أجرت أمطار الخير التي شهدتها بعض جهات المملكة مجموعة من الوديان التي ظلت جامدة لتتدفق في إتجاه البحر كوجهة تقليدية، بعد ان عطلها جفاء المطر ونذرة التساقطات. فيما يطرح هذا التواصل بين الوديان المحملة بمياه المطر الكثير من وجهات النظر، حول أحقية هذا العناق بين البحر والوديان بين الماء الحلو والماء المالح، ومدى تأثيرها على المصايد والأحياء البحرية.
وتداول رواد موقع التواصل الاجتماعي صورار ومقاطع فيديو للسيول، وهي تختلط مع مياه البحر بإمسوان وببعض الشواطئ كما هو الشأن لشاطئ 25 شمال أكادير ..، حيث أظهر هذه الصور والفيديوهات ، السيول تندفع نحو مياه البحر، الأمر الذي جعل لون المياه على مستوى الشاطئ، تتغير إلى اللون البني، بفعل اندفاع المياه المحلمة بالأوحال والمخلفات .
صبيب السيول في البحر ..جدل متواصل
رشيد واحد من بحارة الصيد التقليدي، أكد للبحرنيوز ان الماء الحلو من الجيد إنسلاله للبحر، بإعتباره يساهم في إستقطاب الكثير من الأنواع السمكية في إتجاه الشاطئ لوضع بيوضها، وكذا الإقتيات على العوالق والكائنات الحية والحشرات والفطريات التي ترافق مياه المطر الى البحر، أوما تجلبه الأودية من أملاح وعوالق تكون مصدرا للغذاء. حيث أكد المصدر أن حالة النذرة التي عرفتها الكثير من المصايد هي ناجمة عن تأخر هذا الإندماج بين مياه السيول والوديان والشواطئ .
هذا النفس الإيجابي لا يستقر لدى بحارة آخرين ، الذين يؤكدون أن السيول المتأتية من ماء المطر ، يكون لها بالمقابل تأثير سلبي لكونها تجرف معها الكثير من الأزبال والمخلفات الخطيرة، التي يرمى بها في الوديان. وهو ما يؤثر سلبا على البيئة البحرية. إذ ترى ذات المصادر أن البحارة يتحاشون الصيد في مصبات الوديان والأنهار خلال فترة التساقطات وحمولات الأودية، لكون شباكهم عادة لا ترفع إلا أكواما من الأزبال والرواسب من البلاستيك والأثواب والأخشاب وغيرها.
و تعتبر المصادر أن الصيد في المناطق القريبة من مصبات الوديان، هو مجرد إستهلاك للجهد وإضرارا بمعدات الصيد. إلى أن ذات المصدر أشارت أنه وبالرغم من ذلك، فمياه المطر يكون لها الأثر الإيجابي على المستوى المتوسط، حيث تنتعش المصايد التي تصبح أكثر غنى بمختلف الأحياء البحرية في فصل الشتاء المطير.
مختصون.. صبيب سيول الأمطار في البحر يهدد سلامة الأصناف السمكية
يرى مهتمون بالمصايد البحرية أن انتعاش الثروة السمكية خلال الفترات الشتوية، هو ناجم عن ظاهرة طبيعية تتميز بها السواحل المغربية، من خلال حركة مياه البحر الباردة المتواجدة بالاعماق ، والتي تطفو على السطح، بفعل الرياح الشرقية الغربية المصاحبة للأمطار، والتي عادة ما تحمل معها المواد الغذائية المترسبة في الأعماق. وهذه الظاهرة مرتبطة أساسا بهبوب الرياح التي تصاحب عادة نزول المطر.
ويسجل العارفون بخبايا الحياة البحرية وظواهرها، ان تسرب مياه المطر عبر الوديان إلى البحر يكون له تأثير سلبي على سلامة الأصناف السمكية، التي إعتادت على العيش في المياه المالحة. كما أن كثرة هذه المياه، تساهم في تضرر المصايد واختناق الأسماك خاصة حديثة الولادة منها ، بفعل الأوحال المرافقة لمياه الوديان. فمياه الأودية هي تتركز في الأميال البحرية المحادية للشاطئ، مكان توالد الأسماك. وبالتالي مكان تواجد الأسماك الصغيرة سريعة الثأثر. كما ان انصباب مياه الوديان (العدبة) في الواجهة البحرية، يدفع الكثير من الأصناف السمكية، إلى النفور والتوجه نحو الاعماق هروبا من التقلبات المتواجدة بالسواحل.
مطالب بيئية بالإعتناء بمجاري الأنهار والوديان وتطهيرها من المخلفات
إلى ذلك تعلو الأصوات في أوساط المهتمين بالشؤون البيئية، إلى ضرورة الإهتمام بمجاري الوديان والأنهار، وتلافي رمي المخلفات الصلبة وكذا كل ما من شأنه أن يشكل خطرا على البحر مع أول جريان لهذه الأودية، عند سقوط المطر، بإعتبار هذه السلوكات يكون لها الأثر السلبي على المصايد والبيئة البحرية عموما.
وتشهد ضفاف عدد من الأودية إنتشار مطارح لمخلفات البناء والنفايات المنزلية بالعديد من الدواوير، وهو ما نبهت إليه مجموعة من الجمعيات البيئية، خصوصا وأن هناك شركات تتحين فرصة التساقطات المطرية للتخلص من نفاياتها الصلبة في الأودية والسيول ناهيك عن عودة إشكالية البلاستيك للواجهة؛ وكلها عوامل بشرية غير مستدامة تلقي بثقلها التلوثي على البيئة الشاطئية، وتؤثر على جودة الرمال، وجودة مياه السباحة.
وتتحول الشواطئ التي تشكل مصبات للأودية والسيول، إلى مكب نفايات خطيرة على البيئة والأحياء البحرية والشاطئية على الخصوص مع كل فترة تساقطات مطرية،ما يتطلب وعيا جمعيا بمواجهة هذا النوع من التحديات الخطيرة على البيئة البحرية ، فيما يبقى القائمون على الشأن المحلي بعمليات استباقية، لتنظيف وصيانة مجاري السيول لتلافي وصول الأزبال ومختلف المواد التي من شأنها تهديد الوسط البحري.
سياسة السدود .. تأمين للمياه وإعتراض للتدفقات نحو البحر
تفطن المغرب ومند عقود لأهمية تخزين المياه لموجهة الجفاف، حيث عمدت المملكة إلى إنجاز الكثير من السدود ، بما في ذلك مواقع ووديان ظلت تتدفق نحو البحر، حيث الرهان على الإستفادة من ملايين الأمتار المكعبة، التي كانت تجد طريقها للبحر مع كل تساقطات مطرية وحمولة الوديان . وتخزينها لتعزيز تأمين المياه وتوفير الإمدادات المائية اللازمة للزراعة والشرب.
ويُعتبر بناء السدود وتخزين المياه أساسيًا للتصدي لتقلبات المواسم وضمان استدامة الإمدادات. حيث تم تكريس أدوار كبرى للسدود للتحكم في السيول ومنع الفيضانات، مما يحمي المناطق السكنية والأراضي الزراعية والبنى التحتية من التأثيرات السلبية للظواهر الطبيعية. كما يحمي البحر من من تدفق النفايات وما تحويه مسارت الوديان من ملوتات ، خصوصا وأن سياسة السدود هي تأتي في إطار تخطيط بيئي شامل يهدف إلى المحافظة على التوازن البيئي وحماية النظم البيئية المحلية، بما يضمن مبادئ الاستدامة بطريقة تحقق التوازن بين الاحتياجات البشرية والحفاظ على البيئة في مفهومها الشامل.
البحرنيوز: متابعة