بمبادرة من وزير التجهيز والماء، عين جلال الملك اليوم السبت 01 يونيو 2024 المصطفى فارس، مديرا عاما للوكالة الوطنية للموانئ؛ خلفا للسيدة نادية العراقي، التي ظلت على رأس هذه الإدارة الإسترتيجية لسنوات متعاقبة. فيما يرى متدخلون أن الوكالة إحتاجت لدماء جديدة على مستوى التدبير والتسيير في أعلى هرم المسؤولية المرتبطة بالقرار، لاسيما وأن قطاع الموانئ شكل محط ملاحظات وإنتقاذات من طرف المجلس الأعلى للحسابات.
ويعد مصطفى فارس، من خريجي المدرسة الخاصة للأشغال العامة في باريس، والمدرسة الحسنية للأشغال العمومية. إذ منذ سنة 2021، شغل فارس، وهو بالمناسبة مهندس الأشغال العمومية ومهندس دولة في الهندسة المدنية، منصب الكاتب العام بالنيابة بوزارة التجهيز والماء. وبين سنتي 2016 و2021، شغل منصب المدير العام للمختبر العمومي للتجارب والدراسات. كما تولى منصب مدير قطب التهيئة بوكالة تهيئة وادي أبي رقراق بين سنتي 2015 و2016، وأيضا مدير وحدة البنيات التحتية (2011-2015) بالوكالة نفسها. فيما تولى ذات المسؤول مجموعة من المناصب الهام مع مطلع العشرية الأولى من القرن الجاري .
وتنظر الوافد الجديد على رأس مديرية المواني مجموعة من الملفات، لاسيما وأن القطاع المينائي شكل محط إنتقاذات من طرف المجلس الأعلى للحسابات، على الرغم من الجهود الكبيرة التي بدلتها المديرة نادية العراقي، التي حكمت قطاع المواني بيد من حديد ، بل أن حقبتها إتسمت بتنويع الإستثمارات في القطاع المينائي ، كما عملت على تعزيز تنافسية الموانئ والرفع من ديناميتها الإقتصادية ، وهو ما تم تأكيده من طرف المجلس الأعلى للحسابات، حتى وإن كانت الجهود قد تركزت في موانئ بعينها أكثر منه من موانئ أخرى ، وهو المعطى الذي شكل محط إنتقاذات لاذغة للوكالة من طرف مراقبي المجلس.
وأورد المجلس الأعلى للحسابات في تقريره السنوي المتضمن لبيان عن أعماله وأعمال مجالسه الجهوية برسم 2022-2023، أن غالبية الموانئ التابعة للوكالة الوطنية للموانئ تعاني عجزا ماليا، ولم تضع الوكالة خطة عمل لتحسين موارد هذه الموانئ. فبالرغم من أن الوضعية المالية للوكالة الوطنية للموانئ سجلت نتائج صافية إيجابية، خلال الفترة ما بين 2010 و2021 يوضح التقرير السنوي، إلا أن ثلاثة موانئ فقط من أصل 34 تمت دراستها، حققت نتائج استغلال إيجابية خلال الفترة المذكورة، وهي موانئ الدار البيضاء والجرف الأصفر وأكادير. فيما سجلت ثلاثة موانئ أخرى وضعية مالية متوازنة عموما، وهي موانئ الناظور والمحمدية وآسفي، بالإضافة إلى ميناءي ترفيه السعيدية وقبيلة.
إلى ذلك يبرز التقرير فإن 26 ميناء، أي ما يمثل %76 من مجموع الموانئ التي تمت دراستها، عرفت وضعية عجز مالي هيكلي طول الفترة المشار إليها سلفا، وذلك نظرا لمحدودية موارد هذه الموانئ، وارتفاع تكاليف استغلالها. ومن المرجح أن يتفاقم مستوى العجز مستقبلا مع تزايد تكاليف صيانة الموانئ من جهة، وغياب خطة عمل لتحسين مواردها من جهة أخرى. فيما أوصى المجلس، الوكالة الوطنية للموانئ بوضع مقترحات مدعمة بخطط أعمال لدى مجلسها الإداري، بما يمكن من تحديد استراتيجية لها تتوافق مع السياسة القطاعية للدولة، وباعتماد آليات للحكامة وتدبير المخاطر لبلوغ الأهداف المسطرة في عقد البرنامج وتقييم الأداء والنتائج.
وكان المجلس الأعلى للحسابات قد أكد حاجة الوزارة المكلفة بالتجهيز إلى توضيح وتقوية دورها في ما يتعلق بالإدارة الإستراتيجية للقطاع، ولاسيما بإضفاء الطابع المؤسسي على لجنة الموانئ، التي أنشأتها الوزارة سنة 2016 . هذه اللجنة التي يترأسها الوزير المكلف بالتجهيز، تضم أهم الفاعلين في القطاع وتتكلف بمناقشة القضايا الإستراتيجية ذات الطابع الشمولي المتعلقة بهذا القطاع. فيما لاحظ مراقبي المجلس، أنه رغم مرور أزيد من 15 سنة على إطلاق إصلاح قطاع الموانئ، لم يتم إجراء تقييم لهذا الإصلاح. وقد تم طرح مبادرات لإنجاز دراسة بهذا الشأن في سنة 2013، من قبل الوكالة الوطنية للموانئ وفي سنة 2018 من قبل الوزارة المكلفة بالتجهيز، ولكن لصعوبة همت أساسا الحصول على كافة المعطيات الضرورية، لم يتم إنجاز التقييم المذكور.