مع تزايد وثيرة النداءات التي أصبحت تحملها مواقع التواصل الإجتماعي لتحفيز الهجرة السرية، يجد مهنيو الصيد البحري أنفسهم في مرمى شبكات تهجير البشر، حيث أن المهربين يعمدون إلى التحرش ببعض الأطقم البحرية وتقديم الإغراءات من أجل إختراق الأطقم، وإستمالتهم لتنفيد رحلات بحرية مشبوهة، أو المساهمة في سرقة بعض القوارب. وهو ما يطرح سؤال الثقة بين المجهز وطاقمه البحري، خصوصا وأن الوقائع تؤكد تورط عدد من قوارب الصيد القانونية إلى جانب بعض المراكب (وإن كان بشكل محدود) في الهجرة السرية.
وسجلت مجموعة من الموانئ المغربية إختفاء عدد من القوارب في السنوات الخمسة الاخيرة، والتي عادة ما يتم ربطها بفرضية السرقة، قبل أن تتورط ذات القطع البحرية، في أنشطة ممنوعة من قبيل الهجرة السرية ، حيث تم رصد بعض من هذه القوارب وهي تصل إلى الضفة الأوربية. فيما أكدت مصادر محلية أن إشكالية سرقة القوارب وإستعمالها في الأنشطة المشبوهة والممنوعة، تعد من التحديات الكبيرة التي تواجه مهنيي الصيد التقليدي بمختلف موانئ المملكة. حيث تطرح إشكالية الحراسة ودور السلطات المينائية في حماية القوارب، والسبل الكفيلة بمنع مثل هذه النوازل الغريبة ، التي تلحق أضرارا كبيرة بالمجهزين والأطقم البحرية على السواء.
وأبرزت ذات المصادر أن أصحاب القوارب يجدون أنفسهم بين مطرقة فقدان القارب المسروق، وضياع إستثمارات مهمة، ناهيك عن ضياع الكثير من أيام العمل ، ومطرقة المساءلة القانونية، خصوصا في مثل هذه الحالات التي تعرف إستعمال القارب في نشاط غير قانوني، حيث يخضع المجهز لتحقيقات على خلفية الإشتباه في مشاركته في تنظيم العملية، او بيع القارب لشبكات متخصصة وما يتطلبه ذلك من ترافع لرفع هذه الشبهة. فيما يرى آخرون أن إختفاء القوارب من الموانئ هو يثير الكثير من الشبهات حول طريقة تدبير هذه السرقات على مستوى الموانئ، حتى ان هناك من ينتصر لكون السرقات تتم بإتفاقات مسبقبة مع محسوبين على القوارب مقابل إغراءات مالية، ليتم التغطية على ذلك بسناريوها محبوكة تنتصر للسرقة. وهي إتهامات قلل منها فاعلون مهنيون في الصيد التقليدي. هؤلاء الذين أكدوا للبحرنيوز، أن مجهز القارب لن يغامر بإسمه وقاربه، الذي هو في غالب الأمر مصدر عيشه وأسرته، لينخرط في عمل مشبوه، درجة الخطر فيه مرتفعة للغاية، وتواجهه عقوبات قد تصل لسحب رخصة الصيد الخاصة به.
ونبهت ذات المصادر إلى أن هناك بالفعل شبكات تترصد للقوارب الكبيرة التي تتميز بأحجامها الكبيرة بالموانئ التي تعرف حركية مهمة، حيث أن القارب يصبح محط دراسة من طرف المهربين، لمعرفة كل تفاصيله وأماكن توقفه. كما يتم رسم خطط وتكتيكات لإختراق طاقم القارب، لأن عادة من يقوم بالسرقة، هو الشخص الذي ألفته الأعين على ظهر القارب أو قريب من محيطه. فتصبح عملية تعويم القارب والإبحار به من طرف هذا الشخص، لا تدعو للشك والريب، وهو ما يؤكد نجاح مجموعة من عمليات السرقة، التي تطال هذا النوع من القوارب بالموانئ. خصوصا بالأحواض التي تعرف إصطفاف المئات من القوارب. وهي معطيات تسائل يقظة السلطات المينائية، في التعاطي مع مثل هذه الممارسات التي تروع الوسط المهني، بإعتبارها تعد من التحديات الكبيرة والحقيقية، التي تواجه مهنيي الصيد التقليدي بمختلف موانئ المملكة. حيث تطرح إشكالية الحراسة ودور السلطات المينائية في حماية القوارب، والسبل الكفيلة بمنع مثل هذه النوازل الغريبة، التي تلحق أضرارا كبيرة بالمجهزين والأطقم البحرية على السواء.
وتضيف المصادر أنه وفي حالة ضبط القارب المسروق، وحجزه، فإن ذلك يستدعي استصدار حكم من المحكمة، من أجل استرجاع القارب، وهي عملية تتطلب فترة طويلة. بل حتى وفي حالة حصول المجهز على البراءة من شبهة تهريب البشر وإقرار فعل السرقة، فإنه يصطدم بقرار بعض السلطات الولائية التي تمنع تجديد رخص القوارب التي تورطت في الهجر. وهو ما يشكل ضربة قاضية للمجهزين من جهة كما تضيع معه الكثير من فرص العمل. الأمر الذي يجعل من مثل هذه الوقائع، خسارة يتحملها المجهز بالدرجة الأولى، في غياب تأمين حقيقي يضمن له التعويض عن هذه الخسارة. خصوصا وأن إدارة الصيد تمنع الترخيص لبناء القوارب المفقودة وفق مصادر مهنية، لإغلاق الباب أم أي تجاوزات من قبيل تفويت القوارب لشبكات التهريب بإتفاقات مسبقة، والتصريح بالسرقة أو الضياع في أفق إستصدرا رخص لإعادة البناء.
إلى ذلك تحاول بعض مندوبيات الصيد البحري فرض تدابير صارمة على مراكب السردين، من خلال دفعهم إلى رفع القوارب المرافقة فوق سطح المراكب فور عودتهم إلى ميناء المدينة، لتفادي تعرضها للسرقة، فيما يتم إلزام أرباب قوارب الصيد التقليدي أيضا، بإزالة محركات القوارب التقليدية فور عودتها من رحلات الصيد ، وتثبيت القوارب جيدا، بالإضافة إلى ضرورة تبليغ السلطات عن ما يمكن أن يفيد بوجود عملية غير شرعية، أو محاولة سرقة معدات الصيد. فيما يطالب الفاعلون المهنيون بإبداع طرق جديدة لمراقبة تحركات القوارب، وإظهار مساراتها، مع التأكيد على ضرورة تغطية أرصفة القوارب بكاميرات المراقبة، لرصد مختلف التحركات، وهي إسترتيجية تم الإهتداء إليها بالفعل من طرف بعض التعاونيات البحرية بالموانئ.