط البحري، وهنا أتساءل وأنا أدون هذه الخواطر ، هل كان  لمنع الشباك العائمة أثر على التوازن الطبيعي بين التونيات واشباهها وبين الأسماك السطحية الصغيرة..

ونحن نؤكد إلى الدور الأساسي للمعهد في صناعة المعلموة البحرية الدقيقة بخصوص المصايد والأنواع ، نؤكد أن هذا المعهد  هو المؤهل اليوم لتقديم توضيحات حول دور سفن الجر السطحي بالجنوب،  ومدى ظلوعه في الأزمة القائمة، وما هي حدود الأضرار التي يمكن أن تسببها  الشباك شبه سطحية وهي قاعية في نفس الوقت، لاسيما وأن العمق القاري غير عميق في الجنوب. وهو بوليميك قائم من المفرواض أن تتدخل الإدارة الوصية ومعها العهد لإيقاف الجدل بشأنه بدل الوقوف موقف المتفرج،  كأننا امام مسرحية مولودرامية نهايتها مكشوفة قبل البداية، لدى فمن الواجب ترجيح  كفة الرأي العلميّ، كمرجع لاتخاد القرار، وتحريره من الهيمنة السياسية، والتجارية، وتمتيعه بالقوة اللازمة في إقتراح القرار، لأن بتقييمنا الصريح لواقعنا واعتماد مقاربة حكيمة، ذات بعد أستراتيجي واقعي متجرد من الذاتية والانانية، سنتملك القوة في مواجهات التحديات القوية المرتبطة بالمصايد ، والتي لن يستثنى منها لاصغير أو كبير ، لأن ضمان الإستدامة يبقى هو المحفز الأساسي للإستثمار سوء صغر شأنه أو كبر على المستوى القطاعي .

وبناء عليه فإن الإشراك الفعلي للمهنيين في بلورة برامج التهيئة، وإنزال أدوات تطبيقها وكذا إسناد بعض المهام التدبيرية الموكولة حاليا للإدارة، يبقى حلا واردا وذو نجاعة،  في رفع مستوى الوعي لدى الفاعلين بأهمية وحيوية الحفاظ على المخزون السمكي الوطني. اذ لا يمكن أن نتوقع من مجتمع أن يكون حاميا مسؤولا للبيئة والمخزون السمكي،  إذا لم يكن على علم تام ومشاركا في القرارات التي نتخذ بشأن سبل عيشه. وبصراحة، إذا لم يشارك المهنيون بفعالية في عملية صنع القرار، وبقيت مستويات الثقة والشفافية منخفضة، فلن تكون هناك ممارسات صيد مستدامة في المصايد وهنا يمكن الإجالة على الطريقة التي تدبر به اللجنة البيمهنية لتتبع مصيدة الأنشوبا بأكادير، كإبداع مهني نوعي يقدم اليوم نموذجا صادقا على التدبير الذي يصعد من الوسط المهني، ليساعد في الإستدامة والصيد المسؤول، بعيدا عن سلطة القرار. لذلك يستحسن ان تتنازل الإدارة على بعض صلاحياتها لفائدة غرف الصيد البحري، لتصبح مؤسسات تقريرية انسجامًا مع روح الجهوية الموسعة، والتقليل من تدخل الإدارة والدفع بترسيخ عقلية المقاولة .

من جانبه  يشكل النظام الضريبي المطبق بقطاع الصيد، اضافة الى ارتفاع تكاليف الانتاج عائقا أمام النهوض بالقطاع ، حيث يبقى نظام احتساب الحصة الاجمالية دون الأخذ بعين الاعتبار تكاليف الإنتاج، عاملا مؤثرا على مداخيل البحارة الذين تحتسب أجورهم عن طريق الحصص ، هذا اذا علمنا أن نسبة الاقتطاعات تصل الى 17.5 % من البيع الخام (رقم المعاملات) لمراكب الصيد الساحلي تستخلص مباشرة عند بيع مفرغات الصيد البحري من طرف المكتب الوطني للصيد. وزد على ذلك الضريبة السنوية، التي لا تراعي المصاريف وحصة البحارة، مما يدفع المهنيين إلى الالتجاء للتهريب وعدم التصريح بالمصطادات،  وما يترتب عن ذلك من نسف لقيمتها التجارية وتغليط للإحصاءيات الرسمية، التي تعد الركيزة الرئيسية في تقييم حالة المخزون واصدار تدابير التهيئة. وبالتالي يستحسن تغيير النظام الضريبي المطبق حاليا، باقتطاع الضريبة مباشرة من مبيعات المراكب داخل أسواق السمك من طرف المكتب الوطني للصيد، يعد من المقترحات الحلية لهذه الإشكالية، التي اضحت معيقا للشفافية والوضوح في قطاع يفترض أن يحافظ على جاذبيته وإستدامته .

فهذه الخواطر التي أحاول أقتسمها ، لايمكنها ان تقفز على أن  هاجس الاستدامة يجب أن يكون مقرونا دائما بالاعتبارات المعيشية اليومية لفئة مهمة من المغاربة، وأن عدم الإشراك الفعلي لهم في اتخاذ القرار وكذا التدبير والتسيير اليوميين، سيشكل دوما حجر عثرة أمام تحقيق الأهداف المنشودة من استراتيجيات قد تقيّم فقط بالإحصائيات. 

  • عبد الخالق جيخ عن الجمعية المهنية للصيد الساحلي العيون بوجدور 
Jorgesys Html test Jorgesys Html test

تعليق 1

  1. إقتراحات عملية ميدانيا. بدأت “مبادرة الحزام الأزرق” خلال مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (كوب 22)، التي استضافها المغرب في سنة 2016. مبادرة تشكل أداة تعاون دولي، وافريقي، من أجل تغيير الطريقة التي تدبر بها المحيطات في مجالات الصيد وتربية الأحياء المائية. https://www.bluebeltinitiative.com/ar/notre-raison.html فقرة (المستخدم – الملاحظ/ربابنة مراكب الصيد). مدونة السلوك بشأن الصيد الرشيد. إصدار خاص. الفاو2011. يتضمّن هذا الإصدار نصّ المدوّنة كاملاً ولمحة تاريخية عن نشأتها وصياغتها، فضلاً عن القرار رقم 4/95 بالصيغة التي اعتمدها مؤتمر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في دورته الثامنة والعشرين. https://openknowledge.fao.org/items/834bf8ba-6c8e-4f21-aab1-72cb901809f7. العوامل الأخرى غير التغير المناخي، مثل الحكامة أو الاستغلال المفرط أو الأسواق تشكل على المدى القصير المحركات الرئيسية لقطاع الصيد لكن على المدى البعيد من المنتظر أن يشكل التغير المناخي عاملا حاسما. الموارد البحرية الحية وتنميتها المستدامة. الفاو 1996. https://www.fao.org/4/v5321f/V5321F00.htm#TOC
    من شأن تطوير القدرة على التكيف بشكل مخطط له تجنب عدة آثار يصعب التنبؤ بها. الحزام الأزرق مبادرة تستجيب لرهانات استدامة الصيد وتربية الأحياء المائية والحفاظ على الأنظمة الأيكولوجية الساحلية في ظرفية تتسم بالتغيرات المناخية. تقنيات الصيد المسؤول. عمليات الصيد.1 الفاو-1999. https://www.fao.org/4/w3591f/w3591f00.htm فالهدف الذي من أجله رأت مبادرة الحزام الأزرق النور يتمثل في إدماج إجراءات مكافحة آثار التغير المناخي والحفاظ على سلامة الأنظمة الإيكولوجية الساحلية بشكل يسمح بوجود مناطق استغلال بحري مستدامة. دليل عملي للبحارة الصيادين. الفاو 1988. https://archimer.ifremer.fr/doc/00841/95320/
    وهي تندرج في منحى الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة وأهداف آيتشي، مع الاعتماد كذلك على مبادئ مدونة السلوك بشأن الصيد الرشيد(الفاو) ومبادئ المالاوي (اتفاقية التنوع البيولوجي) ونهج النظم الأيكولوجية في مصائد السمك (الفاو). (مجالس الإتقان). مجهودات/مصاريف غير منتجة بسبب غياب التوجيه والمواكبة المهنية، أرواح بشرية لا علم لها بمخاطر الابحار. من اجل مواكبة تدعيات ازمة مصايد الاسماك القاعية والسطحية الصغيرة بالمملكة، يجب الاخذ بعين الاعتبار النقط التالية: تكييف جهد الصيد على ضوء توصيات المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري(2022/2018)، وفرض احترام معايير تدبير المصايد، خاصة في ما يتعلق بالتقييدات الزمنية والمجالية وكذا تلك المرتبطة بمعدات الصيد. 1. إعادة النظر في أولويات المغادرة الطوعية، والالتحاق بالمجال البحري لموانئ تسجيل المراكب(Port d’immatriculation) للاصناف المعنية بمجهود الصيد، (نظام التنطيق/zoning). 2. مواصلة تأهيل وتحديث مراكب الصيد الساحلي وقوارب الصيد التقليدي مع المواكبة الميدانية لتنفيذ الشروط المشارة ضمن القوانين المنظمة لقطاع الصيد البحري عبر برنامج (إبحار) لسنة 2008. 3. إلزامية الحصول على شهادة الولوج الى المصايد الوطنية. تحدد شروط الولوج إلى المصايد الوطنية عبر شهادة المطابقة لمعايير نظام الجودة(حوت بلادي) من طرف المكتب المختص, والتي تشهد على أن جميع المصطادات التي يتم صيدها بواسطة شباك الجر القاعية و الشباك الدائرية تحترم بنود ميثاق الممارسات الجيدة لصيد مسؤول ومستدام من طرف المهنيين الموقع بين الوزارة الوصية وغرف الصيد البحري الاربعة أبريل 2005 باكادير، مع إحترامها للنظام البيئي لقاع البحر والانواع المهددة بالانقراض(التوسيم الإيكولوجى). إنتظارات مجهزي مراكب الصيد الساحلي صنف الأسماك السطحية الصغيرة. 4. التثمين. يجب التخلي نهائيا عن إستعمال الصناديق خلال رحلات الصيد، مع إعادة تصميم وتقسيم عنبر المركب إلى 4 وحدات مستقلة فيما بينها بسعة لا تتعدى 8 اطنان للوحدة مزودة بنظام التبريد، نموذج لمراكب الصيد المبردة بمياه البحر (RSW). 5. التسويق. حوت بلادي (المأكولات البحرية المغربية) هي استراتيجية وزارة الفلاحة و الصيد البحري وتخصص لوضع العلامات التجارية والتسويق المؤسسي لمنتجات البحر المغربية.
    ويستهدف هذا البرنامج السوق المحلية والدولية في إطارين.

أضف تعليقا

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا