تعيش مدينة الدار البيضاء هذه الأيام على وقع تعبئة مكثفة واستنفار واسع في صفوف السلطات الولائية والجماعية، وذلك في إطار الاستعدادات الجارية للزيارة الملكية المرتقبة إلى العاصمة الاقتصادية للمملكة. وتكتسي هذه الزيارة أهمية خاصة بالنظر إلى الطابع الاستراتيجي للمشاريع المرتقب تدشينها، والتي تندرج ضمن الدينامية التنموية التي تعرفها المدينة.
ومن أبرز المناطق التي تشهد تحركا قويا، يبرز المركب المينائي للدار البيضاء، الذي سيحتضن عدداً من المشاريع الكبرى المنتظر تدشينها من طرف الملك محمد السادس. في مقدمة هذه المشاريع، يأتي ميناء الصيد البحري الجديد، الذي يُشكل لبنة أساسية ضمن استراتيجية النهوض بالقطاع البحري، إلى جانب المحطة البحرية التي تم توسيعها وتجهيزها لتستقبل السفن الكبرى وتواكب متطلبات النقل البحري الحديث. كما يشكل ورش بناء وإصلاح السفن نقطة تحول مهمة، باعتباره الأكبر من نوعه على مستوى القارة الإفريقية.
ويهدف هذا المشروع الضخم، بحسب ما أفاد به الموقع الرسمي للوكالة الوطنية للموانئ، إلى الاستجابة للطلب المتزايد على خدمات إصلاح السفن، في ظل ما يشهده هذا القطاع من ضغط كبير وتشبع في العرض، خاصة في مناطق كجزر الكناري. وبفضل تجهيزاته المتطورة وأرصفته المخصصة لتجهيز السفن، سيمكن الورش الجديد من بلوغ طاقة معالجة سنوية تصل إلى 22 وحدة في ما يخص الإصلاح الهيكلي، بالإضافة إلى ما بين 400 و700 باخرة بالنسبة للرافعات المجهزة بحبال قدرة رفعها تصل إلى 450 طناً، فضلاً عن إمكانية استقبال ست سفن متوسطة الحجم في الوقت نفسه على أرضية الرفع التي تبلغ طاقتها 5000 طن.
كما سيتيح هذا المشروع الطموح تدبيراً فعالاً لمختلف العمليات التقنية واللوجستيكية المرتبطة بإصلاح السفن، سواء من حيث تنظيم الدخول والخروج، أو تقليص مدد الإجراءات، أو تسريع وتيرة الإصلاحات، مع الحرص على تقديم واجهة موحدة وشفافة للخدمات. ومن المرتقب أن يوفر الورش عرضاً تنافسياً من حيث جودة الخدمات وتنوعها، وكذا من حيث الأسعار، بما يعزز من جاذبية الميناء كمركز إقليمي لصيانة السفن.
وقد تم تخصيص ميزانية تقدر بـ690 مليون درهم لإنجاز هذا المشروع، ما يعكس الرهانات الاقتصادية الكبرى التي تُعقد عليه، سواء على صعيد خلق مناصب الشغل، أو تعزيز التنافسية البحرية للمغرب، أو ترسيخ موقع الدار البيضاء كمحور إقليمي وعالمي في مجال الصناعات البحرية.