‘حتضن مقر مندوبية الصيد البحري ببوجدور، أمس الخميس، اجتماعاً وصف بالحازم، بحضور ممثلين مؤسساتيين وربابنة الصيد، في خطوة عكست بداية مرحلة جديدة من التدبير القطاعي قائمة على الوضوح واحترام القانون. اللقاء جاء في سياق تخليق الممارسة المهنية وتوضيح التوجهات الكبرى للمندوب الجديد فيصل بزاك، الذي تولى مهامه مؤخراً، حيث حرص على تقديم تصور إداري يروم تطوير الأداء وفرض قواعد الانضباط القانوني بشكل لا لبس فيه.
وشدد المندوب، خلال مداخلته وفق مصادر حضرت اللقاء، على أن احترام المقتضيات القانونية ليس خياراً ظرفياً بل التزاماً أصيلاً وشرطاً لضمان استدامة القطاع. واعتبر أن التصريح بحصيلة المصطادات يجب أن يتم حصراً من طرف الربان أو مجهز السفينة مع التوقيع على التصريح، باعتباره الآلية الوحيدة لضبط البيانات وضمان الشفافية. كما أوضح أن بعض الممارسات التي ظلت متداولة، من قبيل رمي الأسماك في البحر أو الشروع في التفريغ قبل الإدلاء بالتصريح بالشرف، لم تعد مقبولة تحت أي مبرر، مؤكداً أن القانون يجرم هذه السلوكات ويعتبرها تهديداً للمنظومة البحرية.
ولم يتوقف التشديد عند حدود التصاريح والإجراءات الورقية، بل امتد إلى الممارسات اليومية داخل الميناء. فقد أكد بزاك على ضرورة وضع حد لظاهرة شحن الأسماك عبر الدراجات ثلاثية العجلات خارج الإطار القانوني، باعتبارها منفذاً للفوضى وتجاوزاً للمراقبة، داعياً الربابنة إلى تحمل مسؤولياتهم الكاملة في هذا الجانب. وبالرغم من حزم الخطاب، لم يخلُ الاجتماع من إشارات إلى إشراك المهنيين في النقاش وتحميلهم دوراً مباشراً في إنجاح المقاربة الجديدة، بما أوجد مناخاً عنوانه الشراكة الحقيقية والالتزام المشترك.
وفي محور السلامة البحرية، أبرز المندوب في ذات الإجتماع، أن المسألة تمثل أولوية لا تقبل التهاون، بدءاً من إلزامية رفع قوارب الصيد المرافقة فور العودة من البحر، مروراً بانتقاء حراس مؤهلين لتأمين المراكب بعيداً عن العشوائية، ووصولاً إلى التنصيص على المسؤولية القانونية الكاملة للربان. كما جرى التنبيه إلى المخاطر المترتبة عن ترك القوارب عرضة للاستعمال غير المشروع، سواء في أنشطة غير قانونية أو محاولات للهجرة السرية، الأمر الذي يستدعي يقظة متواصلة وتعاوناً مع السلطات الأمنية ومصالح المراقبة.
وقد حضر الاجتماع رئيس مصلحة السلامة والوقاية من التلوث، ورئيس مصلحة رجال البحر، وقائد الميناء، إلى جانب عدد من الربابنة، حيث تقرر تشكيل لجنة محلية مشتركة لتتبع عمليات الرسو، خصوصاً بالنسبة لقوارب الصيد التقليدي. كما وضعت المندوبية سجلات خاصة بتتبع مهام حراس القوارب والمراكب، في خطوة تنظيمية اعتبرها الحاضرون مؤشراً على رغبة الإدارة في إرساء قواعد أكثر صرامة، وفي الوقت ذاته فتح أفق لتعاون مؤسساتي ومهني يضمن استدامة المصايد ويحمي مصالح جميع الأطراف.