رغم كونه أحد أبرز الموانئ الوطنية في مجال الصيد البحري، يعيش ميناء آسفي وضعًا بيئيًا وتنظيميًا مثيرًا للقلق، وسط مشاهد تتكرر يوميًا من الفوضى وتراكم النفايات، ما يطرح تساؤلات حقيقية حول فعالية التدخلات الرسمية وجدّية المراقبة.
فبين الأرصفة وداخل الحوض المائي، تتناثر القنينات البلاستيكية وبقايا الأطعمة وقشور الفواكه، مشكلة مشهدًا مشينًا لا يليق بواجهة يفترض أن تكون نظيفة، منظمة، وتُعبر عن دينامية اقتصادية وسياحية. وتحديدًا قرب المقهى المعروف بـ”طهور السردين”، والذي يعرف إقبالًا كبيرًا من الزوار والمتبضعين، تحوّل المكان إلى نقطة سوداء في سجل النظافة، حيث تختلط الحركة التجارية مع مشاهد الأزبال العائمة.
ورغم المجهودات المبذولة من طرف بعض الجهات المعنية بالنظافة والمراقبة داخل الميناء، إلا أن هذه التدخلات تبدو غير كافية، لوقف نزيف التلوث والفوضى، في ظل استمرار سلوكيات سلبية من بعض الزوار والبائعين الجائلين، الذين لا يترددون في رمي نفاياتهم في عرض البحر أو على الأرصفة، وسط غياب شبه تام لحملات التوعية والمراقبة اليومية.
عدد من المهنيين ومرتادي الميناء عبّروا في تصريحات متطابقة عن استيائهم من الحالة البيئية المتردية، معتبرين أن الأمر تجاوز حدود الإهمال، ليعكس فشلًا واضحًا في تفعيل القوانين البيئية، وتقصيرًا في العمل التوعوي الذي يُفترض أن يُغيّر من سلوك مستعملي الميناء.
من جانبهم، حذر نشطاء بيئيون من الانعكاسات الخطيرة لمجموعة من السلوكيات الشادة ، التي تتكرر بشكل روتيني في اوساط مستعملي الميناء بنختلف شرائحهم وإنتماءاتهم ، مهددة الوضع على الثروة السمكية والنظام البيئي البحري، حيث تؤدي النفايات النختلفة إلى تلويث مباشر لمياه الحوض، ما يُهدد بتراجع مردودية قطاع الصيد، ويُنذر بعواقب بيئية طويلة الأمد.
وفي ظل هذا الوضع، يُطالب فاعلون مدنيون ومهنيون بتفعيل مراقبة صارمة ودائمة، خاصة في النقاط التي تعرف فوضى واكتظاظًا. وتوفير حاويات أزبال ووضع نظام لفرز النفايات بأماكن استراتيجية داخل الميناء. مع تنظيم حملات تحسيسية متواصلة تستهدف المهنيين والبحارة و البائعين والزوار. والعمل على فرض عقوبات صارمة على كل من يساهم في تلويث الفضاء العام والإضرار بالبيئة.
ويبقى السؤال قائمًا، إلى متى سيبقى ميناء آسفي، بكل ما يزخر به من إمكانيات وفرص، أسيرًا لفوضى التسيير وسوء التعامل مع الفضاء البيئي؟ فمن سيتحرك بجدّية لوقف هذا النزيف البيئي قبل فوات الأوان؟