واقعة مركب الصيد “التقدّم” تسائل منظومة السلامة البحرية والإنقاذ !

0
Jorgesys Html test

شهد ميناء الجرف الأصفر وصول مركب الصيد “التقدم” إلى بر الأمان بعد معاناة دامت لأيام نتيجة عطل تقني أصابه قبالة الميناء، ما جعل طاقمه يواجه ظروفًا صعبة وسط البحر. الحادثة، التي كادت أن تتحول إلى كارثة، أظهرت مجددًا هشاشة منظومة السلامة البحرية القطاعية في المغرب وحاجتها لإصلاح جوهري، لاسيما وان الواقعة أثارت حالة من القلق والترقب تولدت عنها الكثير من التساؤلات حول جاهزية الجهات المعنية للتعامل مع مثل هذه الأزمات.

فكما هو الحال في العديد من الحوادث المماثلة، أثبت المهنيون مرة أخرى،  أن التضامن بينهم هو الركيزة الأساسية لإنقاذ المراكب ومعها الأرواح في البحر. إذ أن تدخل أهل القطاع وتنسيقهم كان له الدور الأكبر في إنقاذ المركب وطاقمه، في غياب تدخل فوري ومنظم من الجهات المختصة. إذ تعيد هذه الحادثة تإلى الواجهة واقع السلامة البحرية، الذي لا يزال يعاني من تأخر في التحديث وغياب التدخلات الإستباقية.

فرغم أن قطاع الصيد البحري يعد من القطاعات الهامة في المغرب بما يحيط به من مخاطر على مستوى مزاولة مهنة الإبحار، ، تبقى السلامة البحرية بحاجة إلى تطوير جذري. فغياب أسطول إنقاذ مجهز، ونقص فرق التدخل السريع، بالإضافة إلى تقادم بعض المعدات المستخدمة، كلها عوامل تجعل الحوادث البحرية أكثر خطورة.

وعبر نشطاء على مواقع التواصل الإجتماعي عن تدمرهم  الشديد حيال هذه الوضعية ، مبرزين أن قطاع الصيد البحري ومعه باقي الجهات المتدخلة،  يجب أن يتحمل مسؤوليته في مواكبة مراكب الصيد التي تواجه صعوبات تقنية، لأن الأعطال تعد مقدمة لوقوع حوادث بحرية، وهو ما يفرض التعاطي بنوع من الإستباقية مع نداءات ربابنة الصيد، التي عادة ما تطلب المساعدة عبر جهاز الراديو للإنجاد، حتى أن غرف الدردشة المغلقة على موقع التواصل الإجتماعي “واتساب” أصبحت بقدرة قادر فضاء مفتوحا لتقديم نداءات الإستغاثة، التي تصبح موجهة من الربابنة لزملائهم قصد التدخل. وهو ما جعل بعض المتتبعين يتساءلون عن أدوار الجمعيات المسيرة لصناديق الإنقاذ على مستوى الموانئ، وقبلها المصالح المتخصصة على مستوى مندوبيات الصيد البحري، إن لم تكن صاحبة المبادرة في إيجاد حلول،  تضمن سلامة القطع البحرية ومعها العنصر البشري المكوّن للأطقم البحرية .

ويستبق المتدخلون الإصلاحات التي من المنتظر أن يعرفها ورش السلامة والإنقاذ البحري في قطاع الصيد في ظل الجهود المبدولة لعصرنة أسطول خوافر الإنقاذ ، بتوصيات تدعو لتعزيز إمكانيات وتجهيزات التدخل والإنقاذ، لتتوسع نحو توفير خوافر قوية، قادرة على تقديم المساعدة للأطقم وكذا القطع البحرية، كما أن مجهزي المراكب باتوا مطالبين اليوم بنقاش ملفات التأمين التي يتم تجديدها كل سنة، من خلال الإصرار على توفير خدمات تفضيلية تحفز المجهزين بما في ذلك التدخل في مثل هذه الحالات الإستثنائية، وإلا ما الغاية من شواهد تأمين تقدم مع بداية كل موسم لتحصيل رخصة الصيد ، فالقطاع أصبح مطالبا بتعزيز جاذبيته ، وفتح الباب أمام الإرتقاء بالمشهد المهني، بنقاش واقعي وجاد لوضع النقط على الحروف، بخصوص الخدمات التي توفرها هذه المؤسسات التأمينية والتي تلتهم جانبا هاما من مداخيل مهنيي الصيد.

يذكر أن واقعة مركب “التقدم” ليست سوى واحدة من بين العديد من الحوادث،  التي تتكرر بين الفينة والأخرى، مما يفرض على الدولة إعادة النظر في استراتيجيات السلامة البحرية. ويتطلب ذلك استثمارات جادة في البنية التحتية، وتعزيز وسائل الإنقاذ، وتوفير برامج تكوينية للصيادين والمهنيين حول إجراءات السلامة، بالإضافة إلى إنشاء مراكز مراقبة بحرية قادرة على التدخل الفوري عند وقوع أي حادث. حيث يبقى الأمل معلقًا على تحرك حقيقي من الجهات الوصية لتفادي تكرار مثل هذه الحوادث. فالاعتماد فقط على التضامن بين المهنيين لا يمكن أن يكون الحل الدائم، بل يجب أن تكون هناك منظومة سلامة بحرية متكاملة، تحمي أرواح العاملين في البحر، وتضمن استمرارية هذا القطاع الحيوي الذي يشكل جزءًا هامًا من الاقتصاد الوطني.

Jorgesys Html test

أضف تعليقا

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا