ربورتاج أحمد سالكا/ الناظور
إن من يزور أرباب قوارب الصيد البحري التقليدي بمنطقة “المهندس” وبوقانا وأركمان ومناطق أخرى من إقليم الناظور، ستتبدد له منذ الوهلة الأولى الصورة الجيدة التي رسمها المسؤولون في خطاباتهم ونشراتهم المدبجة بعبارات توهم أن البحارة العاملين ضحايا عدة أطراف، هم في وضع يحسدون عليه يراكمون المال، ليل نهار، ويعملون ويعيشون في ظروف حسنة!
فهذه الصورة التي حملناها في أذهاننا لمدة، سرعان ما تبددت على أرض الواقع، أثناء زيارتنا لعين المكان، فتحول معها ما قيل لنا وقرأناه، إلى ضرب من الوهم لا نجده إلا في الأوراق، أما الواقع الميداني فكان أصدق أنباء مما دبج وكتب من تقارير عن ظروف عمل وعيش هذه الفئة من المجتمع.
فقد تأكد لنا من خلال الزيارة الميدانية لمنطقة المهندس ضواحي قرية أركمان بالناظور والتي صادفت تواجد إحدى مراكب الصيد بالجر في وضعية صيد غير مشروعة إذ وجد بحارة مراكب الصيد التقليدي أنفسهم أمام هجوم شرس وممنهج من طرف بعض مراكب الصيد بالجر أربابها راكموا ثروات على حساب هؤلاء الضعفاء الذين طالبوا بمنع دخولها ، حفاظا على الزريعة والمخزون السمكي، واعتبروها نوع من الصيد الجائر على حد وصفهم كما أن ذات “جرافات” الصيد بالجر تقوم بتقطيع العشرات من شبابيك الصيد كما تقوم ببسط شباك كبير يدعى لدى أصحاب المهنة بالبوليتشي ذي مساحة كبيرة تقدر بـ 300 متر مما يؤثر سلبا على مستقبل الثروة السمكية كما يعمد أرباب هذه الجرافات إلى إطفاء ردار المركب كي لا يتم التقاط الإشارة ومن ثمة استحالة رصد التحركات وأماكن الصيد في ظل عدم وجود الرقابة من المسئولين علي المسطح المائي أو الرقابة علي مصانع ومحلات بيع صغار السمك الممنوع والمخالف لقانون الصيد .
مخالفات المراكب مستمرة ولا تفاعل مع شكاوي المتضررين
النهب.. السيزي.. التدمير.. الجر..مفردات تداولتها السن الصيادين ورددتها وسائل الإعلام ووصل صداها إلى الأوساط الشعبية والسياسية طيلة السنوات الماضية، شكاوى الصيادين الذين يلتقطون أرزاقهم من الاصطياد التقليدي لم تتوقف يوماً ومازالت حتى الآن على الرغم من أحاديث المسؤولين عن تدابير رادعة وفاعلة للحفاظ على الثروة السمكية والبيئة البحرية. إن الصيادون التقليديون يشتكون اليوم حسب تصريحات عدد من بحارة المنطقة ، من ممارسات بشعة تقوم بها مراكب الاصطياد بالجر “باريخا” والتي أدت إلى القضاء على الثروة السمكية وإلحاق الأضرار الفادحة بالبيئة البحرية ما يهدد باندثار هذه الثروة السمكية، ومعه تهديد الألاف بفقدان مصدر رزقهم.
شكاوى متكررة ومريرة
الصيادون المحليون التقليديون بالناظور يشكون بمرارة عن مخالفات جسيمة تقوم بها مراكب الصيد بالجر والتي تخالف القوانين المعمول بها خاصة بمناطق الجزيرة وأركمان والمهندس وبوقانا ببني انصار، حيث ولأشهر تم رصد عدة بواخر (كنموذج أنظر صور وفيديو )إذ تصطاد في أماكن قريبة من الشواطئ. وهي المسافات التي يحرم فيها الاصطياد بالجر بحسب النصوص القانونية والتي تفرض مسافة خمسة كلم على الأقل كأقرب نقطة من الشاطئ.. ويوضح الصيادون بأنهم يبادرون في الإبلاغ عن كل المخالفات التي يصادفونها إلى جهات الاختصاص، غير أنهم لا يتخذون أي إجراأت من شأنها الحد من ذلك العبث.
ويضيف الصيادون أن هذه الممارسات جعلت من البحر الذي كان مليئاً بالأسماك والأحياء البحرية حتى السنوات القليلة الماضية، يكاد يكون اليوم خالياً من هذه الأحياء. وهو ما يضطرهم للتوغل لنقط بعيدة . وهو الأمر الذي كبد الصيادين خسائر فادحة .
ويستمر التدمير في غياب تدابير صارمة
وتمارس سفن الاصطياد بالجر بحسب الصيادين تجريف مراعي الأسماك وتأتي على الأخضر واليابس إضافة إلى رمي الأطنان من الأسماك الميتة في البحر، حيث أن كل واحدة من هذه البواخر تقوم باصطياد نوع أو نوعين من الأسماك تم تقوم باختيار النوع المطلوب وإلقاء الباقي نافقة إلى البحر.
وعلى الرغم من بعض محاولات التقليل من الظاهرة، إلا أن أهل المهنة يؤكدون أن هناك مراكب الصيد بالجر تخالف القانون وتمارس في البحر أبشع أنواع الاصطياد (الجائر)، ويؤكدون بأن هناك حاجة ماسة لتفعيل دور قوات خفر السواحل لضبط المراكب المخالفة، وتلك التي تتسلل وتمارس الاصطياد الجائر خصوصا في ضل قلة التنسيق بين الجهات المعنية.
ولتدكير فقط وفي سابقة من نوعها في تاريخ الصيد البحري بالناظور و بشجاعة منقطعة النظير و بكل مسؤولية لحماية الثروة السمكية من الصيد الجائر، احال مامرة المندوب الإقليمي السابق للصيد بالناظور عدد من المراكب المخالفة،لكن هذا المندوب يبدو أنه لم يحذو حذوه خاصة وأنه لم يعود متواجدا حاليا على رأس المندوبية ـ يقول البحارة ـ ليبقى مستقبل بحارة الناظور في كف عفريت. وذلك في ظل تردي أوضاع الصيادين الذين حملوا للدرك ومندوبية الصيد المسؤولية في أسلوب مقاربتها لتنظيم القطاع، الذي يبين أنه تغيب عنه الرؤية الواضحة لتطبيق مخطط تهيئة وتدبير الصيد وطالبت بفتح تحقيق بهذا الخصوص
مستقبل غامض ومجهول
ويخلص متتبعون إلى أن مستقبل الثروة السمكية بالمنطقة موضوع حديثنا يحمل كارثة محققة إذا ما استمر هذا العبث والتدمير للثروة البحرية نتيجة عمليات الجرف والهدم التي تتعرض لها من قبل مراكب الاصطياد بالجر. ويؤكدون على أهمية اتخاذ تدابير رادعة ورسم سياسات واضحة لاستغلال هذه الثروة الهامة بطريقة سليمة ومستدامة .
وخلاصة القول أن حماية البحر من الصيد العشوائي بواسطة مراكب الجر ” الجرافات ” التي تعمل في أعماق 5 و 6 أمتار أمر يجب القطع معه والتعجيل بمحاربته سيما ان لسان الحال يقول بمنع الصيد في اقل من 35 مترا ، حيث كان لهذا الخرق للقانون تأثيرات سلبية كبيرة على الثروة السمكية و بالطبع على المحاصيل منها بما أنها تجر كل شيء يأتي في طريقها الأعشاب و القرنيط و ” عضام الحوت ” و كل أنواع الاسماك خاصة منها صغيرة الحجم و القابلة للنمو ، و ذلك باستعمالها لشباك ذات الفتحات الصغيرة و الضيقة 22و 23 مم وهو ما يتطلب الإنصات لهم من طرف المسؤولين و التعامل معهم و مع مطالبهم بالإيجاب.