في ظل الانتعاش الملحوظ الذي تشهده مصايد الأخطبوط شمال بوجدور خلال المواسم الأخيرة، وما رافق ذلك من اعتراف رسمي تُوّج بتخصيص كوطا تفوق نظيرتها في الجنوب، تطرح الحاجة بإلحاح إلى تسريع إنجاز مخطط تهيئة شامل ومستقل للمصايد الواقعة شمال سيدي الغازي. هذا المخطط ينبغي أن يستند إلى معطيات علمية دقيقة، ، من أجل عقلنة استغلال هذا المورد الحيوي وضمان ديمومته على المدى البعيد.
ويرى العديد من المهنيين والمراقبين في قطاع الصيد البحري في هذا التوجه فرصة حقيقية لتجاوز مجموعة من الإشكالات البنيوية، التي طالما عانت منها المصايد الجنوبية، لاسيما الضغط الكبير المتزايد على مصيدة الأخطبوط جنوب سيدي الغازي، والاختناق المزمن الذي يشهده ميناء العيون خلال مواسم الذروة. كما من شأن هذه الخطوة أن تفتح آفاقاً واعدة أمام موانئ الوسط والشمال، التي تملك مؤهلات كبيرة لكنها لم تُفعّل بعد بالقدر المطلوب، ما يجعل من تطوير مصايدها مدخلاً لتحقيق تنمية محلية مستدامة.
ويأتي هذا النقاش في سياق الدينامية الجديدة التي باشرتها الوزارة الوصية خلال السنوات الأخيرة، والتي تستهدف إرساء نظام للتنطيق البحري يراعي خصوصيات كل منطقة، ويحد من التحولات الموسمية في جهد الصيد، والتي تؤثر سلباً على التوازنات البيئية والاجتماعية للمصايد. إذ إن تثبيت أنشطة الصيد داخل مجالاتها الأصلية، وفق تصور مجالي متجانس ومستند إلى القدرات البيولوجية للمخزون واستراتيجيات الأسطول، من شأنه أن يعزز العدالة في توزيع الجهود والكوطا، ويكرّس مبدأ الاستغلال المسؤول.
وتقف كتابة الدولة أمام لحظة حاسمة لصياغة تصور جديد للتدبير، يكرّس مبدأ الاستقلالية في التخطيط والتهيئة بين شمال وجنوب سيدي الغازي، بما يعكس الواقع الميداني، ويحمي المخزون من الاستنزاف، ويدفع في اتجاه تطوير اقتصاد محلي حقيقي مبني على استدامة المورد وعدالة التوزيع.
